الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هيئة قضايا الدولة.. تاجٌ على جبين العدالة

هيئة قضايا الدولة.. تاجٌ على جبين العدالة

هيئة قضايا الدولة.. هيئة قضائية مستقلة، تمثل النيابة القانونية عن الدولة؛ بسلطاتها قاطبة أمام جهات القضاء، فى الداخل والخارج (تاجًا على جبين العدالة) .. لتكون ملاذًا آمنًا .. وحائطاً قانونياً منيعاً، لاستيداء حقوق الدولة من جانب، ومواجهة الاعتداء على المال العام، وحماية مصالح الشعب المصرى، من جانب آخر..وهى فى كلا الجانبين أثبتت.. وتؤكد دومًا .. تاريخها التليد وحاضرها المجيد.  



وتعد هيئة قضايا الدولة أعرق الهيئات القضائية من حيث النشأة، فيضرب تاريخها فى الجذور إلى عام 1875 ميلادياً، حين أنشئت تحت اسم (لجنة قضايا الحكومة) بموجب فرمان أصدره نوبار باشا آنذاك.. وينظم هيئة قضايا الدولة؛ القانون رقم 75 لسنة 1963 فى شأن إدارة قضايا الحكومة، ثم صدرت بعد ذلك عدة قوانين بتعديل بعض أحكامها، أهمها القانون رقم 10 لسنة 1986 الذى عدَّل اسم إدارة قضايا الحكومة إلى اسمها الحالى «هيئة قضايا الدولـة». 

وقد كانت ثمة اختصاصات لقضايا الدولة منذ إنشائها، ثم اختصت بها هيئات قضائية تالية لها؛ منها – على سبيل المثال - اختصاص الفتوى والتشريع ومجلس التأديب، وهذه الاختصاصات نُقلت لمجلس الدولة عند إنشائه عام 1946، ومنها كذلك إعداد وصياغة ومراجعة العقود (ثم عاد لها جزئيًا عام 2019)، كما كان من اختصاص قضايا الدولة التحقيق مع كبار موظفى الدولة فيما يُنسب لهم من مخالفات، وهذا الاختصاص نُقل إلى هيئة النيابة الإدارية منذ تأسيسها عام 1956.

وفضلا عن اختصاصاتها المحددة قانونًا، فقد تم تأكيد واستحداث اختصاصات جديدة لهيئة قضايا الدولة فى التعديلات الدستورية عام 2019، شملتها جميعًا  المادة 196 من الدستور، بأن تنوب عن الدولة فيما يُرفع منها أو عليها من دعاوى، وفى اقتراح تسويتها ودياً فى أى مرحلة من مراحل التقاضى، والإشراف الفنى على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإدارى للدولة بالنسبة للدعاوى التى تباشرها، بالإضافة أنها تقوم بصياغة مشروعات العقود التى تُحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفاً فيها.

ويتمتع مستشارو هيئة قضايا الدولة طبقاً لأحكام قانون تنظيم الهيئة بالحصانة القضائية التى تمكنهم من أداء مهامهم فى حيدة وتجرد، وعلى رأس هذه الضمانات عدم القابلية للعزل وعدم جواز القبض على أى منهم فى غير حالات التلبس إلا بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها قانوناً ؛ كما أنهم يتمتعون كما غيرهم من أعضاء الجهات والهيئات القضائية بكل المزايا المادية والمعنوية الممنوحة للهيئات القضائية.

وقد تتابع على رئاسة هيئة قضايا الدولة، قامات قانونية وقضائية فذة، علمًا وخُلُقًا، فيأتى اسم الدكتور عبد الحميد باشا بدوى كأول رئيس مصرى لقضايا الدولة تحت اسم قلم قضايا الحكومة منذ عام 1926، وحتى عام 1940، وكان ضمن أعضاء الوفد المصرى فى مؤتمر مونترو المتعلق بإلغاء الامتيازات الأجنبية فى مصر، وهو المؤتمر الذى انتهت أعماله بمعاهدة مونترو 1937 التى حققت استقلال القضاء المصرى، ومن بعده تولى رئاستها أعلامٌ خلدوا أسماءهم وأعمالهم الوطنية فى ذاكرة التاريخ القضائى المصرى المشرف. 

والرئيس الحالى لهيئة قضايا الدولة هو معالى المستشار الجليل الدكتور (والشاعر كذلك) أبوبكر الصديق، وهو رقم 37 منذ أول رئيس مصرى؛ والذى يعد - وبحق - إحدى أهم أيقونات القضاء المصرى الشامخ، بما يستم به؛ خبرةً متميزةً، وأدبًا جمًا، وخلقًا رفيعًا، لأكثر من 47 عامًا فى ساحات العدالة والحياة القانونية، وقد تشرفت بلقائه مؤخرًا - فى عدة زيارات علمية - للاتفاق والتنسيق لإعداد كتاب توثيقى عن هيئة قضايا الدولة، يصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى موسوعة الثقافة القانونية التى أتولى الإشراف العام عليها. 

وكم كانت سعادتى بالغة أن أتابع – بدقة بالغة - مراحل إعداد الكتاب مع الزميل والصديق الباحث المجتهد المستشار محمد عبدالعال، نائب رئيس الهيئة.. والذى لم يكل ولم يمل من ملاحظاتى وتعقيباتى (المتكررة).. وذلك إدراكًا لحسن القصد بخروج الكتاب فى أبهى صورة.. يحكى قصة هيئة قضايا الدولة.. تاجًا على جبين العدالة فى مصر المحروسة.

وبالقانون تحيا مصر