الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى حوار الرئيس لصحيفة لوفيجارو الفرنسية:

قواتنا المسلحة مستعدة للدفاع عن أمن مصر القومى فى مواجهة أى تهديد.. ولن نكون الطرف البادئ بأى اعتداء

فى ختام زيارته لفرنسا، قدم الرئيس عبد الفتاح السيسى مجموعة من الرسائل الهامة فى حوار خاص لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، تناول فيه موقف الدولة المصرية فى عدد من الملفات والقضايا الهامة، حيث أكد خلال الحوار، أن مصر وفرنسا تواجهان الإرهاب، وتحاربان معا على عدة جبهات، مشيرًا إلى أن البرلمان الفرنسي، يبحث حاليًا مشروع قانون يضمن احترام المبادئ الجمهورية، فى إشارة إلى الميثاق الذى تعتزم الدولة الفرنسية إقراره لوضع بنود واضحة تحدد الجهات التى تعتمد الأئمة ومن يمثلون الدين الإسلامى داخل فرنسا، لقطع الطريق أمام دعاة الفكر المتطرف.



 وقال الرئيس: «يبدو لى أن فرنسا أصبحت تقيس بصورة أوضح الآن مدى الخطر الذى يمثله الإخوان على المجتمع والمواطنين الأوروبيين»، مشيرًا إلى أنه ليس من فراغ وضع الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية فى مصر أو فى العديد من بلدان المنطقة الأخرى، فتغلغل عملهم فى المنظمات الخيرية والمنظمات الإرهابية المسلحة التى يسيطرون عليها وتدخلهم فى الدوائر السياسية المؤسساتية، يمثل تهديدا وجودياً للدول، وهم يختبئون وراء الدين لتبرير شمولية رؤيتهم.

مواجهة الإرهاب

وأضاف:» مصر مثل فرنسا، دفعت ثمنا باهظا للإرهاب، وعندنا كان المواطنون المسلمون والأقباط والقوات المسلحة والشرطة ورجال القضاء، ضحية لأعمال الإرهاب الوحشى، ونحن لم نتوقف عن التحذير من هذه الإيديولوجية المميتة التى لا تعرف حدودا، ودعونا إلى تنسيق دولى لمكافحة الإرهاب»، مشددًا على ضرورة معاقبة الدول التى تمول وتسلح هذه المنظمات الإرهابية، انتهاكاً لقرارات الأمم المتحدة.

الرسوم المسيئة

وحول دعوته للفصل بين الدين والسياسة، قال الرئيس إن كل فرد حر فى أن يؤمن أو لا يؤمن، ولا إكراه فى الدين،  لكن هل يمكن أن نسخر من كل شيء دون أن ندرك أن ذلك يمكن أن يراه آخرون على أنه دليل ازدراء؟، إن ذم صورة الأنبياء يعود إلى الاستهانة بتمسك مليارات البشر بقيم ومبادئ الرموز الدينية، والكثير من الرجال والنساء يمكن أن يتألموا بسبب تعبير يمثل اعتداء على معتقداتهم العميقة، ويتعين اتخاذ ذلك فى الحسبان من منطلق الإحساس بالمسئولية واحترام الآخر». وأضاف: «إنه فى عالم بلا إنترنت ولا شبكات اجتماعية مثل القرن الماضى، كان عدد قليل جدا من الناس سيعلم بالرسوم المسيئة لرسول الإسلام، أما فى ظل العولمة، فالوضع مختلف، وللأسف، استغل البعض هذه الرسوم للتلاعب بالشعور المشروع فى تمسك المتدينين بقيمهم الدينية، وجرى تنظيم حملات تشويه تهدف إلى إزكاء الكراهية والتحريض على الفرقة بين الشعوب، على المنصات الرقمية ضد فرنسا».

