الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دعوة للتفاؤل...

دعوة للتفاؤل...

رغم عدم تخصصى فى علمى النفس والأخلاق.. إلا أننى أجدنى مدفوعا للكتابة فى هذا الموضوع الشائك والشائق كذلك.. حيث لا تكاد تشرق الشمس كل صباح حتى تتوالى أخبار الحروب والقتل والتدمير والتخريب..هذا ما نسمعه ونشاهده من خلال وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء، أمّا وسائل التواصل الاجتماعى فتكرس مدوناتها الخبيثة وأخبارها الموهومة بحالات الانتحار والاكتئاب والعنف والكراهية، بما يؤثر على الأمن الإنسانى والاجتماعى.



نعم فقد تطور العلم من جهة ولكن تقهقرت الإنسانية من جهة أخرى.. والأخلاق تعد المرآة الصادقة للإنسان.. فهى التى تقوم بتهذيب العقل تهذيبًا يتناسب مع إنسانية الإنسان وتوافقه مع الطبيعة، كما تميز ردود فعل الإنسان وتحثه على اختيار الفضيلة والعمل الصالح فى الظروف والخيارات الصعبة.. وقد حثت جميع الأديان السماوية على الأخلاق الفاضلة وإن اختلفت فى بعض التفاصيل وجاء الإسلام ليتممها كما قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم): «إنَّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» فجميع الأديان ترى الصدق والأمانة ومساعدة الآخرين من الفضائل وترى الكذب والخداع والجبن من الرذائل. 

والحقيقة أن الأخلاق والفضيلة ليست من الكماليات.. فهى ليست لباسا فاخرا تتزين به المرأة أو خاتما ثمينا يتزين به الرجل.. إنها أساسية للحياة مثل الماء والهواء والغذاء لكى يستطيع الإنسان الحياة بشكل طبيعى منسجم مع الكون يتمتع بسلام داخلى وينعكس ذلك على السلام الخارجى، فالفضيلة أكثر من مجرد وعظ ونصح وإذ ما اندمجت هذه المفاهيم بالعلوم الطبيعية الأساسية، فالأخلاق هى علم من العلوم الطبيعة الأساسية تستمد دعائمها وأسسها من القوانين الطبيعية كالفيزياء مثلًا، فالأخلاق والرذيلة تُكتسب من البيئة الأسرية فى بداية نشأة الطفل، وتغرس الأسرة مفاهيمها وتناقضاتها فى عقله.

فكثيرًا ما لا يتذكر الإنسان المواقف التى تعرض لها منذ طفولته وركزت فيه مفاهيم تعزز أو تمحو لديه الأخلاق ولكنها بالتأكيد غير ممحوة من الذاكرة. فهى مخزونة بتفاصيلها التامة والدقيقة فى القسم الأهم من العقل والمسمى باللاشعور. هذا اللاشعور الذى يلعب دور المبرمج للعقل الواعى وتتأثر به حياته تباعًا. 

اللاشعور هو الجزء الأكبر من العقل والذى يتم فيه تخزين كم هائل من المعلومات منذ البداية ويقوم بالتحليلات النفسية للأحداث ويعطيها المعنى الذى نفهمه. فالحدث بحد ذاته لا معنى له إلا المعنى الذى يعطيه العقل لنا.. فيقوم اللاشعور ببناء نفسه ابتداءً من الأيام الأولى لولادته، بل قبل ذلك، وتساهم البيئة والتربية والوالدان والأحداث والمعلومات المختلفة فى مسيرة الحياة برسم الصورة الشاملة التى يكون عليها لا شعور الفرد فى كل لحظة، وتساهم ردود فعله هو والآخرون تجاه هذه الأحداث وما ترمز له هذه الأحداث وردود الفعل من معان.. جميعها تساهم فى تكوين معتقدات وافتراضات عن الحياة بمجملها كنظرته عن نفسه وعن الآخرين وعن الحياة وغيرها، شاملًا بذلك أدق تفاصيل حياته ورغباته وقدراته.. كل هذه المعلومات تحفظ فى ذاكرة اللاشعور، وكل ذلك يساهم فى برمجة اللاشعور.. فبرمجة اللاشعور تحدث بطريقة غير واعية لأغلب الناس ولكن يستثنى من هؤلاء أولئك الذين يتحلون بالأخلاق الروحية، فهم يبرمجون لا شعورهم بوعى تام ولهم السيطرة التامة على ما يكوِّنه اللاشعور من معتقدات وافتراضات عن أنفسهم وعن الحياة من حولهم، ولكن فى جميع الأحوال، لا يتوقف اللاشعور عن التغيير سواء كان ذلك بوعى أم بدون وعي. 

وفى كل مرحلة من مراحل الحياة، هناك أمران أساسيان يؤثران بطريقة مباشرة على اللاشعور أولهما الكلمة والآخر السلوك المتكرر.. اللاشعور بدوره يؤثر بطريقة مباشرة على استقامة الفرد ونجاحه وتناغمه مع الكون من حوله، فللكلمة وزن كبير فى القرآن الكريم وفى البدء كانت الكلمة، وكانت الكلمة حيث لم يكن أى خلق آخر، فالله سبحانه وتعالى خلق الكون بكلمة « كن فيكون.» 

فبرمجة اللاشعور تحدث بطريقة غير واعية لأغلب الناس ولكن يستثنى من هؤلاء أولئك الذين يتحلون بالأخلاق الروحية، فهم يبرمجون لا شعورهم بوعى تام ولهم السيطرة التامة على ما يكوِّنه اللاشعور من معتقدات أو افتراضات عن أنفسهم وعن الحياة من حولهم، ولكن فى جميع الأحوال، لا يتوقف اللاشعور عن التغيير سواء كان ذلك بوعى أم بدونه.

هذه دعوة أطلقها إلى كل ذى لب ( أى قلب ) سليم صحيح خال من الكراهية والبغضاء ونظرية المؤامرة، أن يطرح كل تلك الأفكار السوداوية التى تؤرق مضجعه، وتعكر عليه صفو حياته.. إنها حياة واحدة.. بحلوها وكدرها، بانتصاراتها وانكساراتها، بنجاحاتها وإحباطاتها..نعيشها ونحياها بقلوب صافية ونفوس راضية متجاوزين – بعون الله تعالى- النكبات وصولا إلى الأمل، لاستشراف مستقبل أفضل وأجمل وأكمل. وبالقانون تحيا مصر