الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اسأل الصين

اسأل الصين

عندما سألت إحدى الصحفيات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أحد المؤتمرات الصحفية التى عقدها فى حديقة البيت الأبيض أنه أشار أكثر من مرة الى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بجهد متميز أكثر من أية دولة فى العالم عندما يتعلق الأمر باختبارات الإصابة بفيروس كورونا المستجد فكان سؤالها لماذا يقوم بهذا السباق العالمى ولماذا هو مهم بالنسبة له بالرغم من أن العديد من المواطنين يفقدون حياتهم كل يوم واعداد الاصابات فى تزايد.. فكان جوابه أن كل البشر فى كل بلدان العالم يفقدون حياتهم بسبب هذا الفيروس وأن هذا سؤال ربما يجب أن تسأل الصين هذا السؤال.. اصبحت جملة «اسال الصين» أو Ask China من الجمل الشهيرة خلال الشهور القليلة الماضية وخرج بعدها العديد من المقاطع الكوميدية وعدد من التحليلات الجادة عن سبب الإجابة بهذه الطريقة.



وفى حقيقة الأمر فإننا يجب أن نسأل الصين سؤالا آخر أكثر جدية عن كيف قامت بإحداث هذه النهضة الاقتصادية فى فترة وجيزة وصلت بها لتصبح ثانى أقوى اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية بناتج محلى إجمالى يصل الـ12.23 تريليون دولار والذى يشكل 15.12% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى بالطبع فإن حساب نصيب لفرد من هذا الناتج لا يكون فى صالح المواطن الصينى نظرا للارتفاع الرهيب فى عدد السكان والذى وصلت تقديراته إلى نحو مليار و 440 مليون فرد مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية والتى يقدر عدد سكانها بنحو 330 مليون فقط وهذا ما يجعل نصيب الفرد فى الولايات المتحدة من الناتج المحلى الإجمالى نحو 60 ألف دولار فيما يصل هذا الرقم إلى 8.6 ألف دولار للمواطن الصينى وهو ما يظهر بوضوح فى درجة رفاهية المواطن الأمريكى مقارنة بنظيره الصينى والذى بالرغم من هذ مستمر فى العمل والانجاز بصورة متسارعة تجعل الاقتصاد الصينى هو الأعلى من حيث معدل النمو السنوى.

كل ما سبق بالطبع بدون وضع المتغير الخاص بفيروس كورونا ضمن العوامل المؤثرة فهو ظرف نتمنى أن ينتهى كما أنه بالرغم من كل شىء فربما يكون تأثيره على الولايات المتحدة أكبر من تأثيره على بلدان أخرى ومنها الصين وربما العكس وفى جميع الأحوال فإن التقييم النهائى للموقف لايزال قيد الدراسة وهو خارج عن الهدف من المقال أيضا.

اتذكر فى أحد اللقاءات بمجموعة من الخبراء الصينيين أن وجه إليهم أحد الحضور سؤالا مباشرا عن كيف حدثت النهضة الصينية فى فترة وجيزة وجاءت الإجابات عامة وغير شافية.. ربما لا يعرف متلقى السؤال الإجابة الوافية وربما رأى أن هذا من الأسرار التى لا يجب أن يبوح بها لحماية اقتصاد بلاده.

ولكننا يجب أن «نسأل الصين» هذ السؤال ونلح فيه... كيف دمجت بين الشيوعية وبين الاقتصاد الحر.. كيف استطاعت غزو السواق بكل السلع الكبيرة والتافهة.. كيف خططت ونفذت استراتيجيات البحث العلمى والتصنيع والاستثمار الأجنبى المباشر.. كيف استطاعت السيطرة على هذا الكم المهول من البشر وحولتهم الى مجتمع منتج فى كل مكان فى أنحاء الصين.. ماذا حدث فى الفترة منذ عام 1949 تاريخ إنشاء جمهورية الصين الشعبية إلى عام 1979 وإحداث التوازن بين الزراعة والتصنيع والتركيز على محاور الزراعة والصناعة والدفاع والثورة التكنولوجية ثم اتى دينج شياو بنج مهندس الصين الحديثة  فبدأت منذ عام 1979 فى التحرك نحو الصين التى نراها الآن والتأكيد على مبدأ اللا تناقض بين الشيوعية واقتصاد السوق بصورة فعالة وكيف تمت إعادة بناء الشركات الحكومية لتصبح قادرة على المنافسة والنمو ثم كيف اطلقت مبادرة الحزام والطريق فى عام 2013 لتضم 65 دولة وافق منها 50 دولة على الانضمام الى تلك المبادرة وكيف تسهم فى تحقيق الحلم الصيى... أسئلة كثيرة نحتاج أن نسألها للصين ولا نكتفى برد الرئيس الأمريكى على المراسلة الصحفية والذى يحمل الكثير من السياسة والقليل من الحاجة الحقيقية للمعرفة.