حملات التشويه

وتابع الرئيس: «نحن فى مصر، نعانى كل يوم من حملات التشويه التى تهدف إلى نشر الشك والفرقة فى صفوف الشعب المصري، وهناك ما لا يقل عن 6 قنوات فضائية تديرها وتمولها دول أجنبية، تستهدف شعبنا، ومن المؤسف أن هذه القنوات التى تنشر الإيديولوجية الظلامية، تبث عبر الأقمار الصناعية الأوروبية، وقد أكدنا - أنا والرئيس ماكرون - مجددا عزمنا على منع نشر الدعوات إلى العنف والكراهية والإرهاب».

الممارسات التركية

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك تحرش تركى ضد مصر فى ليبيا وشرق المتوسط، قال الرئيس، إن سياسة مصر هى إقامة علاقات ممتازة مع جيرانها مع تغليب الحوار دائما، ويتعين على تركيا مثلها مثل دول المنطقة الأخرى، أن تحرص على احترام قواعد القانون الدولى وقانون البحار، وألا تقوم بأى عمل من طرف واحد دون تشاور أو على حساب أمن وسلم المنطقة.

وأوضح السيسى، أن منتدى غاز المتوسط الذى أنشئ بمبادرة مصرية، هو منظمة حكومية إقليمية تتولى العمل على احترام القانون الدولى فى الإدارة المستدامة والمحافظة على البيئة لموارد الغاز الطبيعى لكل دولة عضو، ويتعين على فرنسا الانضمام إلى هذا المنتدى قريباً.

وتابع:»شرق المتوسط غنى بالغاز الطبيعى بعد الاكتشافات الأخيرة التى تمت فيه، ونحن نغلب منطق التعاون مع حلفائنا وشركائنا ومن بينهم فرنسا، من أجل حوار سياسى منظم بشأن الغاز الطبيعي، وستتيح هذه المنظمة إعطاء الأولوية لتسوية القضايا المتعلقة بالحدود البحرية».

الوضع فى ليبيا

وعما إذا كانت المواجهة العسكرية بين مصر وتركيا أمرا محتملا فى ليبيا، أكد الرئيس أن مصر تعمل من أجل التوصل إلى حل سياسى شامل يظل الطريق الوحيد الممكن لتسوية هذه الأزمة وضمان استقرار هذا البلد الشقيق، الذى يشترك مع مصر فى حدود يصل طولها الى 1200 كم ، ومن الحتمى إنهاء التدخلات الأجنبية التى تهدد استقرار هذا البلد، نتيجة نقل المرتزقة والسلاح الموجه للميليشيات المتطرفة.. وأردف: إن مصر لن تكون - أبدا - الطرف البادئ بالاعتداء ، لكن فى المقابل، فإن قواتنا المسلحة دائما مستعدة للدفاع عن مصر وضمان أمنها القومى فى مواجهة أى شكل من أشكال التهديدات».

سد النهضة

وفيما يتعلق بإثيوبيا، قال الرئيس إن مياه النيل أمر حيوى بالنسبة لمصر والخلاف مع إثيوبيا بشأن سد النهضة يمتد طويلا، فالسد يمثل لإثيوبيا مصدرا للتنمية المشروعة، إلا أن ملء السد بشكل أحادى بمخالفة مبادئ وقواعد القانون الدولي، يهدد إمدادات المياه لـ 100 مليون من المصريين.

وأضاف: «نظل متمسكين بالحل القانونى العادل وبالتوصل إلى اتفاق ملزم لجميع الأطراف، يحدد طرق ملء واستغلال السد ويحمى مصالح مصر وإثيوبيا والسودان، أى يحفظ حقوقنا فى المياه، وبعد عشر سنوات من المفاوضات، حان الوقت لإتمام والتوقيع على هذا الاتفاق».

