
محمد عبد النور
إثيوبيا من تانى
مصر لم تعترض أبدا على عملية ملء سد النهضة فى مراحله المتعددة ولم تشترط أرقاما معينة لكمية المياه التى يجب أن تحتجز خلف السد الإثيوبى حتى فى حالة اكتمال إنشائه والموقف المصرى واضح وصريح ومتداول عالميا فى أنها - مصر - ليست ضد التنمية فى إثيوبيا بل على العكس تطالب بالتعاون المشترك ومبدأ الخير للجميع دون ضرر بالغ على دول المصب.
لذلك فالكلام عن نجاح أو فشل إثيوبيا فى الملء الثانى هو كلام فى الحقيقة كلام غير مريح، فسواء كان الملء الثانى لم يتم طبقا للتقديرات الإثيوبية أو تم، وسواء كانت إثيوبيا احتجزت نقطة مياه واحدة أو 4 مليارات أو 18 مليارا من مياه النيل ففى النهاية أقدمت إثيوبيا على عمل أحادى منفرد لم يراع مصالح دول المصب فى خرق واضح لاتفاقية المبادئ؛ ولا تزال الأزمة فى مربعها الأول لم تتزحزح مع التعنت الإثيوبى ولا يزال الموقف المصرى ثابتا كصخر الجرانيت فى الالتزام بتوقيع اتفاق قانونى ملزم فى تنظيم عمليات ملء وتشغيل السد.
ومن ثم لا يعنينا ولا يجب أن يعنينا الحديث عن فشل أو نجاح إثيوبيا فى الملء الثانى وهو أمر يتعلق بالقدرات اللوجستية والمالية الإثيوبية وهو أمر إثيوبى بحت يتعلق بالحسابات الإثيوبية ولا يخص مصر فى شىء كما أنه لا يدل على تغير النوايا الإثيوبية بناء عليه.
كما أنه لا يجوز الاستناد إلى الأوضاع الداخلية الإثيوبية من اقتتال وصراعات دموية من شأنها إحداث تقلبات سياسية أو تعطيل استكمال بناء السد فهذا شأن داخلى إثيوبى لا ناقة لمصر فيه ولا جمل والمبادئ السياسية المصرية واضحة وصريحة ومعلنة وشريفة فى نفس الوقت تحت مبدأ احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، والاتفاقيات والمعاهدات والتفاهمات يتم توقيعها بين دول تلتزم بما وقعته ولا ترتبط بأشخاص أو حكومات سواء كان أبى أحمد أو غيره.
صحيح أن عدم اكتمال الملء الثانى للسد وفقا لما كانت تعلنه إثيوبيا من قبل وعجزها لوجستيا عن تحقيق هدف الملء الثانى لكمية المياه قد أراح الأعصاب المشدودة قليلا، إلا أن التحركات المصرية لم تهدأ ولم تتوقف وستظل متواصلة بكل جدية وثبات للتوصل إلى الاتفاق القانونى الملزم فى ملء وتشغيل السد الإثيوبى، وستظل محتفظة بكل الخيارات المفتوحة لضمان الحق المصرى التاريخى والجغرافى فى مياه النيل، واثق تماما فى أن فى مصر السيسى قيادة وطنية مخلصة وأن لنيل مصر شعب عظيم يحميه.