الشطرنج وأوراق اللعب 2-2
كم الانكشاف الذى أتاحته أدوات عصر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبح مهولا وخطيرا أيضا...لا يكفى أن نتحدث عنه كأمر واقع لا فكاك منه فنحن نساهم فى هذا الأمر بصورة كبيرة...نتبرع بكم كبير من المعلومات المجانية عن أنفسنا وأهلنا وأبنائنا وأصدقائنا...إلخ.
أتعجب لماذا يقوم الكثيرون منا بتصوير طبق الطعام الذى سنتناوله فى المطعم قبل الأكل كما نقوم بوضع صور لنا ولأبنائنا على شاطئ البحر...نقوم بالإفصاح عن طبيعة عملنا ومناصبنا كما نقوم بعمل تسجيل لموقع تواجدنا الآن سواء أكان هذا الموقع للتسلية أوللعمل أوحتى موقع المنزل أو مستشفى العلاج.
وإن كان يحق لنا أن نفعل ذلك ببيناتنا إلا أنه لا يحق أن نفعل ذلك ببيانات أطفالنا لعدة أسباب منها أن بيانات الأطفال أصبحت مصنفة كبيانات حساسة طبقا لقانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 الصادر فى يوليو2020.
أتذكر النصائح القديمة التى كان يرددها الأهل على مسامعنا كلما قمنا بالخروج لابتياع حاجات الأسرة من السوق القريب....لا تكلم أحدا لا تعرفه...احترس ولا تستجيب له حتى إن قال لك إنى صديق والدك وطلب منك الذهاب معه لمقابلة الوالد ناهيك بالطبع من التشديد بعدم أخذ أى حلوى أوعصائر من هؤلاء الغرباء.
الآن الآمر أصبح أكثر خطورة والرقابة أصبحت أقل حدة بكثير...ماذا لوقابل أحدهم ابنك فى الطريق وتحدث إليه عنك وعن طبيعة عملك وعن آخر رحلة قمتم بها إلى شاطئ البحر...حدثه عن اسم أمه واسم أبيه وشكل المنزل من الداخل واسم المدرسة التى يذهب إليها واسم زملاء الدراسة وما يقومون به من أنشطة مشتركة...هل سيستمر ابنك فى حذره أم سيستسلم لهذا الشخص الذى يعرف عنه الكثير ؟
قولك ووضعك لصور عائلية على شاطئ البحر قد تعطى معلومة لأحد لصوص المساكن لينفرد بمنزلك ثم يقوم بالسطوعليه وأنت على بعد مئات الكيلومترات تلهو فى حمام سباحة أوتستلقى على الرمال الساخنة تستمع إلى فيروز « نسم علينا الهوى» فى لذة واستمتاع.
كم هومرعب هذا الأمر...أن تعرف أن شخصا أوجهة ما يعرفون عنك ربما أكثر مما تعرف عن نفسك ويستطيعون تحليل تحركاتك ولديهم توقعات لما ستقوم به خلال الأسبوع أوالشهر القادمين.
وللإجابة عن السؤال الذى يدور برأسك الآن فإن الوعى هوالحل...الوعى لتلك الأدوات وخطورتها ومن ثم ضرورة التحرك والعمل على منع تلك الممارسات تماما ...القليل من الحذر مطلوب.
من الأمور الأخرى التى لمسناها مؤخرا هوارتباط هذا الإفصاح بوقوع حوادث وربما حالات وفيات منها الحادث الذى أودى بحياة أحد الطلاب المتفوقين فى الثانوية العامة الأخيرة.
استعير جملة أحد الأصدقاء والتى يشير فيها إلى أن الإنترنت يشبه تماما قيامنا بتغيير ملابسنا فى غرفة زجاجية مطلة على ميدان التحرير.
