الخميس 8 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 36

لغة الجينات 36

عندما أوجد لنا إديسون المصباح الكهربائى .. فى الظاهر قدم لنا قيمة مادية، وفى الباطن ترك لنا قيمًا معنوية عظيمة، قيمة النهوض بعد الفشل، قيمة الإصرار، قيمة إعادة  المحاولة، قيمة الأمل .



«الأمل» هو أهم عنصر من عناصر الحياة.. فى الظاهر يبعث على الطمأنينة والفرح.. وفى الباطن يحفزنا على الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام لأصحاب الجينات الخبيثة ممن ينشرون الإحباط.

«الإحباط» ثقافة،منهج حياة لدى البعض،فى الظاهر لا يعجبهم شىء، لا يثقون إلا فى أنفسهم  

ولا يفتحون الطريق ليمر إلا أصحاب الجينات الخبيثة مثلهم،وفى الباطن يعملون باجتهاد وإصرار غريب على قتل الطموح، اغتيال روح الإبداع والأمل فى نفوس الجميع .

«المحبطون» فى الظاهر ينتقدون كل شىء إلا أنفسهم، يقللون من شأن كل أمر لا يشاركون فيه، ينظرون بشكل سلبى لكل مشروع أو قرار لم يخرج منهم أو ليس تحت سيطرتهم، يستشيطون غضبا عندما تناقشهم وتحاول إقناعهم، وفى الباطن هم أكثر الناس تقصيرًا فى عملهم، رغم مناصبهم الكبيرة ليس لديهم استعداد لتحمل المسئولية، يعملون فى الخفاء والظلام كالخفافيش للتشكيك فى الجميع ليجدوا شماعة لتبرير فشلهم.   «المحبطون» يقتلون روح المبادرة ..وتصبح أية مبادرة أو تصرف يصدر عن غيرهم  محل شبهة.

«الدكتور مجدى يعقوب» واحد من أصحاب الجينات الأصلية ممن ينشرون الأمل والتفاؤل فى المجتمع، واحد ممن عانوا كثيرًا من المحبطين وناشرى اليأس .

«السير مجدى يعقوب « فى الظاهر أكثر المصريين شهرة، واحد من رواد عمليات زراعة القلب على المستوى العالمى وأحد أبرز الجراحين فى بريطانيا حيث كان يلقب بملك القلوب،وفى الباطن اصطدم فى البداية بواحد من المحبطين، ناشرى اليأس، فبعد أن تخرج فى كلية الطب، قدم رسالته فى الماجستير إلى الدكتور المشرف لمنحه الصلاحية للمناقشة فى موضوع جراحة القلب، وكان تقرير المشرف «هذا الطالب لا يصلح جراحًا»!

فى الظاهر ترك «مجدى يعقوب» مصر ومشى مكسور الخاطر وفى الباطن دفعته جيناته الأصلية، لعدم اليأس، ذهب إلى إنجلترا حاملا نفس رسالة الماجستير دون تغيير وحصل بها على الماجستير بامتياز، ثم حصل على الدكتوراه!

فى الظاهر كان من المفترض أن يحمل مجدى يعقوب فى قلبه الضغينة لأستاذه، لكن فى الباطن لم يكن يعرف إلا الأمل والتفاؤل،مرضت ابنة أستاذه وذهب بها إلى إنجلترا لكى يجرى لها الدكتور «مجدى يعقوب» عملية القلب المفتوح ولم يكن يعرف أنه الطالب الذى رفض رسالته.

«جينات الدكتور يعقوب الأصلية» دفعته لإكرام أستاذه، يسر لابنته جميع الإجراءات ودفع من جيبه الخاص مصاريف العملية والإقامة.. وتعامل معه باحترام شديد ... احترام دفع الأستاذ لسؤاله عن السر فهو لا يعرفه من قبل، أجاب مجدى يعقوب: حضرتك أستاذى وصاحب فضل كبير، واحتضنه وهم بتقبيل  يده، لم يخبره بشىء، لم يجدها فرصة لينتقم،ولكنه رأها فرصة ليعبر عن أصالته وجيناته الحقيقية، قاومه المشرف وضمه إلى صدره ولم يتمالك نفسه من البكاء .

