الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عشر سنوات من 25 يناير 2011

عشر سنوات من 25 يناير 2011

أمس مر عشر سنوات على أحداث 25 يناير 2011 والتى تأججت واستعر لهيبها خلال 18 يومًا انتهت فى 11 فبراير 2011 بتنحى المغفور له الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك عن الحكم.. وخلال تلك السنوات العشر الماضية تتابعت قراءات وبحوث ودراسات بل وكتب متعمقة بلغات العالم كله، تتناول مختلف جوانبها السياسية والدستورية والاجتماعية والاقتصادية.. ومن ثم فلسنا هُنا فى معرض التحليل ولا النقد.. بل فى مجال الوعى.. والوعى فقط!! 



فقد استقبل الشعب المصرى تلك الأحداث – حينها – بمختلف أطيافه وفئاته بأمل متنام فى الثلاثية المشروعة  «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».. والتى جاءت بعد أيام من ثورة الياسمين فى تونس.. وتلتها أحداث مشابهة فى ليبيا واليمن.. ما أُطلق عليه ثورات الربيع العربى.. والتى تكشفت – من بعد - كثيرًا من وقائعها الخفية ودهاليزها السرية. 

كما أُذَكِّر نفسى قبل القارئ الكريم، أن تلك الأحداث حققت - رغم مراراتها – هدفًا استراتيجيًا وطنيًا لم نكن نحلم به – كمصريين – وهو إماطة اللثام عن كثير من وجوه كريهة عاشت بيننا كثيرًا.. وفى ذات الوقت ظهور وجوه جديدة من الوطنيين المخلصين لمصريتهم الأصيلة. 

ولكن بقراءة واعية للأحداث.. نحدد بداءة مفهوم الثورة بأنها؛ تغيير جذرى فى أوضاع المجتمع لا تتبع فيه ظروف دستورية، وهدفها تغيير النظام السياسى أو الاجتماعى أو الاقتصادى، وبالتالى كل حركة تؤدى إلى تغيير جذرى فى المجتمع (دون عنف أو قهر) فهى بمعنى ما ثورة، نقول الثورة الصناعية، والثورة الثقافية، والثورة الاشتراكية، وهكذا.. ومن ثم كانت ثورة 23 يوليو 1952 فى مصر، والتى بدأت بحركة من مجموعة من الضباط الأحرار الشرفاء ساندها وأيدها الشعب المصرى عن بكرة أبيه ودون إراقة نقطة دم واحدة.. وانتهت – بعد عدة ساعات – برحيل الملك ومن ثم تغيير نظام الحكم تمامًا من الملكية إلى الجمهورية ، فكانت التداعيات الدستورية والقانونية لتأطير النظام الجديد.

وبتطبيق هذا المفهوم على أحداث 25 يناير 2011 نجد أن الوضع جاء مغايرًا (منهجًا وأداءً)، فمنهج الأحداث هو استمرار نظام الحكم كما هو – من الوجهة الدستورية – وكل ما فى الأمر إصدار إعلان دستورى فى 13 فبراير 2011 بتعطيل العمل بدستور 1971 القائم وقتذاك، وتشكيل لجنة لتعديل هذا الدستور المعطل، أى أن منهج الأحداث ليس ثورة بل إصلاحات دستورية حتى تتلاءم مع مطالب المحتجين.. وفى الواقع أنه حتى تلك الإصلاحات الدستورية كان قد استجاب لها نظام مبارك – الراحل بعد تلك الأحداث - بتشكيله بالفعل لجنة لتعديلات دستورية برئاسة قاضى القضاة حينها القاضى الجليل الدكتور سرى صيام رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى. 

أما الأداء فقد صاحبت تلك الأحداث مؤامرات داخلية وخارجية تجسدت فى قتل مئات الأرواح التى أزهقت وآلاف من المصابين والجرحى دون ذنب ولا جريرة، وتنظيم مدبر بالفوضى والتخريب وهروب المساجين وحرق أقسام الشرطة، والطامة الكبرى حرق المجمع العلمى بكنوزه وتراثه الذى لا يعوض.. ناهيك عن عشرات الأقضية والأنزعة التى جرت بشأنها محاكمات لم تنته حتى كتابة هذه السطور.

 ولا يخفى على حكمة وحنكة المواطن المصرى الشريف وجود أيادٍ خفية أججت الأحداث ودفعتها لبلوغ ذروتها ، ليس فقط برحيل الرئيس مبارك عن الحكم – رحمه الله –  ، ولكن بتداعياتها الإرهابية بالتهديد بحرق مصر بأرضها وسماها ، ما لم يتمكنوا من حكم البلاد.. وبعد جولات من الكر والفر.. والتهديد والوعيد.. وتحقيقات قضايا التمويل الأجنبى – بجهود ملموسة من المسئولين الشرفاء، حتى ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم، وأنهم قادرون عليها، فأتاها أمر الله سبحانه وتعالى بين عشية وضحاها؛ بثورة شعبية فى 30 يونيو 2013، ساندتها وأطَّرت لمشروعيتها خارطة طريق محددة وواضحة صدرت فى 3 يوليو 2013 سارت فى ثبات ومؤازرة جميع أطياف الشعب المصرى العظيم.

وأخيرًا فإن ما يتردد من أن ديباجة دستور 2014 وصفت تلك الأحداث بالثورة فى موضعين منها ومن ثم فهى ملزمة للكافة بهذا الوصف، فإنه مردود بسيطرة العاطفة الجياشة فى توقيت كتابة تلك العبارات، بالجمع بين أحداث 25 يناير وثورة 30 يونيو فى جملة واحدة، وهو ما يجعلنى أستدعى الظرف التاريخى العاطفى فى تلك الظروف الدقيقة التى كانت تجتازها مصر والتى أقدرها واحترمها للغاية، فهو لا يعدو أن يكون وصفًا أدبيًا راقيًا وليس قانونيًا لا إلزام فيه والله أعلم. 

وهو ما دعانى للمطالبة – فى كتاب الوعى الدستورى – بإعداد دستور جديد للبلاد فى نصوص دستورية واضحة محدودة ومحددة لا تتجاوز 50 مادة وليس 254.. يبين (إطاريًا وليس تفصيليًا) شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.