الجمعة 19 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
د.طه حسين وكامل الشناوى والأغانى!

د.طه حسين وكامل الشناوى والأغانى!

كان عميد الأدب العربى د.طه حسين من يتحدث فى الإذاعة، وكان موضوع حديثه الإذاعى عن الشاعر الكبير إسماعيل صبرى وأشاد إلى ما فى شعره من رقة وعذوبة وجمال، وتمنى د. طه حسين لو أن الملحنين المصريين التفتوا إلى هذا الشعر وجعلوا منه مقطوعات غنائية تحل محل السخف الذى نسمعه كثيرًا أو قليلاً فى هذه الأيام.



شاءت الصدفة أن يكون الشاعر الكبير «كامل الشناوى» من بين الذين استمعوا لحديث د.طه حسين فأوحى إليه بكتابة مقال رائع عنوانه «لغة الأغانى» قال فيه: ليس الدكتور طه وحده بالثائر الوحيد على لغة الأغانى فكثيرون ثائرون على هذه اللغة وهم يرمونها بالتبذل والإسفاف، وأحب إنصافًا للتاريخ  أن أقول فى غير تحفظ إن لغة الأغانى اليوم أرقى وأسمى من لغة أغانى الأمس، بل يمكن أن يقال إن الأغنية الشعبية بلغت من حيث الصياغة الفنية والمضمون وطريقة نقاوة الموضوع ما لم يبلغه الشعر الفصيح فى أزهى عصوره!

وأنا أطالب الدكتور طه وجميع الثائرين على لغة الأغانى أن يتابعوا تطور الأغنية المصرية وكيف كانت تتضمن مثلاً «شفتى بتاكلنى أنا فى عرضك» و«ميلنى بختى فى الحب يا اختي» و«قدك أمير الأغصان» إلى غير ذلك من عبارات سقيمة تافهة!

كانت هذه لغة أغانينا بالأمس ولقد تطورت الأغانى حتى صارت مقطوعات شعرية ترسم صورًا فنية كاملة، تمتاز بالجمال والعذوبة والوضوح!

لست أزعم أن الأغانى كلها أصبحت كذلك، ولكنى أقول دون تجاوز الحقيقة أن تسعين فى المائة من الأغانى التى ترددها مطرباتنا ومطربونا تمثل أرقى أسلوب للأغنية العاطفية، ولكن الثورة على الأغانى لا تقف عند حد لغتها بل هى تتجاوزها إلى الموضوع، وقد بدأ هذه الثورة الأستاذ سامى داود واستمر فيها الأستاذ حسن إمام عمر وكلاهما يأخذ على الأغنية المصرية أنها لا تزال ترزح تحت عبء الذل والهوان وتتحرك فى إطار اللوعة والهوى!

وأنا أوافق الصديقين على أن الأغنية المصرية يجب أن تعبر عن الحياة، وليس معقولاً أن حياتنا كلها صبابة وشكوى وبكاء على الأحباب! ففى حياتنا تمرد على الفقر والحرمان. وفى حياتنا كفاح فى المصنع والمزرعة وفى حياتنا مقاومة للحروب واستجابة للسلام، وفى حياتنا كما فى كل حياة وفاء وغدر، وخير وشر، ونور وظلام وأضواء وظلال وثورة وهدوء!

ولكن من المسئول عن تقصير أغانينا، هل هم الشعراء؟ لا أظن فنحن نقرأ لهم شعرًا يمثل الحياة من جميع جوانبها وزواياها ولا نسمع هذا الشعر يغنى إلا إذا كان يصور جانب الحب وزاوية الألم!

هل المطربون هم المسئولون؟! ولكن هؤلاء ـ فى الغالب ــ لا يؤدون الأغنية إلا إذا كان لها مكان فى الفيلم أو فى برنامج الإذاعة!

المسئولون فى رأيى عن هذا التقصير هم مخرجو الأفلام ومنتجوها ولجنة اختيار الأغانى فى الإذاعة ! وأبادر فأقول إنى لا أريد أن تصبح كل أغانينا صورًا وصفية للمصانع والمزارع والشوارع، ولكنى أريد أن تكون تعبيرًا صادقًا عن الكفاح فى المصنع والمزرعة والشارع، وليس معنى ذلك أن تلغى الأغانى التى تعبر عن المشاعر الإنسانية الثابتة، مشاعر الألم والحب فنحن فى حاجة إلى هذه الأغانى حاجتنا إلى المصنع نفسه والمزرعة ذاتها».

لكن كامل الشناوى لم يعش زمن حمو وبيكا وشطة!!