«الدكتور مجدى يعقوب» فى الظاهر اختار دراسة جراحة القلب، بعد  مأساة وفاة شقيقة والده «عمته» التى توفيت فى عمر الـ23، حيث قال إنها أصيبت بحمى روماتيزمية تسببت فى إضعاف صمامات القلب.

وقتها كان «يعقوب» فى السابعة من عمره وحكى له والده الطبيب أنه كان من الممكن إنقاذ «عمته» بإجراء عملية جراحية لإصلاح صمامات القلب، وقال له والده إن هذا يدخل ضمن مجال جديد فى الطب حينها يسمى «جراحة القلب»... وفى الباطن كانت هذه المأساة والأزمة إضافة لجيناته الأصلية  بمثابة الدافع والحافز له ليتخصص فى هذا المجال الطبى وينقذ حياة الالاف من  البشر .

«الدكتور مجدى يعقوب « لم يتردد يوما فى علاج إنسان،ولدرجة أنه أجرى عملية جراحية لأحد أصحاب الجينات الخبيثة،المدانين فى جرائم إرهابية فى فترة التسعينيات، ضد الأقباط،،الإرهابى أدين بقتل أقباط وسرقة محلاتهم، وعقب صدور حكم بإعدامه، اكتشفت وزارة الداخلية إصابته بمرض فى القلب، وتزامن ذلك مع زيارة مجدى يعقوب لمصر وقتها.

طلبت وزارة الداخلية من مجدى يعقوب، علاج الإرهابى المدان، مع توضيح التهمة المدان فيها وهى قتل أقباط وسرقة ممتلكاتهم، مع تأكيدها على تحمل أتعابه وتكاليف العلاج كاملة، 

فى الظاهر كان  الجميع يتوقع  أن يرفض الدكتور مجدى يعقوب  أن يعالج المريض بسبب القضية المدان بها، لكن فى الباطن الجراح العالمى، أصر على علاج الإرهابى المصاب، وأكد أنه يتعامل مع إنسان مريض يحتاج إلى علاج، ولا علاقة له بإدانته أو أفعاله، «جيناته الأصلية « انتصرت  وقدمت واجبه الإنسانى والطبى،على كل شىء، ليس هذا فقط  بل رفض يعقوب، تلقى أتعاب مقابل علاجه للإرهابى، وأكد تحمله بالكامل لمصاريف علاجه على نفقته الشخصية».

«الدكتور مجدى يعقوب «وقتها رد على كل من سأله لماذا وافق قائلا  : «أنا رجل علم .. أعالج الناس جميعًا .. لا أحاسبهم على ما فعلوا أو ما سيفعلون ؟.. مهامى فى الحياة أن أعمل على شفاء الناس.. نحن أطباء ولسنا قضاة «.. وأجرى العملية للإرهابى المدان، وأجل سفره 3 شهور حتى تستقر حالته، وأعطاه حقيبة كبيرة مليئة بالأدوية، وطالبه بالاستمرار عليها وسيعود بعدها إنسانًا طبيعيًا يستطيع أن يمارس حياته الطبيعية.

الإرهابى قاتل الأقباط كتبت له حياة جديدة على يد الدكتور مجدى يعقوب،وفى الاستئناف على حكم الإعدام، تم تخفيف  الحكم على الإرهابى من الإعدام إلى السجن  خمسة عشر عامًا.

«أصحاب الجينات الأصلية»دائما يعملون على غرس التفاؤل والأمل، فلا يمكن أن ينجح مجتمع ما وهو محاصر بالتشاؤم، ومكبَّل بالتفكير السلبى، فى أفعاله، وأفكاره، وحواراته، وقناعاته، لا يمكن أن يكون المجتمع فاعلاً حيوياً وهو يتعرض لسهام التشاؤم، والسلبية، والنقد سواءً من أفراد أو مؤسسات. احذروا من غلق نافذة الأمل.