الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا
التعليم.. من التخريب إلى التطوير «7»

التعليم.. من التخريب إلى التطوير «7»

يظل التعليم هو المعيار الحقيقى للتقدم، به ترتقى الشعوب وتنهض الأمم وتزدهر المجتمعات، ومع تطور العصور تطورت المعايير، فلم يعد التعليم كما فى السابق هو مجرد وسيلة لتعلم فنون ومهارات القراءة والكتابة، بل لم يعد أيضا فى كيفية التعامل مع أجهزة الاتصالات والحواسيب وتكنولوجيا المعلومات فيجيد الأطفال دون سن المدرسة التعامل معها بل استخدامها وتطويعها، الأمر تخطى ذلك بكثير الى بناء أجيال لديها القدرة على الابتكار والابداع وإنتاج أفكار خلاقة، وطرق ومفاهيم جديدة، وطرح حلول وبدائل  ووسائل تعين مجتمعها على التعافى والنهوض.



طيلة السنوات السبع الماضية شهدت الدولة المصرية تحولا شاملا وملموسا، وانفتاحا اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا وثقافيا يتجاوز قدرات وإمكانيات المخرجات التعليمية التى درجت على الحفظ والتلقين، دونما اعتبار لرغبات التلاميذ أو مواهبهم أو قدراتهم، لذا جندت الدولة كل طاقاتها لإحداث نقلة نوعية فى العملية التعليمية، وتحويل التعليم الى مشروع وطنى حقيقى تعول عليه ليكون قاطرة المجتمع للحاق بعصر الحوسبة السحابية والاقتصاد الرقمى غير المحسوس، بعدما تخلفنا عن اللحاق بركب عصر التكنولوجيا والمعلوماتية الذى تجاوزه العالم، التعليم والتنمية وجهان لعملة واحدة، وهما الركيزة الأساسية التى تقوم عليها الجمهورية الجديدة.

المشكلة التى تواجهها الدولة كبيرة ومعقدة، بعدما استنفدت كل وسائلها وأدواتها الناعمة فى الترغيب بأهمية تطوير منظومة التعليم فى زمن ينطلق فيه العالم بسرعات خارقة تقترب من سرعة الصوت نحو التقدم المذهل الذى حول كل مستحيل إلى ممكن، وكل خيال الى واقع، جعلنا نعيش فى المستقبل، ونقفز على الحاضر الذى تحول بفعل التسارع النفاث فى الزمن الى ماضي، العلم يصنع المعجزات، وبالتعليم تتطور الأمم وتبنى الحضارات، لكن ماذا تفعل الدولة الوطنية وهى التى وضعت بناء الانسان  هدفا على رأس أولوياتها إزاء الهوة الواسعة بين طموحها وعقلها النخبوى وبين من يخربون النظام التعليمى ويصرون على هدمه؟، سؤال لابد له من إجابة قاطعة  يتوافق عليها ويتبناها المجتمع مع دولة قادرة على اجتثاث آفة الدروس الخصوصية كما تجتث الإرهاب والفساد.

بكل اسف أقول إن معطيات العملية التعليمية السابقة بكل عناصرها غير صالحة لإنتاج جيل يكافئ حجم الانفاق على قطاع التعليم سواء من جهة الدولة التى تضخ فيه نحو 26% من ميزانيتها أو من جهة الاسرة التى يستنزف الانفاق السنوى على التعليم منها مبالغ طائلة قدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء لعام 2019/2020، بـ 18549 جنيها، تنفقها 58.4% من مجموع الاسر المصرية،  وهى نسبة الأسر التى لديها تلاميذ فى مراحل التعليم العام على منظومة مترهلة لا تفرز متميزا، ولا تقدم مبدعا، إنما تقذف لنا بمئات الآلاف من الخريجين يصطفون فى طوابير طويلة لا يملكون غير شهادات لا تعبر فى الغالب عن مستوى تعليمى ومهنى حقيقي، فقط تقيس ما حفظوه لا ما فهموه أو استوعبوه.

تطوير التعليم الحقيقى يبدأ بالإعداد الجيد للمعلم وإكسابه مهارات التعليم الحديثة، والعمل الدائم على تطويره المهنى والتربوي، وتأهيله بما يحتاج من مهارات متعددة لمواكبة التطورات الفكرية والمعرفية والتكنولوجية، وقبل كل هذا وذاك لابد من القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية وتنقية منظومة التعليم وتطهيرها مما علق بها من شوائب بعدما فشلت طيلة الخمسة عقود الماضية فى أن تنتج لنا أديبا كبيرا بحجم نجيب محفوظ أو إحسان عبد القدوس، أو يوسف إدريس، أو عالما بقدر أحمد زويل، أو سميرة موسى، أو مجدى يعقوب، بالتعليم الجيد والمعلم الجاد نصنع المستقبل.

(للحديث بقية)