الخميس 25 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحماية القانونية للمدنيين فى فلسطين

الحماية القانونية للمدنيين فى فلسطين

استيقظ العالم منذ أيام على صوت أزيز الطائرات وهدير الدبابات فى غارات متتالية ومتتابعة وهجوم برى وحشى على مدنيين عُزّل فى غزة بدولة فلسطين المحتلة،  ولن أردد عبارات الشجب والاستهجان والإدانة.. لجرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل دون هوادة على أرض فلسطين المحتلة، فهذه مفردات عفي عليها الزمن وأصبحت مصطلحات كريهة على جميع المستويات.



 ولكن هذا وقت القانون.. نعم فقواعد القانون الدولى تكفل حماية كاملة لهؤلاء المدنيين، وحاصلها تجريم قتل أو مهاجمة أى أشخاص من المدنيين، حتى أثناء النزاعات المسلحة. 

فهذه الحماية  تنظمها اتفاقيات القانون الدولى الإنسانى بما ورد فيها من أحكام فى اتفاقية لاهاى لسنة 1899 واتفاقية لاهاى لسنة 1907 وما ورد أيضًا من اتفاقيات جنيف لعام 1949 وكما ورد أيضًا فى البروتوكول الأول لعام 1977 والذى تغطى أحكامه حالات المنازعات المسلحة الدولية بالإضافة إلى حالات المنازعات المسلحة التى تقاوم فيها الشعوب النظم الاستعمارية والاحتلال الأجنبى ونظم التمييز  العنصرى طبقًا لحق الشعوب فى تقرير المصير (طبقًا لما نصت عليه المادة الأولى فقرة 4 من البروتوكول الأول).

وما من شك أن إحدي ركائز النظام القانونى للقانون الدولى الإنسانى هى اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتى صدقت عليها معظم دول المجتمع الدولى (عدد 191 دولة تقريبًا حتى الآن) وتعكس نصوص هذه الاتفاقيات قواعد حماية الأشخاص  الذين   يقعون فى قبضة العدو، أما عن نصوص اتفاقيات جنيف الرابعة والتى تتضمن قواعد القانون الدولى الإنسانى الخاصة بحماية المدنيين فى زمن الحرب وفى حالات الاحتلال الحربى فهى أيضًا واجبة التطبيق على المنازعات المسلحة الدولية الحديثة وحالات الاحتلال الحربى لبعض الدول المحتلة أراضيها والتى منها على سبيل المثال الأراضى الفلسطينية المحتلة والتى تقوم فيها سلطات وقوات الاحتلال الإسرائيلى بانتهاك هذه النصوص بالرغم من تصديق إسرائيل على هذه الاتفاقية دون أي تحفظات جوهرية، فيما عدا تحفظ إسرائيل الخاص بالمطالبة باعتماد شارة نجمة داود الحمراء كشارة حماية دولية معترف بها مثل شارة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، وبالتالى فهى تلتزم بتطبيق قواعد هذه الاتفاقية فى معاملة المدنيين فى الأراضى الفلسطينية التى تحتلها، وفيما يتعلق بنصوص البروتوكول الأول لعام 1977 والذى مازالت عدد من الدول لم تصدق عليه (161 دولة فقط حتى الآن) فإن معظم هذه النصوص تعكس المبادئ والأحكام والأسس التى وردت فى القانون العرفى الدولى والتى اعتادت الدول على تطبيقها فى حالات المنازعات المسلحة الدولية، كما أن المادة (32) من اتفاقية جنيف الرابعة، وفى موضع الأحكام الخاصة بحماية حق الحياة، للمدنيين فى الأراضى المحتلة نصت على أن «يتفق الأطراف المتعاقدون على الأخص على أنه من المحظور على أى منهم أن يتخذ إجراءات من شأنها تسبب التعذيب البدنى أو إبادة الأشخاص المحميين الموجودين تحت سلطته ولا يقتصر هذا الحظر على مجرد القتل والتعذيب والعقوبات البدنية وبتر الأعضاء والتجارب الطبية أو العلمية التى تقتضيها ضرورات العلم الطبي، ولكنه يشمل أيضًا أى إجراءات وحشية أخرى سواء من ممثلى هذه الدول المدنيين أو العسكريين»، فطبقًا لهذه المادة فإن هذه الأعمال محظور ارتكابها بواسطة دولة الاحتلال ضد الأشخاص المدنيين سواء كانوا من الأعداء أو من غير الأعداء طالما أنهم تحت سيطرة الدولة.. وبالمثل نصت المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة على تحريم اتخاذ الإجراءات الإرهابية ضد الأشخاص المدنيين أو تعذيبهم، كما حرمت اتفاقية المدنيين ارتكاب الأعمال التى من شأنها التعرض لحق الإنسان فى الحياة سواء كان ذلك بإنهاء هذه الحياة عن طريق القتل العمد أو كان ذلك بتعريض هذه الحياة للخطر عن طريق أعمال التعذيب المختلفة والإجراءات غير الإنسانية التى قد تسبب آلاما كثيرة للحياة البشرية، فقد اعتبرت المادة 147 من الاتفاقية أن تلك الأعمال تعتبر مخالفات خطيرة لهذه الاتفاقية، وأنها تستلزم طبقًا لأحكام المادة 146 فرض عقوبات فعالة على الأشخاص الذين يرتكبون هذه الأفعال أو يأمرون بها، ويكون هذا بلائحة اتهام من مجلس الأمن الدولى أمام المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى وفقا لنظام روما المنشئ للمحكمة. 

كانت تلك مجرد ومضات قانونية خاطفة فيما سمحت به سطور المقال، ولكن دون هذا يقينًا آلاف من الأوراق والمستندات والحجج والبراهين والأسانيد القانونية المؤيَّدة بواقع مأساوى ودموى منذ عشرات السنين.. لا سامحهم الله!! 

ومن جانبى وعلى مستواى الشخصى الأسرى ، فقد سارعتُ بالاتصال بأشقائى الأعزاء وأصدقائى الأجلاء، فى فلسطين الغالية، بعرض استضافة حقيقية لأى من حضراتهم وأسرهم الفاضلة، يحلون علينا أصحاب مكان وليسوا ضيوفًا، حتى يعودوا إلى ديارهم معززين مكرمين. 

وبالقانون.. تحيا الشعوب