الكلام لمين
لدينا إحساس وربما يكون مدعوما ببعض التجارب الشخصية على أن السيدات يتحدثن أكثر من الرجال حتى أننا نصف الرجل كثير الحديث بأنه يشبه النساء فالصورة الذهنية المثالية عن الرجل أنه قليل الكلام يستخدم جملا صغيرة مختصرة ويستطيع إيصال فكرته بعدد من الكلمات أقل من تلك التى تستخدمها النساء.
بعض الاحصائيات تشير إلى أن السيدة تتحدث حوالى 20 الف كلمة يوميا فيما يتحدث الرجل 7 آلاف كلمة فقط أى أن المرأة الواحدة تساوى ثلاثة عملاء من صنف الرجال فى عيون مسئولى التسويق فى شركات الاتصالات الصوتية وربما تكون تلك الفكرة هى السبب فى أن الكثير من الحملات التسويقية والعروض تكون موجهة فى المقام الأول للمرأة.
إلا أن بعض الدراسات الحديثة تؤكد أن كلا من الرجل والمرأة يتحدثان بعدد مقارب من الكلمات ولا فرق بينهما على الاطلاق وهى دراسات تحتاج الى المزيد من الانتباه لتأكيد تلك الحقيقة أو نفيها. اعتقد أن احصائيات عدد الدقائق المستنفذة لدى شركات المحمول لكل من الرجل والمرأة وأيضا مقسمة على الفئات العمرية المختلفة ستعطينا جوابا عمليا أهم وأصدق بكثر من أى دراسة يتم عملها ببساطة لأنه ستكون نتائج عملية وعلى عينة كبيرة جدا من العملاء تصل لعشرات الملايين وعلى فترات زمنية طويلة.
وقبل أن نترك هذا الأمر تماما لشركات المحمول نجد بحثا علميا فى مجلة Journal of Economic Psychology قام به اثنان من أساتذة الاقتصاد هما جيدو فريبل الألمانى وبول سيبرايت الفرنسى على أكثر من ثلاثة آلاف مشترك وذلك بتحليل بيانات فاتورة التليفون الشهرية على مدى عامان فى الفترة من 2006 إلى 2008 فى كل من إيطاليا واليونان وأظهرت النتائج ان النساء يقمن بعدد أقل من المكالمات الهاتفية مقارنة بالرجال بينما يزيد إجمالى المدة الزمنية لتلك المكالمات بنسبة 16% على مثيلاتها بالنسبة للرجال.
تشير الدراسة ايضا إلى أن أكثر المكالمات من حيث المدة المستغرقة تكون فى الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء وتقل فى الفئات العمرية التالية ثم تعود للارتفاع مرة اخرى فى الفئة العمرية من 50 الى 59 عاما ثم تقل بعد ذلك مرة أخرى.
الأمر مشابه فى كل من ايطاليا واليونان وأعتقد أن الأمر فى مصر سيتشابه الى حد كبير مع مواطنى هاتين الدولتين فنحن جميعا نتشابه فى الكثير من الخصائص على اعتبار أننا نتمنى إلى نفس المنطقة ويطلق علينا لهذا السبب شعوب منطقة البحر الابيض المتوسط وهى قيم ترتفع بدرجة ملحوظة عن المقارنة بالشعب الألمانى على سبيل المثال ولكن تبقى الفروقات بين الجنسين كما هى ويكون الاختلاف الوحيد فى متوسط تلك المكالمات.
تلك الدراسة تدحض الفكرة المستقرة فى الأذهان عن أن المرأة تتحدث ثلاثة أضعاف الرجل وربما تجعل السيدات يعجبن بهذا المقال أكثر ولكن عذرا معشر الرجال فهى أمانة العلم.