الأربعاء 3 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
1+1=2

1+1=2

حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى مؤخرا عن الزيادة السكانية قد جاء بالفعل على جرح العديد من السيدات اللاتى لا يمتلكن من أمرهن شيئا، ولم يكن قرار الإنجاب من اختصاصهن ذات يوم، بل هو من اختصاص الرجل الذى يحدد متى يريد الإنجاب وكم العدد، اعتقاداً منه أن «العيال عزوة»، و»كل عيل بيجى برزقه»، وإذا كنا قديما قد تربينا على أمثال شعبية لم تكن الآن صالحة للاستهلاك الآدمي، فإن عبارة «اربطيه بالعيال» تحولت بفعل بعض الرجال إلى العكس تماماً.



فبعد أن كان إنجاب عدد كبير من الأطفال يعد صمام أمان للمرأة خاصة فى الريف، بحكم أنه يقى المرأة من خطر الطلاق أو من خطر تزوج الزوج بأخرى، أصبح هناك نوع من الرجال، منتشر بكثرة فى المدن، يطلق عليه مثقف وذو عقل مستنير، ولكن كل إنجازاته فى الحياة تنحسر فى موضوع «الخلفة» ليربط الزوجة بالعيال، فلا تنتبه لنفسها ولا صحتها، ولا تكون تنمية المجتمع  من أولوياتها بالأساس، وتكون مهمتها الأساسية مكرسة نحو الحياة المنزلية وإنجاب وتربية الأطفال الذين أخذوا من صحتها، فتنهك قواها ولم تستطع بأى حال أن تكون فى دائرة التمكين.

تمكين المرأة على جميع الأصعدة هو كلمة السر فى حل مشكلة الزيادة السكانية، فالعديد من المآسى التى تعانى منها المرأة، كالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وبتر الأعضاء التناسلية للإناث، وزواج الأطفال، والأمية، تسهم بشكل كبير فى ارتفاع معدل الخصوبة والنمو السكاني، لأن النساء اللاتى يتمتعن بقوة اجتماعية وعلمية ويمتلكن القدرة على اتخاذ قرار ذاتى واختيار حقيقى فى عدد الأطفال وضرورة المباعدة بين الولادات، هن أكثر قدرة على السيطرة على النمو السكانى المتسارع.

وإذا كانت القيادة السياسية لا تسعى لحل المشكلة من خلال إصدار قوانين حادة، بل دفع الناس إلى استشعار المسئولية والمساهمة فى مواجهة هذه المشكلة، فإن تمكين المرأة المصرية فى المجتمع وتعليمها هو أقوى الأسلحة فى مواجهة مشكلة الزيادة السكانية وإحدى الركائز المهمة والمحاور الفعالة لأى استراتيجية سكانية ناجحة، ولذلك نجد محور تمكين المرأة ضمن أهم محاور الاستراتيجية القومية للسكان ٢٠١٥/٢٠٣٠ التى وضعتها مصر لأن الاستثمار فى تحقيق قوة المرأة والتمسك بحقوقها اليوم سيعود بمستقبل أكثر عدلا وازدهاراً فى شتى مجالات الحياة.

بلغة الأرقام وطبقا لبيانات الهيئة العامة لتعليم الكبار، فى يوليو 2019 فإن نسبة الأمية بين الإناث ترتفع عن الذكور، حيث بلغت أعدادهم 10.6 مليون نسمة بمعدل 30.8٪، مقابل 7.8 مليون نسمة للذكور بمعدل 21.1%، وارتفاع معدلات الأمية بين النساء يؤدى إلى الزواج المبكر للإناث، وبالتالى الإنجاب المبكر، فالفتاة تكون فى أعلى المراحل خصوبة، لذلك لابد أن تحصل الفتاة على حقها الطبيعى فى التعليم ومن ثم تتمكن من الحصول على عمل مناسب، وفى نفس الوقت تكون فى سن مناسبة للزواج والإنجاب.

مواجهة المشكلة السكانية وتداعياتها ليس أمراً مستحيلاً، فى ظل اهتمام القيادة السياسية بهذه المشكلة، وتكاتف كافة الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، خاصة أن هناك تجارب دولية نجحت فى مواجهة المشكلة السكانية، وخفض معدلات الإنجاب، ومن ثم بدأت شعوبها فى الشعور بنتائج خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولن نفعل مثل الصين التى تبنت سياسة «إنجاب الطفل الواحد»، بل إن إنجاب طفلين مناسب تماماً لنا كمصريين وإنجاب أكثر من اثنين يتحول لمشكلة يجب أن ننتبه لها ونسهم مع الحكومة فى تلافى آثارها لتحسين الأوضاع الحياتية لأولادنا فى مختلف النواحي.