الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الكاتب عبود مصطفى: القصة القصيرة فن نخبوى والرواية أصبحت فنًًا شعبيًًا

عبود مصطفى عبود كاتب وناشر، يتوقع عبود أن يختفى الكتاب الورقى عام 2030، وهو يكتب القصة القصيرة والرواية ولكنه يرى أن الشعر ما زال فن العربية الأول وهو يمارس التجريب فى كتاباته يقتحم فى نصوصه الأدبية الكثير من القضايا الشائكة والموضوعات الحساسة مثل البحث فى ثنايا الروح عن لوعة الوجدان. 



والحضور القوى للذاكرة، وهو متمكن من اللغة كما تتراكم الصور الذهنية وتتزاحم، صدر له مؤخرا المجموعة القصصية «الثانية عشرة ليلا». هنا حوار معه:

■ صدرت مؤخرا مجموعتك القصصية الأولى تحت عنوان» الثانية عشرة ليلا».. والعنوان إشكالى لأن هذا التوقيت وبداية يوم جديد وصباح جديد.. لماذا اخترت الانحياز لليل وليس للصباح الجديد؟

- أنا أعتبر العنوان شيئا بالغ الأهمية فى أى عمل فنى رواية قصة مسرحية قصيدة فيلم سينمائى، وأرى أن هناك معايير جودة للعنوان أهمها أن يكون موحيا، بمعنى أن يحتوى على نسبة من الغموض لكنه الغموض الشفاف الذى يشبه الغلالة الشفافة، وليس الغموض الملغز غير المفهوم الذى يصل إلى حد التعمية، لذا اخترت عنوان الثانية عشرة ليلا، لأنه يوحى بأشياء تجعل المتلقى يرغب فى القراءة حتى يتبينها، لكن القصة فى حد ذاتها قصة مليئة بالتفاؤل والأمل، ودور الليل فيها مهم لأنه الحاضن للحدوتة.

■ قصص المجموعة بالكامل تقوم على المفارقة والصدمة للقارئ.. ما مصدر هذه المفارقة؟

- مصدر المفارقة أو الصدمة القصة نفسها، فكما يقولون إن القصيدة تكتب نفسها أرى أيضا أن القصة القصيرة الملتزمة بقواعد هذا الفن فى إطار من التجديد والتجريب، تكتب نفسها أيضا، والمفارقة أو الصدمة التى تظهر فى لحظة التنوير من سمات القصة القصيرة لذا فهى نابعة من القصة نفسها ومن الحياة أيضا التى تحوى بداخلها مفارقات وصدمات أعجب من الخيال.

■ يلاحظ أن قصص الحب فى المجموعة غير مكتملة.. لماذا؟

- كل قصص الحب الحقيقية عبر التاريخ قصص مأزومة وغير مكتملة، لأننى أعتقد أن جمال الحب وسحره وقدرته على تفجير طاقات الإبداع يكون فى غير اكتماله، قصص الحب المكتملة قصص فاشلة فى حين قصص الحب التى لم تكتمل هى القصص الناجحة وهى التى خلدها التاريخ والأدب والفن، لذا ربما جاءت كل القصص غير مكتملة من هذه الزاوية لكن ولا شك هذا حدث فى اللاوعى.

■ شخصيات القصص مهزومة وقدرية.. فهل هذا نوع من التجريب؟

- الفن لا يكون فنًا بدون تجريب، فالتجريب بمعناه الواسع وهو كسر القواعد الفنية هو أصل كل إبداع حقيقى، فالطفل يكسر اللعبة ليعرف قواعدها فى حين الفنان يعرف قواعد اللعبة ليكسر تلك القواعد وينشئ قاعدة جديدة، أما كون شخوص المجموعة فكانت مهزومة وقدرية فهذا تجسيد وتعبير عن حالة عامة تعيشها الشخصية المصرية فى الوقت الراهن، فأى متابع جيد للتحولات الجذرية التى مرت بها الشخصية المصرية يدرك كم هى مأزومة وقدرية فى كافة سلوكياتها.

