
صبحى شبانة
مصر: الدور التاريخى والزعامة المستحقة
أعاد الاعتداء الإسرائيلى على غزة القضية الفلسطينية إلى المشهد العالمى بعد ان ظنت إسرائيل انها نجحت فى الإيحاء إلى الرأى العام العالمى ان القضية ماتت وانتهت إلى غير رجعة، وان الدولة اليهودية أصبحت أمرًا واقعًا وأن فلسطين باتت جزءا من الماضى لا وجود لها الا ربما سطرًا أو فاصلة فى صفحات كتب التاريخ فى بعض الدول العربية أو الإسلامية.
انا ممن يعتقدون بنظرية معدل التسارع فى الزمن، خصوصا فيما يتعلق بسقوط الحضارات وانهيار الكيانات اللقيطة التى تنشأ كالنتوء على هامش جدار الزمن فى لحظات الوهن والضعف التاريخى التى تعترى الامم، او خلال حالات إعادة التموضع والاحلال للقوى الاستعمارية المهيمنة على مقدرات الشعوب، وإسرائيل ليست استثناء وهى التى نشأت فى لحظة تاريخية تجمعت فيها كل عناصر الانهيار العربي، من قوى استعمارية مهيمنة، وترهل عربى ناتج عن هذا الاستعمار الطويل، وشعوب عربية كانت تئن تحت ثالوث الفقر والجهل والتخلف، وزعامات عربية وقوى سياسية كانت رهينة لمصالحها واطماعها وللاستعمار لا تمتلك من قرارها الا التسلط على شعوبها لإخضاعها لإرادتها وإرادة المستعمر الاجنبى.
الأمم الحية لا تخضع ولا تموت قد تفرض عليها الظروف ان تميل للمواءمات لبرهة من الزمن انتظارا للحظة التى تستعيد فيها دورها وحيويتها لتستمر فى صياغة وصناعة مجدها وتاريخها مجددا، فالدور التاريخى لا يأتى من فراغ، ولا يمكن أن يشترى او يرتهن او يباع، فدور الدولة المصرية قدر لا فكاك منه، والزعامة تعرف أهلها، وتذهب حتما إلى من يمتلك مقوماتها، وهذه المنطقة التى نعيش فيها وتتوسط العالم لم تعرف عبر أكثر من سبعة آلاف عام دولة غير مصر التى امتلكت رصيدا وافرا من الخبرة والقدرة والقوة والتراكمات التاريخية اهلتها لقيادة هذه المنطقة بحكمة واقتدار، وفقط حينما انكفأت مصر لترمم داخلها بعد انتكاسة 25 يناير 2011م، طمعت بعض الدول وظنت ان بمقدورها ان تقوم بالدور المصرى خلال العقد الأخير حتى اصبح هذا حال عالمنا العربى من الوهن، تكالبت علينا بعض القوى الاجنبية والدول الوظيفية حتى الاحباش ظنوا انهم بمقدورهم تهديد الامن القومى العربى و المصرى، المال لا يصنع دورا، ولا يبنى حضارة، إنه حتما قد يسرع فى عجلة التحديث والمدنية، قد ينجح بعض الوقت فى شراء الولاءات افرادا واحزابا وتنظيمات، او حتى دولا، لكن فى اللحظات التاريخية الحاسمة والفارقة يذهب الدور إلى مصر الجديرة به، ويسلم الجميع بعجزهم أمام عبقرية الزعيم الاستثنائى الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى امتلك عن جدارة واستحقاق نواصى قيادة الأمة، عودة الدور والزعامة إلى مصر هدد الكيان الإسرائيلى، وانصف الشعب الفلسطينى الذى تجرع صلف ومرارة الاعتداء الإسرائيلي، والهوان والتخاذل العربي، مصر عادت مجددا فهذا هو قدرها ودورها لتعيد الانضباط مجددا إلى الفناء العربى بعد أن عج بالفوضى وكاد ان يفقد البعض هويته وتعلق وتملق البعض الاخر بالركب الإسرائيلى ظنا منه او وهما ان فيه طوق النجاة، وهاهو الشعب الفلسطينى يطيح بكل هذا الوهم فى الهواء ويضع الواهمين فى دائرة طواحين الهواء امام انفسهم علهم يستفيقوا ويصطفوا خلف القيادة المصرية التى تمتلك عن جدارة واستحقاق كل القدرة على لم الشمل العربى بعد ان عبثت به الصهيونية بأياد عربية.
تظل مصر مهما حاول القريب والبعيد هى الدولة الوحيدة فى المنطقة القادرة على ان تقول كلمتها وينصت لها الجميع ويخضع، فهى الامينة على عروبتها، القيمة على مصالح أمتها، لا تسعى إلى أدوار ليست لها، التاريخ قديما وحديثا لا يعرف غير مصر، فهى العنوان الأبرز فى كل حقب الزمان، تختفى وتندثر الامبراطوريات وتبقى مصر أمة حية عصية تستجمع قواها وأمتها لتصحح العوج وتصنع التاريخ مجددا، مصر السيسى قادمة بقوة.