د. منى فتحى حامد
معجزة انتصارات حرب أكتوبر المجيدة
سميت الحرب فى مصر حرب السادس من أكتوبر تيمناً بالشهر الميلادى الذى نشبت فيه الحرب أو حرب العاشر من رمضان تيمناً بالشهر الهجرى الموافق لنفس التاريخ…
وتعرف الحرب فى سوريا باسم حرب تشرين التحريرية تيمناً بالشهر السريانى الموافق لتاريخ الحرب. فيما تعرف الحرب فى إسرائيل باسم حرب يوم الغفران…
وقد كانت إسرائيل تحتل شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التى كانت تحت الحكم الأردنى وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكرى مصرى. عام 1973 قرر الرئيسان المصرى أنور السادات و السورى حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التى خسرتها الدولتان فى حرب حرب 1967..
ثم تم الاتفاق على أن يكون يوم 6 أكتوبر هو يوم عبور خط بارليف، وهو سد ترابى أنشأه الإسرائيليون على الضفة الشرقية لقناة السويس، بهدف منع عبور أى مركبة برمائية من القناة إلى الضفة الشرقية…
حينما تولى السادات منصب الرئاسة عام 1970 لم تكن القيادة العسكرية المصرية تمتلك خططاً عسكرية لمهاجمة القوات الإسرائيلية، والتى تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة منذ حرب 1967.. ثم بدأ الإعداد للخطط الهجومية المصرية عقب تولى الفريق سعد الدين الشاذلى منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والذى بدأ مهام عمله بدراسة الإمكانيات الفعلية للقوات المسلحة المصرية ومقارنتها بالمعلومات المتاحة عن قدرات الجيش الإسرائيلى وذلك بهدف الوصول إلى خطة هجومية واقعية تتماشى مع الإمكانيات المتاحة للقوات المصرية فى ذلك الوقت…
وقد عملت هيئة عمليات القوات المسلحة منذ تكليف السادات للقوات المسلحة بالاستعداد للحرب، على أن يتم تحديد أنسب التوقيتات للهجوم،وذلك بناءً على عدة عوامل منها الموقف العسكرى الإسرائيلى وحالة القوات المصرية والمواصفات الفنية للقناة من حيث حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه والأحوال الجوية، وذلك بهدف تحقيق أفضل الظروف للقوات المصرية وأسوأها للقوات الإسرائيلية، مع مراعاة أن يناسب التاريخ الجبهة السورية أيضاً...
وكان أفضلها شهر أكتوبر 1973
** لعدة أسباب منها :
أنه أفضل الشهور بالنسبة لحالة المناخ على الجبهتين المصرية والسورية، كما تجرى فيه الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التى تجذب لها أفراد الشعب، وبعد دراسة العطلات الرسمية فى إسرائيل, حيث تكون قواتها المسلحة فى أقل استعداداتها وُجد أن يوم السبت - عيد الغفران - 6 أكتوبر 1973 م - 10 رمضان 1393 هـ هو الأنسب لأنه اليوم الوحيد فى السنة الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث، مما سيتطلب إسرائيل وقتاً أطول لاستدعاء الاحتياطى الذى يمثل القاعدة العريضة لقواتها المسلحة..
وفى يوليو 1972 اجتمع الرئيس السادات مع رئيس المخابرات العامة ومدير المخابرات الحربية ومستشار الأمن القومى والقائد العام للقوات المسلحة لوضع خطة خداع استراتيجى تسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجى والتسليحى الإسرائيلى عن طريق إخفاء أى علامات للاستعداد للحرب وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة إجهاضية للقوات المصرية فى مرحلة الإعداد على الجبهة، واشتملت الخطة على ستة محاور رئيسية تضمنت إجراءات تتعلق بالجبهة الداخلية، إجراءات تتعلق بنقل المعدات للجبهة، إجراءات خداع ميدانية، إجراءات خداع سيادية، تأمين تحركات و استعدادات القوات المسلحة، توفير المعلومات السرية عن القوات الإسرائيلية وتضليلها..
تمام الساعة 14:00 من يوم 6 أكتوبر 1973 نفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة، وعبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لتفادى الرادارات الإسرائيلية. واستهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات و المدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف و مصاف البترول ومخازن الذخيرة..
بعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأت المدفعية المصرية قصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقى للقناة لإغلاق الأنابيب التى تنقل السائل المشتعل إلى سطح القناة، ثم توقفت المدفعية ذات خط المرور العالى عن قصف النسق الأمامى لخط بارليف ونقلت نيرانها إلى العمق, حيث مواقع النسق الثاني، وقامت المدفعية ذات خط المرور المسطح بالضرب المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها..
فى السابع من أكتوبر أنجزت القوات المصرية عبورها لقناة السويس وأصبح لدى القيادة العامة المصرية وتحطمت أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر. وخلال هذا اليوم واصلت القوات المصرية بتوسيع رءوس كبارى فرق المشاة وسد الثغرات بينها وبين الفرق المجاورة داخل كل جيش. فيما قامت القوات الخاصة وقوات الصاعقة بتنفيذ ضرباتها المحمولة جواً بمؤخرة القوات الإسرائيلية مما أرغمه على التحرك ببطء وحذر.، كما تم تحسين الموقف الإدارى للقوات لإعطائها دفعة قوية لمعاركها التالية.…
ونجحت مصر بمنظومة الدفاع الجوى المصري، وتحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة الضفة الغربية للقناة، وتنفيذ عدة عمليات لعبور الشاطئ الشرقى للقناة داخل عمق سيناء.
عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة فى الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت داخل سيناء..…
انتهت الحرب وقد حقق الجيش المصرى هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، والتى نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضى التى سيطرت عليها فى حرب أكتوبر.