■ هناك اهتمام بالتفاصيل الصغيرة فى القصص.. هل استنفدت الهواجس والأغراض القديمة أغرضها اليوم؟

- التفاصيل الصغيرة تأتى لخدمة القصة فنيًا، كأن يكون لها دور مهم فى الحبكة وصياغة العقدة القصصية، غير ذلك لا يكون لأن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة يناسبه أكثر الرواية كجنس فنى من القصة التى من شروط جودتها التكثيف.

■ ما المؤثرات التى أسهمت فى توجهك نحو القصة وليس نحو الشعر أو الرواية مثلا؟

- أنا لا أكتب الشعر لكننى أراه فن العربية الأول، وأتمنى أن يأتى اليوم الذى يفوز فيه شاعر عربى بجائزة نوبل، لكن أنا شخصيا أكتب القصة القصيرة والرواية، وأرى أن القصة نخبوية فى حين أن الرواية باتت فنا شعبيا، ولو لاحظت معى ستجد أعداد من يكتبون الرواية أضعاف عدد من يكتبون ويهتمون بالقصة، وذلك لأن كاتب الرواية يجد مساحة أكبر من الحرية فى الكتابة عن كاتب القصة.

أما عن المؤثرات فأعتقد أن الاستعداد النفسى للقصة أكبر بكثير من غيرها فأنا شخص ملول للغاية والقصة بما فيها من تكثيف وسرعة تناسبنى أكثر خاصة أننى أكتب القصة فى جلسة واحدة.

■ كيف ترى حضور القصة فى مواجهة الاكتساح الطاغى للرواية؟

لا شك أننا فى زمن الرواية وأن حضورها يطغى على سواها من الأجناس الفنية، لكن فى تقديرى هذا إلى حين، وغالبا وفى خلال فترة وجيزة سيكون الحضور الأكبر والأهم للقصة القصيرة، فإيقاع العصر وضغوط الحياة، والأزمات التى تمر بها الإنسانية جعلت إيقاع الحياة اليومى للبشر متسارع جدا وهذا الإيقاع أكثر ما يناسبه القصة والقصيدة.

■ هل ما يعتبره البعض اكتساحا روائيا هو على حقيقته كذلك بالفعل؟

- بالفعل كما ذكرت لك الرواية هذه الأيام مكتسحة فعلا وذلك لأسباب منها انتشار السوشيال ميديا التى أتاحت للشباب التعبير عن أنفسهم من خلالها، والانتشار الواسع للروايات إلكترونيا وورش الكتابة كل ذلك وغيره ساعد على ظهور عشرات بل مئات من الأصوات الروائية، حتى بتنا نقول أن هناك روائيا لكل مواطن، لكن هذه الظاهرة سوف تنحسر حتما وسيكون ذلك قريبا جدا ولن يبقى من هذا العدد إلا أقل القليل.

■ فى قصصك هناك تصاعد درامى للحدث.. هل القصة عرضة للتحرر من تقنياتها المعروفة؟

- القصة طوال الوقت تتطور وتستخدم تقنيات حديثة، من خلال ما يعرف بتراسل الفنون وقد حاولت التجديد فى التقنية فى قصة افتراضى مثلا من خلال استخدام الماسينجر المعروف على الفيس بوك فى الحوار بين الشخصيتين الرئيسيتين لكن ليس معنى هذا تحرر القصة من تقنياتها القديمة، ولكن معناه تطور هذه التقنيات وفق معطيات اللحظة.

■ برأيك هل اسهمت وسائل التواصل الاجتماعى فى دفع عملية التفاعل بين المبدع والقارئ؟

- نعم ولا شك كل كاتب اليوم له صفحة يسجل عليها يومياته وبعض أنشطته ويتفاعل معه القراء مباشرة ويقرأ لهم ملاحظاتهم ويرد عليها ومؤكد أن هذا كله يصب فى صالح الإبداع الأدبى والفنى.

■ أنت ناشر أيضا.. برأيك هل من الممكن أن يمضى النشر الورقى مع الإلكترونى بشكل متواز، أم أنه لابد أن يحل الإلكترونى محل الورقى؟

- قولا واحدا النشر الورقى سينتهى بحلول عام 2030 ولن يكون هناك سوى النشر الإلكترونى.