
محمود عبد الكريم
البنك الأهلى
يعتبر البنك الأهلى المصرى من أقدم البنوك التى أنشأت بمصر، وقد صدر مرسوم إنشائه يوم 25 يونيومن عام 1898 وكان امتياز المرسوم محددًا بخمسين سنة ثم صدر القانون رقم 66 لسنة 1940بمد أجل امتيازه 40 سنة أخرى على أن تنتهى مدة الشركة فى 31 ديسمبر 1980.
والحقيقة أن تاريخ مصر النقدى بدأ مع إنشاء البنك الأهلى المصرى وبالتالى باعتباره البنك الوطنى كان له الحق فى إصدار الأوراق المالية أو أوراق النقد إضافة إلى بقية الأعمال البنكية الأخرى التى تقوم مقام البنك المركزى.
ولإنشاء البنك الأهلى قصة لا يعرفها الكثير من الذين يتعاملون مع البنك وهم بالتأكيد بالملايين، حيث ظهرت فكرة إنشاء بنك مركزى للمرة الأولى فى مصر عام 1905 عندما دارت محادثات بين الحكومة المصرية فى ذلك الوقت وبين البنك الأهلى الذى لم يكن قد مضى على إنشائه ست سنوات لكن هذه المحادثات لم تسفر عن أية نتائج.
ظهور البنك الأهلى كان المشجع الرئيسى لإنشاء البنك المركزى، وفى سنة 1931 وعلى إثر خروج انجلترا على قاعدة الذهب قررت الحكومة إعادة النظر فى النظام النقد المصرى لتحديد علاقته بنظام النقد الإنجليزى واستدعت لذلك خبيرين عالميين فى نظم النقد وأشار أحدهما وهو السيد سيراوتوينماير بضرورة إنشاء بنك مركزى لمصر وكان أقرب النماذج لذلك البنك الأهلى وكان تقريبا الوحيد الذى يمكن تحويله لبنك مركزى واقتضى ذلك تمصيره ومع قرب انتهاء امتياز البنك الأهلى المصرى سنة 1938 قدمت الحكومة مشروعا لمد أجل الامتياز وإدخال تعديلات فى نظام البنك وعرضت على المساهمين فى 27 يونيو 1939 فى جمعية عمومية غير عادية فقبلوها وصدقوا عليها وفى 10 أغسطس 1940 صدر مرسوم بتعديل نظام البنك تعديلا يهدف الى تمصيره وتمكين المصريين من الاشتراك فى ملكية أسهم البنك حيث اشترط أخذ موافقة مجلس الإدارة على كل تنازل عن الأسهم ابتداء من هذا التاريخ.
كما اشترط أن تصبح أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من المصريين بهدف إحلالهم محل الأجانب وتحقيق الأغلبية فى موعد لا يتجاوز عام 1945 وإلغاء لجنة لندن ويستعاض عنها بعضوين يقيمان بالخارج
إلغاء لجنة لندن كان الغرض منه إطلاق يد مجلس الإدارة المصرى فى شئون البنك وأن يكون رئيس مجلس الإدارة مصرى ويجمع بين صفتى المحافظ ورئيس مجلس الإدارة، ومع أن التعديلات التى أدخلت على نظام البنك بهدف تمصيره قد اعتمدت إلا أن تشريعا بشأن تخويل البنك الأهلى اختصاصاته القانونية للبنك المركزى لم يصدر وبحلول عام 1940 انشغلت الحكومة بكثير من المسائل العاجلة التى ترتبت على دخول إيطاليا الحرب العالمية الثانية وأدى ذلك الى مغادرة موظفى البنك الأهلى من الإيطاليين وظائفهم بسبب اعتقالهم أو رحيلهم إلى بلادهم وحل محلهم موظفين مصريين وأثبت المصريون كفاءتهم وعندما انتهت الحرب أراد الموظفون السابقون العودة إلى وظائفهم فى البنك الأهلى وقرر المستر نيكسون محافظ البنك الأهلى فصل الموظفين المصريين لإعادة الإيطاليين، لكن على الشمسى باشا رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى رفض خروج الموظفين المصريين وكان مصرا على تمصير البنك وعرض الأمر على مجلس إدارة البنك فقرر المجلس بأغلبية 10 أصوات تأييد موقف شمسى باشا ورفض هذا القرار 3 فقط من الأعضاء وأدى ذلك لاستقالة مستر نيكسون احتجاجا على عدم عودة الموظفين الإيطاليين.
كان البنك الأهلى يقوم فعلا بكل الوظائف التى يقوم بها البنك المركزى ومن هنا ظهرت فكرة تأميم البنك الأهلى قبل قيام الثورة بسنوات طويلة وقدم وزير المالية عبدالرحمن البيلى فى تقريره عن السياسة المالية للبنك طلبا بتأميمه ووجوب التأميم.