الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
النظام العالمى الجديد

النظام العالمى الجديد

كانت هناك فكرة سائدة منذ أوائل التسعينيات بأن الولايات المتحدة الأمريكية هى صاحبة القواعد المطلقة فى العالم، فلا ينبغى مواجهتها، ومن يعارضها محكوم عليهم بالفناء أو سيتم طرده من التاريخ والزمن. لقد كان العالم  هو نظام أحادى القطب تكون فيه الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة التى لها سيطرة مطلقة على العالم بأسره، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى السابق. لكن الساحة السياسية فى الوقت الحاضر تشير إلى أن هذه المفاهيم قد تغيرت وأن العالم على وشك أن يكون متعدد الأقطاب. صحيح أن الولايات المتحدة هيمنت على سياسة العالم لسنوات.وكانت تلك الهيمنة بسبب التفوق العسكرى والاقتصادى القوى للولايات المتحدة، ومع ذلك، تغيرت الأمور خلال السنوات القليلة الماضية حيث لم تكن الولايات المتحدة نفسها قادرة على إدارة الأزمات العالمية وحدها، فكانت هناك حاجة ماسة للاعبين رئيسيين آخرين للمشاركة فيها وحل مشاكل العالم وإعادة تشكيل ميزان القوى فى العالم. فقد أعادت روسيا دورها العظيم فى المجتمع الدولي. وتقدمت الصين بشكل كبير وغزت الأسواق العالمية. علاوة على ذلك، قامت الهند ودول أمريكا اللاتينية بمراجعة السياسات التى كانت سائدة فى التسعينيات والتى ثبت أنها وهمية. فى ذلك الوقت، بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، كانت الفكرة الخاطئة هى أن العالم يجب أن يخضع للولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى الوحيدة وأن الأيديولوجية الوحيدة المتبقية كانت الليبرالية والأيديولوجية الغربية التى يهيمن عليها الصهيونية. ولكن ثبت لتلك الدول  أن كل هذا كان خطأ .



صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية فى مقياس القوه أقوى من أية دولة أخرى ولكنها ليست أكبر من العالم،وهذه هى النقطة الأساسية. فهناك قوى مضادة تتكون من جميع الدول التى تتعارض مصالحها بطريقة أو بأخرى مع مصالح الولايات المتحدة مثل أوروبا وروسيا والصين والهند والبرازيل، على عكس ألمانيا وفرنسا اللتين كانتا منسجمتين مع سياسات أمريكا، وعلى الرغم من أنه كان بينهما حلف الناتو، الا أن هذا لا يعنى أن هناك تضاربًا فى المصالح بين أطرافه.

ولذلك فى عام 2004 أدركت أمريكا أنها بحاجة الى تحالف مع أوروبا ولم  تعد تريد إهمال الناتو فأعادت إحياء التحالف بتقديم تنازلات أمريكية وليس العكس. لجأت دول مثل ألمانيا وفرنسا إلى دور كانت قد حرمتهما منه الولايات المتحدة فى الماضى. فعلى سبيل المثال، فى عام 2002 قسمت أمريكا أوروبا إلى دول قديمة وجديدة وحاولت ازدراء ألمانيا وفرنسا والأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسى، والآن تتخذ هذه الدول مبادرات على حساب الولايات المتحدة فى لبنان على سبيل المثال فيدير الأوروبيون قوة الأمم المتحدة المؤقتة فى لبنان (UNIFIL)، والتى لم تكن لتسمح لها الولايات المتحدة فى ظروف أخرى. ففى أثناء إدارة كلينتون كان لم يسمح الأمريكيون للأوروبيين بحضور الاجتماعات بين إسرائيل والولايات المتحدة والفلسطينيين، والآن تغيروا تمامًا تاركين وراءهم إمكانية وجود نظام جديد.....وبهذا فقد تغير العالم وقواه وسيتغير كثيرا بعد انتشار جائحة كورونا فى العالم أجمع وستعاد مرة ثالثة موازين القوة.