د. خالد القاضى
الوعى بالقانون فى جامعة الدول العربية
خصصنا مقال الأسبوع الماضى عن احتفال جامعة الدول العربية هذا العام 2020 بيوبيلها الماسى أى مرور 75 عامًا منذ تأسيسها عام 1945، ونتناول فى هذا المقال ؛ آليات الوعى بالقانون فى مهام الجامعة العربية، والتى تعد واحدة من أهم شواغل قادة الجامعة على مختلف المستويات سواء القمة أوالأمانة العامة والمجالس الوزارية أوالفعاليات العملية.
فقد كان القانون بندًا أساسيًا على أجندة القمم العربية منذ تأسيس الجامعة العربية؛ حيث عقد القادة العرب ( 49 ) اجتماع قمة، تنوعت ما بين الاجتماعات الدورية العادية والطارئة والاقتصادية.. بدأت فى أنشاص بجمهورية مصر العربية عام 1946، وآخر تلك القمم كانت فى مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية فى مايو2019، وشهدت بداية الألفية الجديدة دورية سنوية لانعقادها عام 2011، فضلا عن عدد من القمم العربية – الأجنبية مع الدول الإفريقية والأوربية والأمريكية الجنوبية والصين.
كما أولت الأمانة العامة للجامعة العربية جُلّ اهتمامها بهذا الوعى بالقانون ،حيث أفردت قطاعًا خاصًا للشئون القانونية بعد أن كانت إدارة تابعة لأحد القطاعات، كما أن هناك إدارة خاصة لحقوق الإنسان ولجانا متخصصة منها اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان ولجنة الميثاق، ولجنة البرلمان العربى المختصة بالشئون التشريعية والقانونية وحقوق الإنسان، وغيرها من اللجان الدائمة أوالموقوتة بمناقشة موضوع بعينه مثل مواجهة الإرهاب والفساد والإتجار فى البشر والمقاتلين (الإرهابيين) الأجانب، وتعد الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب واحدة من أهم قلاع الجامعة العربية منهجًا وأداءً فى مجال الوعى بالقانون.
ويعتبر مجلس وزراء العدل العرب من أهم المجالس الوزارية المتخصصة فى الجامعة العربية، والذى تأسس عام 1982، ويهدف إلى تقوية وتعميق التعاون العربى فى المجالات القانونية والقضائية، وتأهيل الأطر القانونية والقضائية بما يحقق قدرتها على مواكبة التطور، وكذلك إلى تطوير الأنظمة القضائية وتوحيدها، وتحسين أسلوب العمل بالمحاكم.. كما يعمل تحت إشراف مجلس وزراء العدل العرب - المركز العربى للبحوث القانونية والقضائية - وهوجهاز متخصص مقره مدينة بيروت ويساهم المركز فى تحقيق أغراض المجلس وإجراء البحوث وتهيئة المشروعات القانونية والقضائية التى تحتاج إليها الدول العربية.
وقد تشرفتُ بالمشاركة فى كثير من لجان واجتماعات هذا المركز فى بيروت وعدد من العواصم العربية، كما استضافت القاهرة مؤتمرًا مهمًا لمدراء التشريع فى الدول العربية عام 2004 وكنت وقتها أعمل رئيسًا للمحكمة بقطاع التشريع بوزارة العدل المصرية برئاسة الفقيه والعالم الجليل القاضى الدكتور سرى صيام، وتوليتُ مهمة المقرر العام لهذا المؤتمر ،وخرج بتوصيات فى توحيد التشريعات العربية مازال صداها قائمًا حتى الآن، ثم تأسست مجلة التشريع بوزارة العدل والتى كنتُ مديرًا لتحريرها.
كما شاركتُ عبر سنين طويلة منذ عام 2000 وحتى كتابة هذه السطور فى 2020، بمختلف اجتماعات وندوات ومؤتمرات ومنتديات.. نظمتها أورعتها الجامعة العربية؛ سواء بمقرها الدائم بالقاهرة، أومنظماتها المتخصصة فى الدول العربية، لعل من أهمها وأقربها إلى عملى واهتماماتى ما تعلق منها بنشر ثقافة الوعى بالقانون ومواجهة الإرهاب والشائعات والألقاب الوهمية واستخدام شعار الجامعة والحفاظ على التراث الحضارى والتجارب الدستورية العربية وغيرها.
ومنذ أن قمتُ بتأسيس المركز العربى للوعى بالقانون، وعبر عمره الممتد 13 عامًا، فإن الجامعة العربية تستضيف وترعى فعالياته الهادفة إلى نشر الوعى بالثقافة القانونية، وتجسدت تلك الجهود فى إقامة عدد من المؤتمرات والمنتديات والندوات (وبدون أى مقابل)، لعل آخرها منتدى ديسمبر 2019، حول تحديات الثقافة القانونية فى الوطن العربى، وبلغت توصياته 50 توصية ،قدمناها للمسئولين والمعنيين فى تقرير علمى رصين فى 20 / 2 / 2020، ولكن حالت ظروف انتشار وباء الكورونا دون متابعتها وتفعيل مقتضاها.
ونذكر بالاعتزاز والفخر جميع من قدموا لنا كافة وسائل الدعم والرعاية لثقتهم فى أننا نسعى لتحقيق أهداف سامقة لتنمية ثقافة الوعى بالقانون للشعوب العربية، وتنأى هذه السطور عن ذكرهم بالاسم طيلة 13 عامًا، فلا ننسى من أمناء الجامعة العربية ؛ عميد الدبلوماسية العربية وأسطورة الخارجية المصرية عمرو موسى، والذى نترقب الجزء الثانى من مؤلفه (كتابيه) والذى خصصه لقيادته للجامعة العربية، ولن ننسى الفقيه القانونى الدولى ورمز العمق والتؤدة القاضى بمحكمة العدل الدولية سابقا الدكتور نبيل العربى، ويقينًا حكيم الجامعة العربية السياسى المحنك والوطنى الأصيل السيد أحمد أبوالغيط الأمين العام الحالى للجامعة العربية، ومعه وبه وحوله أسرة الأمانة العامة وجميعهم من أكفأ وأخلص الشخصيات العربية المرموقة.
وبالقانون.. تحيا مصر ،،