التعاون العسكرى

من ناحية أخرى، أكد الرئيس أن التعاون العسكرى والأمنى مع فرنسا يتجاوز الإطار المحدود للتبادل التجارى أو شراء المعدات، مضيفًا:» علاقاتنا تتطور فى إطار من الشراكة الاستراتيجية التى تشمل مختلف الأوجه ذات الصلة بعلاقات الدفاع..فمصر وفرنسا تحاربان معا على عدة جبهات، ومع ذلك فإننا ننوع مصادر التسلح من أجل امتلاك معدات مناسبة قادرة على ضمان أفضل دفاع عن مصر».

وتابع: نقدر بصورة خاصة التكنولوجيا الفرنسية، وتذكرون أن مصر كانت أول دولة تختار الطائرات (الرافال)، مما فتح الطريق أمام شرائها من قبل العديد من الدول الأخرى.

عملية السلام

وفيما يتعلق بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، قال إن مصر - دائما - ما دافعت وتواصل العمل من أجل التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطينى الإسرائيلي، وساندت جميع الجهود الدولية، مضيفًا:» نعول على دعم الإدارة الأمريكية الجديدة وأوروبا، خاصة فرنسا، من أجل التوصل - دون أى تأخير - إلى حل إقامة الدولتين على حدود عام 1967، وعلى أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، أما غياب الحل العادل للصراع الفلسطينى الإسرائيلي، فإنه يظل المصدر الأساسى لانعدام الاستقرار فى الشرق الأوسط».

المنظمات الحقوقية

وبالنسبة لعمل المنظمات الأهلية فى مصر وادعاءات وجود 60 ألف معتقل رأى فى مصر، قال الرئيس إنه لا يعرف من أين جاء هذا الرقم، وقد عمل الناس مؤخرا قصة من القبض على 3 من أعضاء منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمشكلة تكمن فى إنهم سجلوا أنفسهم كشركة تجارية انتهاكا لقانون 2019 المنظمة لأنشطة الجمعيات التى لا تهدف إلى الربح.

وأضاف: «هناك فى مصر أكثر من 55 ألف منظمة أهلية، يعمل بعضها على دعم النظام المصرى لحماية حقوق الإنسان، ونسعى لإقرار التوازن اللازم بين حقوق وواجبات المواطن من ناحية، والتحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب من ناحية أخرى».

وتابع: عليكم أن تدركوا أنه فى الشرق الاوسط، يعد الاستقرار والأمن المدنى بالنسبة للشعوب الأمر الأكثر قيمة، والإصلاحات التى تمت فى قطاعات التعليم والصحة والإسكان هى تعبير عملى عن تمسكنا بحقوق المواطنين».

تأثير كورونا

وحول تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، قال الرئيس:»اتخذنا إجراءات لحظر التجوال فى بداية انتشار الوباء، والله كان رحيما بنا، فكان عدد حالات الإصابة لدينا أقل بكثير من الأعداد فى أوروبا وأمريكا، موضحًا أن صلابة برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ منذ عام 2014 أتاح الحفاظ على التوازن بين استمرار الإصلاحات وامتصاص القيود التى فرضتها الأزمة الصحية.

وتابع:» حققنا معدل نمو تجاوز 3.6 % خلال عام 2020 . وقد خصصت الحكومة المصرية مبالغ كبيرة لتطوير قطاعى الصحة والتعليم، مع ضخ قرابة 6 مليارات يورو للاستجابة للاحتياجات الملحة للقطاعات الأساسية مثل السياحة ودعم الأسر والعاملين الأكثر تضررًا.

 وتابع الرئيس، إن المصريين ضحوا كثيرا خلال السنوات الماضية، للتخلى عن الاقتصاد القائم على الدعم، ومن ناحية أخرى أشاد صندوق النقد الدولى ووكالات التصنيف بالنتائج الاقتصادية التى حققتها مصر.

واختتم الرئيس السيسى حديثه قائلا «إننا فى هذه المسيرة نحو التنمية، اخترنا فرنسا كشريك مفضل بالنسبة لنا».