الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 39

لغة الجينات 39

«حبّ الأذية» طبع من طبائع الأشرار.. وفيه ناس مايقدروش يعيشوا من غير أذية البشر.. فى الظاهر، براءة وطهر.. وداعة وابتسامة.. وفى الباطن جينات خبيثة تتصيد الزلات والأخطاء.. ترسم وتخطط للمكائد والمصائب.. موهبة خارقة فى رصد الحركات والسكنات وتحويلها إلى نميمة وأذى.



«حب الأذية» فى الظاهر يلازم أصحاب ضعاف النفوس والهمم وقليلى الحظ من الموهبة، «حب الأذية» دائما تتخفى خلف قناع  من الصفات والأخلاق الحميدة، نقاء صدر وسريرة، .. حُبّ الناس وإيهام الجميع بأنهم السند، تسامح وإخلاص وتفانى فى العمل والتضحية بالوقت والصحة.. وفى الباطن، إضمار الشر والأحقاد والخبث، وتحريف الكلام، تفسير التصرفات والأشياء على الهوى، وبما يخدم مصالحهم ومصالح أسيادهم، ينسجون من أوهامهم المريضة وخيالاتهم السقيمة وحقدهم الدفين صوراً من التحريف البشع، والكذب الرخيص.

«أصحاب الجينات الخبيثة» فى الباطن، بارعون فى الأذية، يعشقونها، يتفنون فيها..

 لا يعرفون ولا يأخذون بحسن النية مطلقاً، يبحثون ويتغذون على سوء النية، طباعهم الخبيثة السيئة تنجذب إلى السوء والبغضاء لا إلى المحبة والخير والإحسان.

«أصحاب الجينات الخبيثة» فى الظاهر، زى الغراب اللى سرق صابونة، سألوه: سرقتها ليه؟ لا حتاكلها.. ولا حاتستحمى بيها؟! فأجاب: الأذية مزاج.

«أصحاب الجينات الخبيثة فى الظاهر» زى العقرب اللى طلب من ضفدع يركب على أكتافه  علشان يعديه البر التانى من  الترعة.. الضفدع خاف من أذيته وقال له خايف تعضنى وأموت... رد العقرب «هو ده كلام» أعضك وتموت وأغرق أنا فى الترعة.. ده مستحيل طبعا.. أنا بحب الحياة مش عايز أموت.. وافق الضفدع يلعب دور المعدية.. وأن العقرب يركب على أكتافه.. ونزل الترعة يعوم.  

فى الظاهر حجة «العقرب» منطقية جدا.. مستحيل يعض «الضفدع» لأنه مابيعرفش يعوم وهيغرق لو «الضفدع» مات، وفى الباطن ماقدرش العقرب يبطل أذية، فى منتصف الترعة لدغ الضفدع فى رقبته، بحسرة وألم وندم قال الضفدع: ليه كده؟ أنا هموت وأنت هتغرق.

 

 رد العقرب: ماقدرتش أبطل أذية.. أنت نسيت إنى عقرب!

 

«رجوات منصور» واحدة من أصحاب الجينات الأصلية اللى أصحاب الجينات الخبيثة وعاشقو حب الأذية دمروا حياتها ،فى الظاهر فتاة بسيطة دميمة الكل بيسخر منها ويتريق عليها وبيطلع عقده ومشاكله وأزماته النفسية كلها عليها.. وفى الباطن امتلكت قلبًا أبيض نقيًا، نقاء صدر وسريرة مالهومش حدود، طيبة وعزة نفس وتضحية لو اتوزعوا على البشر هيكفوهم.

بالتأكيد ماتعرفش مين هى «رجوات منصور».. اللى الناس كلها سخرت من قبحها واختارها المولى عز وجل ملكة جمال المدينة المنورة.. لكن بالتأكيد عارف فيلم ليلة الدخلة بطولة حسن فايق وإسماعيل ياسين وعبدالفتاح القصرى... فعلا هى دى رجوات منصور اللى قدمت شخصية «توتو»  فى الفيلم.

«رجوات منصور» أو توتو فى فيلم ليلة الدخلة فى الظاهر فتاة قبيحة رآها  مخرج الفيلم بالصدفة تبيع فى محل فقرر يديها الدور لسبب وحيد.. أنها فتاة قبيحة.. وفى الباطن هى بنت ناس وثرية، أسرتها كبيرة فى أسوان وهربت منهم وتخلت عن ثروتها  وجاءت للقاهرة لنفس السبب.. أنها فتاة قبيحة.. مدمنو أذية البشر بيسخروا منها ويتنمروا على شكلها.

