الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لغة الجينات 40

لغة الجينات 40

‏»النفس اللوامة» هى التى تراجع مواقفها دائمًا وتحاسب نفسها على كل خطأ حساب عسير أما هؤلاء الذين ماتت ضمائرهم.. فالبعد عنهم غنيمة لأنهم لا يراجعون أفعالهم ولا يحاسبون أنفسهم وبالتالى لديهم استعداد لارتكاب أى جريمة.



«الضمير» فى الظاهر ممكن يكون وسادة من حرير لو تجاهلته أو قتلته زى ما أصحاب الجينات الخبيثة بيعملوا..  وفى الباطن وسادة من شوك بتقلقك وترجعك لصوابك.. جنة حقيقية بيعيش فيها أصحاب الجينات الأصلية لأنهم أول بأول بيحاسبوا أنفسهم وبيراجعوها وبيندموا.

«الضمير» فى الظاهر غير مرئى ولا ملموس، وفى الباطن سلطة توجه وتحاكم، وأحكام الضمير قد تكون فى غاية القسوة.. صوت داخلى يجبرك على  التفكير قبل الإقدام على فعل قد يلحق أذية ما بالآخرين.

«الضمير» فى الظاهر يبدو مسألة  فردية، لكن فى الباطن هو المحرك القوى القادر على أن يدفع ملايين الناس إلى التوحد فى سبيل تحقيق حلم لبلد .

«معدومو الضمير» من أصحاب الجينات الخبيثة.. فى الظاهر نفوس ضعيفة.. ضحت بكل شيء من أجل سلطة أو نفوذ أو فلوس.. ممكن تتعرف عليهم بسهولة.. يرتضون  الهوان والذل.. تربوا على الانحناء وتقبيل الأيادى .

«الضمير» عند أصحاب الجينات الأصلية  فى الظاهر قدرة عظيمة  على المعرفة والتمييز بين  الخطأ والصواب.. وفى الباطن منحة ربانية تفرق  بين الحق والباطل، ندم شديد  على أفكار تخالف المبادئ حتى لو  لم تترجم بعد إلى أفعال.

«معدومو الضمير» من أصحاب الجينات الخبيثة.. فى الظاهر موهوبون فى تشكيك أصحاب الجينات الأصلية فى أنفسهم.. بيوصلوك أنك تتوهم أنك غلطان وتفتكر أن العيب فيك لأنك بتراعى ضميرك ... عايزينك تكذب... تسرق... تخون الأمانة... تتنازل شوية ما فيهاش حاجة... تتكلم فى الهيافة... ضمير إيه يا أبو ضمير... شوية متاجرة بالكلام وتخلص الحكاية.. تبقى كبير وعظيم وكل الأبواب تتفتح لك.

«فخرى عبدالنور» واحد من أصحاب الجينات المصرية الأصلية.. رفض أن يبيع ضميره أو يخالفه حتى لو كلفه ذلك البقاء فى السجن وخسارة أمواله.

«فخرى عبدالنور» فى الظاهر قبطى ثرى يعيش حياة مترفة.. وفى الباطن مهموم ببلده سعى لمعرفة سعد باشا زغلول ومناصرته فى الدفاع عن البلد وحقها فى حياة أفضل.

«فخرى عبدالنور» فى الظاهر كان يمكنه العيش بأمان والاستمتاع بثروته الكبيرة وعائلته العريقة تحميه.. لكن فى الباطن دفعته جيناته الأصلية نحو العمل السياسى ليشارك فى اللجنة المركزية للوفد والاتصال بالقواعد الشعبية؛ خصوصًا فى الريف، والصعيد.

«فخرى عبدالنور« فى الظاهر كان يعيش حياة الترف.. وفى الباطن لاحظ خلو قائمة التوقيعات بتوكيل سعد باشا فى الدفاع عن مصر، فقام مع ويصا واصف وتوفيق أندراوس بالتوقيع، ثم انضم سينوت حنا وواصف بطرس غالى وجورج خياط ومرقص حنا وسلامة ميخائيل وراغب إسكندر.

«فخرى عبدالنور» مع تصاعُد الأحداث فى ثورة 19  نفى سعد زعلول كان يمكنه أن يهادن ويهدّئ.. خاصة والمستعمر حاول مساومته على حريته وخيره  بين اعتزال العمل الوطنى ومساعدته فى نيل عضوية مجلس النواب أو استمرار الاعتقال.. لكنه فى الباطن ينتصر للضمير  ويتمسك بالعمل الوطنى، ويعتقل لمدة 9 شهور.

«الجينات الأصلية لعائلة عبدالنور.. لم تتوقف عند العمل بالسياسة بل امتدت  لأدوار مشهودة فى الأعمال الخيرية، منها المساهمة فى بناء المساجد، حتى أنها خصصت بدار 

«عبدالنور» بجرجا غرفة للشيخ محمد حسنين العدوى- وكيل الجامع الأزهر الأسبق ووالد الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتى الديار المصرية فى بداية الخمسينيات - سُميت باسم «غرفة الشيخ».

«فخرى عبدالنور» ظل مخلصًا لوطنه وضميره حتى آخر يوم فى عمره فقد سقط داخل قاعة البرلمان المصرى، وأسلم روحه وهو يقدم استجوابًا كعضو فى مجلس النواب لأحد الوزراء فى ديسمبر 1942.

اعلم أن من يضحى بضميره من أجل طموحه وأحلامه يبيع نفسه فى الظاهر ليظل فى الباطن عبدًا.

واعلم أن تأنيب الضمير الذى يجعلك لاتنام أبدا حينما تخطئ هو الدليل على جيناتك الأصلية.. فلو عاد لك ضميرك فى لحظة لا تتردد واعمل الصواب.

واعلم أن ‏تأنيب الضمير الذى يشعرك أنك أسوأ إنسان على وجه الأرض فى الظاهر.. هو نفسه الدليل على أنك  من أطهر الناس قلبًا... فالضمير شمعة فى قلب إنسان مظلم.. إن أشعلتها لربما ستتألم قليلا من حرارتها لكنها بالتأكيد  ستنير لك طريقك الصحيح.