الأحد 7 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

قصة 150 ساعـة توقفـت فيهـا الدنيـا

قناة السويس شــــــــــريان حياة العالم

عكس واقعة السفينة البنمية الجانحة Ever Given فى المجرى الملاحى لقناة السويس وتحديدا فى المدخل الجنوبى بالقناة الأم، أهمية المجرى الملاحى العالمي، ومدى تأثره من الناحية الاقتصادية، بهذا الممر المصرى العالمى والعملاق، وما تبعه من زيادة أسعار النفط والوقود وإلغاء العديد من رحلات البضائع وإرجائها، لحين تعويم السفينة وعودة الملاحة البحرية فى هذا الممر الملاحى لقناة السويس.. ففى البداية أكدت واقعة السفينة البنمية أهمية ذلك المجرى الملاحى العالمي، ومدى تأثيره على الاقتصاد العالمى، فقد أسفرت تداعيات الأزمة، عن ارتفاع أسعار البترول، بعد تواتر الأنباء عن ١٠ ناقلات بترول ضمن ٣٢١ سفينة فى منطقة الانتظار فى المجرى الملاحى للقناة، وتأخيرهم يوثر على المعروض من البترول. 



 

القوة الضاربة من القاطرات البحرية نجحت فى تحريك مؤخرة السفينة العملاقة

 

الخطة المصرية كانت جيدة نظريًا، فى تحرير مؤخرة السفينة، ثم تحرير مقدمتها، ثم دفعهما فى اتجاهين متعاكسين حتى تصبح السفينة موازية لمسار القناة وينتهى الأمر.

فى البداية استعانت السلطات المحلية بالقوة الضاربة من القاطرات البحرية لتحريك مؤخرة السفينة، والتى ربما نجحت جزئيًا فى زحزحة مؤخرة السفينة العملاقة، لكنها لم تنجح فى البداية  ولكن ومع عملية الجزر عادة فى التعطل رفاص فى الجزء الاسفل من السفينة البنمية، فكانت الخطوة الثانية هى محاولة إفراغ الرمال حول مقدمة السفينة، وهذه الخطوة نجحت أيضا فى اظهار مقدمة السفينة التى كانت مدفونة تمامًا، وعليه تم نجاح رجال هيئة قناة السويس والقوى الضاربة فى تعويم السفينة البنمية Ever Given فجر يوم الاثنين كما كانت جميع التوقعات.

كما قلت، الخطة كانت جيدة نظريًا فى أى حادث طبيعى، ولكن تظل أزمة هذه السفينة العملاقة دفينة الرمال، أمر أكثر صعوبة من التصور العقلى، فهى السفينة الأطول والاثقل ضمن  حاملات البضائع فى العالم، مما دفع وكالة سبوتنيك الروسية القول بإنها «أكبر كارثة تحل بسفينة حاويات فى العالم».

كل ساعة من المجهودات تكلف التجارة العالمية الملايين، ولانه لا يوجد متسع من الوقت للمحاولات، فقد حان الوقت لبعض الاتصالات التليفونية، هولندا على الخط الآخر، أفضل فريق إنقاذ وتخليص فى العالم SMIT Salvage المتخصص فى إنقاذ وتعويم السفن فى المضايق وخصوصا اثناء العواصف، ثم مكالمة أخرى للفريق اليابانى Nippon Salvage Team بالاضافة الى متخصصين من الشركة المشغلة للسفينة والخط الملاحى وهيئة قناة السويس، فيعكس ذلك تواجد عمال ورجال  من أفضل خبراء فى العالم لحل أصعب مشكلة فى العالم، من رجال هيئة قناة السويس وعلى مستوى العالم.

 

فرحة العاملين بالإنجاز العالمى

 

بدأت التبريكات بين المصريين بوجه عام وأهالى محافظة الإسماعيلية بوجه خاص، فى التوالى فور إعلان رئيس الجمهورية عن نجاح رجال وعاملى هيئة قناة السويس، وبداية تعويم السفينة البنمية Ever given الجانحة بالمجرى الملاحى لقناة السويس منطقة ١٥١ ترقيم قناة، تعكس مدى تاثير المصريين، بأحداث هيئة قناة السويس شريان الحياة فى مصر.

ويقول محمود عبد اللطيف عامل بهيئة قناة السويس: خمسة أيام من التعب والارهاق والترقب الشديد، عشنا تفاصيلها كاملة يوما يتلو الآخر ولحظة تتابع أخرى، ننتظر رجوع السفينة البنمية الى مسارها الصحيح واستئناف رحلتها فى المجرى الملاحى من جديد، ومع مشاهدتنا لمشهد تعويم السفينة، كانت فرحة كبيرة لا يعادلها فرحة سوى فرحة الحياة من جديد، هنا نشعر جميعا، انها لحظة ولادة حقيقية لنا.

 

تاريخ مشرف للقناة كأسرع ممر مائى مزدوج

 

يمر على المجرى الملاحى العالمى لقناة السويس ٣٠٪ من حركة السفن و١٢٪ من حركة التجارة العالمية، وفى حالة إغلاق ذلك الممر فى السويس وتحديدا فى المدخل الجنوبى من القناة، سيتأثر إمداد الطاقة فى أوروبا.

وقناة السويس هى ممر مائى اصطناعى ازدواجى المرور فى مصر، يبلغ طولها 193 كم وتصل بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، وتنقسم طوليًا إلى قسمين شمال وجنوب البحيرات المرّة، وعرضيًا إلى ممرين فى أغلب أجزائها لتسمح بعبور السفن فى اتجاهين فى نفس الوقت بين كل من أوروبا وآسيا، وتعتبر أسرع ممر بحرى بين القارتين وتوفر نحو 15 يومًا فى المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون فى شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفى عام 1854 استطاع ديلسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالى، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة ديلسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاما. استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 - 1869).

وساهم فى عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصرى، استشهد منهم أكثر من 120 ألفا أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة. وتم افتتاح القناة عام 1869 فى حفل مهيب وبميزانية ضخمة. وفى عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عامًا إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفى يوليو عام 1956 قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذى تسبب فى إعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة إسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثى والذى انتهى بانسحابهم تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.