الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إيهاب شاكر

إيهاب شاكر

ذات يوم حلم الطفل إيهاب شاكر بأن وجه أحد أصدقائه يشبه متوازى المستطيلات، فقام من النوم ورسم شكله، هذا الحلم كان نقطة تحول فى حياة إيهاب شاكر فعلى إثره أحب الفن، حتى إنه سحب أوراق تقدمه لكلية الطب، ليلتحق بكلية الفنون الجميلة التى تخرج فيها وعمل رساما للكاريكاتير والرسوم الصحافية بمؤسسة «روزاليوسف» وليصير من أهم الرسامين المصريين والعرب، ويكُرم فى المعرض التأسيسى للرسوم الصحافية الذى نظم فى مصر. وتعالوا لنستمع إلى الكثير من الفنان إيهاب شاكر. 



- بالطبع كانت مفاجأة جميلة وغير متوقعة، لأن الرسوم الصحافية أصبحت بالنسبة لى حياة، أمارسها يوميا فأصبحت مثل الأكل والشرب والنوم فهل ننتظر تكريما على ممارسة هذه الأشياء، إنها مفاجأة سارة على العموم.

الفن فى بيتنا 

كان الفن موجودا فى بيتنا فى صور كثيرة، والفضل فى هذا يرجع إلى أبى الذى عمل موظفًا بقلم السكة الحديد، ومدرسًا أيضًا، وكان نموذجًا للأب الذى يستقطع من دخله لأجل أبنائه وتربيتهم وتعليمهم، بالإضافة إلى تشجيعه لنا فى مجال الفنون، وكان هذا فى تصورى مسبوقًا فى ذلك الوقت خاصة وأن الآخرين يسخرون من كلمة فن، لذا كنا من الأطفال الذين شاهدوا معارض الربيع التى أقيمت بباريس فى أوائل القرن، ففوق دولاب أبى كانت تتكدس أكوام من مجلة «الإستراسيون» وهى مجلة مصورة بالفرنسية من القطع الكبيرة35 50x سم مرسومة ومزينة بصور وملازم بالخط الملون مع العديد من اللوحات الفنية، وكانت هناك أعداد خاصة عن صالون باريس للربيع.

 كنا نصعد إليها بسلم أنا وأخى ناجى ونتأملها عددًا عددًا ونتصفحها بالتفصيل! ومن بداية الطفولة أحببت الأوبرا المصرية بالإضافة إلى وجود «بيك أب» واسطوانات كجزء من أساسيات بيتنا مع وجود «الفوتوغراف أبو بوق» والذى كان يمتلكه جدى ونشاركه الاستماع إلى منيرة المهدية وسيد درويش وأم كلثوم فى بدايتها.

كاد أن يقع حريق 

كان والدى يصحبنا من أسبوع لآخر إلى السينما، فشاهدنا فى ذلك الوقت أفلام «والت ديزني» مثل: «الأميرة والأقزام السبعة» و»بيونوكيو» و»فانتازيا»، وهذا الفيلم الأخير بالذات عندما رأيته فى طفولتى زرع بداخلى بذرة عميقة كانت الهدف فى تكوينى الفني... وأخذت تكبر إلى أن أصبحت هدفى الأساسى فى الفن فيما بعد!!

ومع أفلام ديزنى شاهدنا أفلام شارلى شابلن، كل هذا كان بمثابة الغذاء المستمر والذى عمق لدينا الاهتمام بالسينما من البداية حتى أن ولعنا بها كاد أن يؤدى إلى كارثة ولكن الله ستر.. ففى أيام الدراسة كنا نستقل الترام الأبيض من سراى القبة إلى المدرسة بميدان الإسماعيلية واسمها المدرسة المعدية مكانها حاليا مدرسة سان جورج، وبباقى مصروفنا كنا نشترى يوميًا شرائط من الأفلام وكانت تحوى لقطات سينمائية متتابعة.. كنا نقوم بتكبيرها على الشاشة، والتى غالبًا ما تكون ملاءة سرير بنظارة والدى المعظمة وذلك مع ضوء شمعة، وفى يوم حدث حريق من جراء العبث بالكبريت واحترقت الأفلام وزاد اشتعالها وبدأت تأتى على ما حولها، ولكن تم إطفاء النار سريعًا فقد خدمتنا الظروف لاتساع البيت، وكان من البيوت ذات الطراز القديم.. كان جزاؤنا بعد ذلك منع دخول هذه الأفلام، وذلك بأمر والدتي.

