الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أدب الهولوكوست بين التوثيق والافتراء

أدب الهولوكوست بين التوثيق والافتراء

لعل من المجحف أن نشكك بشكل كامل فى عملية الإبادة الجماعية التى تعرض لها اليهود فى الحرب العالمية الثانية على يد النازيين أو ما يعرف بالرايخ الثالث بقيادة هتلر.. إلا أنه ليس من الحكمة أن نصدق كل المصادر التى تصف لنا بشاعة الهولولكست فى هذه الفترة فبعضها حقيقى لا يشوبه اى شك.. وبعضها يخلط بين الحقائق وبعض المغالطات الشائعة.. وهذا النوع ايضا يمكن أن نأخذ به.. وبعضه مزيف بنسبة تفوق 80%.. لكن الغريب أن هذه الأنواع الثلاثة التى تصف لنا هذه الوقائع الدموية للإبادة الجماعية لليهود فى أوروبا أخرجت لنا نوعا جديدا فيما نستطيع أن نسميه – أدب الهولوكوست – وهو مجموعة ضخمة من المؤلفات والمذكرات والحكى الخيالى الذى تم نسجه على وقائع الهولوكوست الضخمة والمتشعبة أحيانا تعبر عن تجارب شخصية يحكمها الخيال بشكل مبالغ فيه وأحيانا تجارب شخصية تحاول خلق عالم واقعى من حوادث متضاربة أو من ذكريات مضطربة ومشوشة. 



من بين حكايات الهولوكوست الأكثر تجارية والأكثر مبالغة هى حكاية آن فرانك والتى اصبحت وكأنها من مسلمات حواديت الهولوكوست نتيجة للبروباجندا الضخمة التى حظيت بها.. ونحن بالطبع لا ننكر وجود شخصية آن فرانك لكننا نقف عند تفنيد حكايتها بشكل موضوعى لنحاول أن نصل أكثر للب ما يعرف بأدب الهولوكوست. 

ولدت آناليزا مارى فرانك والشهيرة بآن فرانك فى فرانفكورت بألمانيا فى 12 يونيو عام 1929 لأب تاجر ورجل أعمال شهير يهودى وهو أتو فرانك الذى ذاع صيته فيما بعد بسبب ابنته والذى أنجب من والدتها إيديث هولندر (ايديث فرانك) ابنتين هم آن ومارجوت.. نشأت آن فى كنف والدها حتى صعود الحزب النازى لسدة الحكم وتحولة لأضطهاد اليهود مما دفع والدهم أوتو فرانك أن يرحل إلى امستردام حيث عاشت الأسرة لكنهم فى عام 1942 أضطروا للأختفاء فى حجرة داخل أحد الشقق المملوكه لأسرة هولندية وعاشوا فترة سنتين يتنقلون بين ثلاثة أماكن فى أمستردام للاختفاء  بحسب رواية أوتو فرانك نفسه وهى الفترة التى من المفترض أن آن فرانك بدأت فى كتابة مذكراتها الشهيرة أيضا ، حتى تم القبض على الأسرة فى 4 اغسطس 1944 وحيث قضت آن فرانك شهورها الأخيرة فى معسكر أوشويتز للإبادة فى بولندا وتوفيت بعد نقلها لمعسكر برجن – بولسن للنساء بفترة وجيزه هى وأختها مارجوت بعد أن ضرب وباء التيفوس المعسكر وقتل أعداد هائلة من سكان المعسكر.

وإلى هنا انتهت الشواهد التاريخية لآن فرانك.. لكن فى الواقع نجى أوتو فرانك من النازيين وفجأه فى عام 1952 تسربت أخبار أن أوتو فرانك يستعد لنشر مذكرات ابنته التى كتبتها فى فترة اختفاء الأسرة فى أمستردام.. وبمجرد نشر المذكرات باللغة الألمانية أنتشرت حكاية آن فرانك أنتشار النار فى الهشيم حتى أصبحت وكأنها قديسة من قديسات العصر الحديث.. وأنهالت عروض النشر والترجمه على رجل الأعمال أوتو فرانك الذى كان قد عاد لمسقط رأسه فى فرانكفورت وبدأ فى تجارة البروباجندا بأسم آبنته ضحية الهولوكوست وقديسة العصر الحديث الجديدة.. على الرغم من أنه فقد أيضا ابنته مارجوت وزوجته إديث إلا أنه بدا غير مهتم إلا بإرث ابنته الصغيرة آن والذى ظهر فجأه بعد سبع سنوات من وفاتها فى برجن بولسن بالتيفوس ، ترجمت المذكرات لأكثر من 30 لغة بما فيهم العربية والتى مولت ترجمتها مؤسسة ياد فاشيم نفسها والمشرفه على حفظ تراث الهولوكوست وبمساعدة مستترة من هيئات الأمم المتحدة ، وزعت الترجمة الإنجليزية 4 ملايين نسخة فى سنة واحدة وربح أوتو فرانك أكثر من 60 مليون دولار فى غضون عشر سنوات بل تحولت عدة مرات إلى فيلم سينما ودراما تليفزيونية وأفلام وثائقية آخرها كان هذا العام من أنتاج شبكة نتفلكس فيلم تذكارى بين الدرامى والوثائقى وأنتدبت له أعظم ممثلات أنجلترا وهوليوود قاطبة وهى الممثلة الشهيرة (ليدى – هيلين ميرين) والتى قامت بدور الرواى فى الفيلم.. 