 «رجوات منصور» فى الفيلم وبعد الفيلم لم تسلم من الأذية.. فى الظاهر مثلت وعملت دورًا جميلًا كلنا ضحكنا من قلبنا واحنا بنتفرج عليه.. وفى الباطن مدمنو الأذية كملوا معاها نفس الطريق من السخرية وعدم اللامبالاة بمشاعرها وطيبة قلبها فقررت ترجع تشتغل فى المحلات وخادمة فى البيوت.

«رجوات منصور» فى الظاهر دفعتها جيناتها الأصلية لتغيير السكن على أمل النجاة من عاشقى الأذية.. وفى الباطن القدر كان بيعدها لأهم دور فى حياتها..  فجميلة القلب والخلق عاشت فى بيت  كان جارها فيه.. رجلًا  عايش هو وأخواته الثمانية وأمه العجوز، و أرملة لديها أربعة أبناء تزوجها الرجل لمساعدتها فى تربية الأبناء.

«رجوات منصور» فى الظاهر كانت جيناتها الأصلية بتدفعها لمساعدة الأسرة فى تربية الأولاد وتقديم أى مساعدة تقدر عليها.. وفى الباطن أم الرجل رأتها على حقيقتها... رأت جمالها الحقيقى وطيبة قلبها فقررت أن تزوجها لإبنها بعد رحيل زوجته.

«رجوات منصور» ملكة الجمال الحقيقى فى الظاهر استقرت وابتسمت لها الحياة، وفى الباطن بدأت مهمتها الراقية فى الدنيا.. فبعد فترة مات الرجل وماتت أمه العجوز وتركوا لها أربعة أيتام ،من زوجة أخرى وثمانية أشقاء للرجل، تخيل فجأة يبقى فى رقبتك 12 طفلًا ليس لك بهم أى علاقة وممكن ببساطة تتركهم وترحل أو حتى تطردهم من البيت وتعيش لنفسك.. لكن رجوات صاحبة الجينات الأصلية أصرت على البقاء، اشتغلت فى المحلات وخادمة فى البيوت ولم تتركهم لحظة.. اعتبرت الـ12 يتيمًا هدية ربنا لها.. كافحت وتحملت سخافات وأذية ليس لها حدود.. كرست حياتها ليهم لحد ما الـ12 يتيمًا كبروا واتخرجوا دكاترة ومهندسين وكلهم بقوا فى وظائف كبيرة.

فى الظاهر قرر كل واحد من الـ12 يأخدها تعيش عنده شهرًا ويبقى مسئولًا عنها وعن أكلها وشربها وخدمتها، وواحد منهم كان دكتور بيشتغل فى السعودية ،قرر أنه يطلعها معاه تحج، وكانت أمنية «رجوات» أنها تحج وتزور بيت ربنا.. وفى الباطن كانت روحها وجيناتها الأصلية تستعد للنهاية السعيدة.. هناك وبعد أداء المناسك تاهت «رجوات» فى الحرم النبوى وفضل يدور عليها لغاية ما لقاها ساجدة فى الحرم النبوى وفاضت روحها إلى بارئها، واتدفنت فى المدينة المنورة بعد رحلة كفاح طويلة فى تربية 12 يتيمًا.

«رجوات منصور» فى الظاهر أذاها وسخر من شكلها أصحاب الجينات الخبيثة.. وفى الباطن اختارها المولى عز وجل ملكة جمال الحرم النبوى فماتت ساجدة فيه.

احذروا من أصحاب الجينات الخبيثة وعاشقى الأذية ،ولا تبحثوا لهم عن منطق أو أسباب.. فالأذى عندهم مزاج وكيف.. أذى للاذى.. ينهشون، ويلدغون ويلسعون لسع العقارب.

احذروا من  الطفيليات والجراثيم، التى تعشق الفساد والأذى.. احذروا العناصر العفنة المؤذية التى تأكل جسد المجتمع، وتهز تماسكه، وتحاول هدمه.. هذه الطفيليات فى الظاهر تكدر الأنفس، وتشعل نار الفتنة، وتمزق روح الإخاء والمحبة والرحمة.. وفى الباطن تحارب الأبرياء والأنقياء والطيبين.. تشوه الخيرين والنبلاء.