تركت الطب من أجل الفن

لفترة قصيرة التحقت أنا وأخى ناجى بمدرسة ليوناردو دافنشي.. تخصص ناجى فى الديكور أما أنا فاخترت قسم التصوير.. بعدها دخل ناجى كلية الفنون الجميلة ورغم أن الفن بالنسبة لى متعة إلا أن كان لدى حب للعلوم، وتمنيت أن أصبح طبيبًا.. وبالفعل بعد حصولى على الثانوية العامة دخلت كلية طب إسكندرية.. وفى الإجازة الصيفية اشتركنا فى معسكر بمصيف رأس البر.. هناك التقيت بعنايت الله إبراهيم والد الفنان هبة عنايت، وطوال فترة المعسكر كان يمدنا بالورق والصلصال، وعندما رأى رسومى وتماثيلى نصحنى أن أترك الطب والتحقق بالفنون الجميلة وقال لي: من الأفضل أن تصير فنانا ناجحًا مشهورًا.. وبعد اقتناعى ساعدنى على الالتحاق بكلية الفنون الجميلة حيث أرسلنى إلى هبة الذى صحبنى بدوره إلى الفنون الجميلة.

العلم هو الأساس

تتميز المجلات الأجنبية عن مجلاتنا بأنهم يستخدمون العلم كأساس لأعمالهم، فالشريحة العمرية لابد أن تكون واضحة ومحددة على غلاف المجلات، ورأيت مجلة موجهة للأطفال من سن 3 إلى 5 سنوات (ما قبل الدراسة) وهى مثيرة للدهشة حين تراها تدرك إنها مجلات مدروسة تلتزم بالأصول التربوية الخاصة بهذه السن.

وللأمانة هم أكثر قدرة على توصيل الأفكار بشكل بسيط ولديهم الطباعة الفاخرة، والورق المصقول، الذى يتحمل لعب الأطفال وشقاوتهم، ولديهم أيضا شخصيات جميلة أحبها الأطفال على مستوى العالم مثل «تان تان» و»سوبر مان»، فالأجانب قادرون على دراسة الشخصيات بدقة وتعمق.

وعلى الجانب الآخر هناك بعض «الاستربسات» الخطيرة جدا على الطفل مثل «بتوع الننجا اللى قاعدين فى المجارى وبيأكلوا بيتزا» وهناك تحفظ على أشياء تفعلها الصحافة الأجنبية غير تربوية، وبالتالى أوروبا تعتبر أكثر التزاما بالقواعد التربوية من أمريكا التى تعطى الحرية المطلقة للطفل، وكذلك العنف الموجود لديهم فى «الاستربس» الأمريكى يؤدى إلى العنف فى المستقبل ويدمر الطفل. 

أما المجلات العربية فأعتقد أنها لا تقوم على أساس علمى فلا تجد مجلة تحدد الشريحة العمرية التى تتوجه إليها، وليس هناك أدنى اهتمام لا بنوعية الورق، ولا الطباعة، والألوان كئيبة «وكله ماشى للأطفال» الاستسهال هو شعارنا، ناهيك عن ترجمة أفكار الآخرين، والتأثر بالاستربس الأجنبى وعدم دراسة الشخصيات.

شمسة ودانة

سميرة شفيق أخذت تدريبات تربوية مكثفة عن الطفل فى باريس وأنا رسمت «استربس» فى فرنسا، وخضعت هذه الرسوم لأساس تربوى صارم، وهذا أفادنا بالفعل فى شخصية «شمسة ودانة» واعتقد أن هذا التميز لم يأت من فراغ، فقد علمنا الدراسات وبنينا الشخصيات، ومنذ 25 سنة من بدراية ظهور مجلة «ماجد» أعتقد أن هناك على الأقل ثلاثة أجيال تبت على صفحات «شمسة ودانة».