كانت مذكرات آن فرانك هى إحدى أهم وثائق البروباجندا التجارية للهولوكوست لكن بالطبع كان أوتو فرانك على موعد مع فضيحة كبيرة هزت ألمانيا فيما بعد.. لكنها تم التكتم عليها بجهود جبارة من اللوبى اليهودى ومؤسسات أرشيف الهولوكوست المتعدده وبدأت خيوط الفضيحة تظهر شاحبة بداية من أواخر الستينيات حينما ذهب أوتو فرانك لنيويورك ليكلف صحفى أمريكى شهير يدعى ماير ليفين ليكتب سيناريو مستند على مذكرات آن فرانك التى يعتبرها أوتو فرانك الدجاجة التى تضع له بيضة ذهبية كل يوم.. وبالطبع طلب ليفين الاطلاع على النسخة الأصلية المكتوبة بخط آن فرانك نفسها ولما سلمها له أوتو فرانك وبعد بحث أكتشف ليفين تضارب كبير فى المذكرات وأحداث كثيرة تشكك فيها بشكل شبه قاطع ولما واجه والدها بذلك أراد أن يتنصل من أتفاقه مع ليفين والذى كان قد بدأ بالفعل فى كتابة سيناريو الفيلم لكن أوتو اراد الهرب وعدم دفع اى تكاليف لليفين.. لكن ليفين لجأ للمحكمه والتى حكمت له ب 50 الف دولار تعويض وأضطر أوتو دفعها صاغرا حتى لا يثير ليفين فضيحة من شأنها أن تذبح دجاجته السحرية  أى المذكرات ، 

فى هذه الفترة كانت ألمانيا ونتيجة شعورها بالعار والدمار الذى خلفه هتلر والهولوكوست كانت قد أطلقت العنان لليهود فى جناباتها حتى أنهم استقدمو صائدى رؤوس النازيين الهاربين من رجالات الموساد فى إسرائيل والذين لا يزالون يعيثون فسادا فى أوربا كلها ، ومن ثم كان كل من ينكر أو يشكك فى اشياء مثل مذكرات آن فرانك أن يجر علانية إلى المحكمة ويتم سجنه ويدفع تعويضا باهظا.. وهذا ما فعلى أوتو فرانك عدة مرات حينما تم التشكيك فى المذكرات من قبل بعض الألمان.. بل وكان القضاه يعتبرون أن مذكرات آن فرانك هى أنجيل الهولوكوست المقدس كما قالت نصا احد القضاه فى محمة فرانكفورت.. لكن هناك من بحث ومحص المذكرات وكان واثقا تمام الثقه ان المذكرات محض قصة مختلقة.. وهو العقيد السابق فى الجيش الأمانى أرنست رومير والذى قاضاه أتو فرانك فى هامبورج وطلب رومير تشكيل لجنة خبراء لفحص النص الأصلى عام 1976 لكن اللجنة وتحت ضغوط وكثيرة وفى غياب تقنيات البحث الجنائى أكدت ان المذكرات أصلية وأنها بيد آن فرانك.. لكن رومير الواثق من خبرته فى الوثائق والتحليل طلب الأستئناف للمرة الثالثة وكان ذلك عام 1978 لكنه هذه المره طلب تشكيل لجنة أطباء شرعيين ومحققين من هيئة بوندس-كريمينال-آمت وهى البوليس الفيدرالى الألمانى وبعد عامين من الأبحاث والفحص خرجت اللجنة بتأكيد أن مذكرات آن فرانك الشهيرة مزيفة مائة بالمائة والسبب فى ذلك كان سببا خطيرا وقاطعا وهو أن المذكرات كتبت باستخدام قلم Ball Point Pen  اى قلم السن ذو البلية أو الكرة وليس قلم حبر وهو لم يتم أنتاجه قطعا قبل عام 1951 أى أن المذكرات كتبت بعد موت آن فرانك بست سنوات على الأقل وصدر حكم المحكمة بأتهام رجل الأعمال اليهودى أوتو فرانك بتزييف مذكرات أبنته وخداع الرأى العام والتكسب بالنصب والاحتيال وصدر الأمر بالقبض عليه وأحضارة للمحكمة فى 25 يوليو عام 1980 ، لكن السلطات بدأت أجرآت القبض عليه فى أواخر أغسطس من نفس العام ولكن لحسن حظ أوتو فرانك انه قد رحل عن الدنيا قبل ذلك بأيام حيث توفى فى بازيل بسويسرا فى 19 أغسطس 1980.

نشر الحكم فى القضية مع تحقيق شامل فى جريدة دير شبيجل الألمانية 1980 ولكن ظل اللوبى الصهيونى ومؤسسات البكاء على أطلال الهولوكوست تقوم بالتعتيم على الخبر وقرار المحكمه بل ووفاة أوتو فرانك ذاته.. والنتيجة أن مذكرات آن فرانك المزعومه مازالت تعامل على أنها أحد أناجيل الهولوكوست ومسلماته.. ومازلت عائلة آن فرانك أومازال منهم على قيد الحياة يستغل أكذوبة مذكرات آن فرانك للكسب والشهرة فمنذ عدة سنوات نشرت إيفا شولتز وهى أبنة زوجة أتو فرانك.. أصدرت إيفا كتابها الشهير after Auschwitz  والذى يتحدث عن تجربة أسرتها فى معسكرات الأبادة النازية.. وعلى الرغم من أن كتابها لا غبار عليه فهو تاريخ حياتى جيد وفيه الكثير من الصدق إلا أنها شفعت أسمها على غلاف الكتاب بلقب – أخت آن فرانك.