الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الكبار فى عيدهم بين عقد الصحة.. والمهارات الرقمية

الكبار فى عيدهم بين عقد الصحة.. والمهارات الرقمية

خير مفتتح لمقالى اليوم هذه التهنئة الرقيقة التى وجهتها السيدة انتصار السيسى بمناسبة الاحتفال والاحتفاء العالمى بيوم المسنين، قالت: «نعتز باليوم العالمى لكبار السن، لنعبر عن تقديرنا للأجيال السابقة التى قدمت لنا الكثير من العطاء، لإسهامهم فى تنمية الوطن، ونؤكد على اهتمام الدولة المستمر بكبار السن وتوفير جميع متطلباتهم وسبل الدعم المختلفة.



كلمات تمدنا بمنطلق للتأمل فى أهمية تخصيص عيد لهم؛ فمما لا شك فيه أن الاحتفالات الدولية والمناسبات المختلفة من شأنها أن تلفت نظر العامة من المواطنين فى أنحاء العالم إلى القضايا المهمة التى تحيط بهم بإلقاء الضوء عليها،وتسهم فى جذب القيادات السياسية للدول نحو شمولها بالعناية ووضع تلك القضايا_ التى تبوأت مكانا داخل أجندة الأمم المتحدة وتم احتضانها والتنبيه إلى ضرورة حشد الجهود الدولية والموارد فى استنهاض الحلول الناجعة لكل مايحدق بها من مشكلات - نصب أعينها.                  

إن التقدم فى العمر الشيخوخة أصبح فى طليعة التحولات الاجتماعية فى القرن الحادى والعشرين، فهى تلقى بظلالها على كل مناحى الحياة المجتمعية، من حيث تأثيرها الملموس على أسواق المال والأعمال، وما ينطوى عليه من احتياجات خدمية ملحة والتطلع إلى الحياة الاجتماعية المستقرة ماليا وصحيا. فالمسنون فى هذه المرحلة الحرجة من حيواتهم يلتمسون الرعاية الفائقة من أجل حياة ملؤها الطمأنينة والراحة والأمان.

لذلك حث عقد التمتع بالصحة المزمع على مدار ١٠ سنوات (من٢٠٢٠وحتى٢٠٣٠) الحكومات والمجتمع المدنى والوكالات الدولية ووسائل الإعلام والدوائر الأكاديمية وغير ذلك من المهنيين والقطاعات الخاصة على بذل الجهود تضافرا وتحفيزا للنهوض بهم لتحسين مستواهم المعيشى والحياتى على جميع الأصعدة، وأيضا بغية تطوير المجتمع لكل الفئات العمرية فلا نسقط من حساباتنا هذه الفئة المهمة الآخذة فى التنامى وجودا وعددا وفقا للإحصائيات المتاحة التى توصلت إلى حقيقة أن تركيبة السكان على مستوى العالم تشير إلى أن المستقبل سيشهد ارتفاعا ملحوظا فى متوسط الأعمار وسيتضاعف بنسب متفاوتة بين الدول فيما يربو على مليار ونصف المليار مسن ببلوغ عام ٢٠٥٠م.

وقد يرى البعض أن العناية بالكبار تقع أولا وأخيرا على عاتق الأبناء، إن صح هذا فى الجانب الرعوى داخل إطار الأسرة والمنزل، إلا أنهم لن يستطيعوا تلبية احتياجاتهم خارجهما؛ فهناك حزمة من الخدمات مطلوبة من الحكومة والمجتمع من ضرورة توفير «حياة كريمة» لهم ومنحهم معاملة خاصة ومميزة داخل المصالح الحكومية والخدمات الصحية وعبر وسائل النقل  والإسكان وغير ذلك.

وقد تم الاحتفاء بالكبار هذا العام٢٠٢١م بموضوع مهم للغاية يتمحور حول المساواة الرقمية لجميع الأعمار بمفهوم تمكين المسنين أيضا مثل غيرهم ممن هم أقل عمرا من الوصول إلى العالم الرقمى والمشاركة البناءة فيه، وهذا يحتاج إلى ضرورة التوعية بمدى أهمية الإدماج الرقمى لهم.وهو اختيار حالفه  التوفيق لما تتطلبه المرحلة الحالية من مواكبة للثورة الرقمية التى أدت إلى تشكل العقل الرقمى والإنسان الرقمى. 

فـ«الحياة الرقمية دنيا جديدة وعالم من التفاعلات الرقمية الحرة، والخارجة عن السياجات السلطوية والمسيطرة على الحياة الفعلية. الأجيال الرقمية تشكل الآن قطيعة فى العقل والمعرفة والإدراك، والإبداع، والذائقة والاستهلاك الرقمى وفى حالة تصادم وقطيعة مع العقل السياسى... من هنا تبدو الفجوة الجيلية فى تمدد وتسارع فائق التغير. من ثم سنرى نتائج ذلك فى التطور السياسى فى أوروبا، وأمريكا، وفى آسيا الناهضة حول الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.. إلخ. بينما ستتفاقم الفجوات الجيلية فى عالمنا العربى الكبير. من ثم نحتاج إلى سياسة تعليمية وثقافية مغايرة جذريا عن السائد عربيا، وإلى تجديد الطبقات السياسية بالأجيال الجديدة، لأنها لن تسكت إزاء الديكتاتورية الجيلية السائدة. فلنبدأ الآن حيث الثقافة والتعليم والصحة والتقنية والرقمنة هى الحل. «على حد قول كاتبنا نبيل عبدالفتاح فيما تناوله حول الفجوة الجيلية فى عالمنا العربى.

إن الحياة الممتدة للكبار تنطوى على فرص لهم ولعائلاتهم وبطبيعة الحال مجتمعاتهم فى تحقيق أهداف خاصة تشتمل على زيادة التعليم لمن حرموا منه فى صباهم لأسباب مختلفة وأرادوا استدراكها دون اعتبارات للمرحلة العمرية المتقدمة التى أصبحوا عليها؛ ومنها الاندماج فى النشاطات المختلفة شريطة تمتعهم بحالة صحية وعقلية ونفسية وجسمانية تؤهلهم للاندماج فى المجتمع واستكمال رحلة العطاء التى تشعرهم بجدوى وجودهم على قيد الحياة، وقيامهم بدور يسد حاجة فى المجتمع -مهما كان حجمها -ويبعد عنهم شبح التفكير السلبى فى عدم جدوى الحياة وتفضيل الرحيل عن اكتمال الرحلة، ويقعون تحت دائرة مرض الاكتئاب وهو أخطر مشكلة صحية يمكن أن تواجههم، بحسب المختصون، فهو أكثر انتشارًا فى السن المتقدمة يسبب تدهورًا سريعًا فى حالة المسن وصحته العامة يهدد بحدوث إضطرابات عضوية كالجفاف والهزال وهبوط القلب أو الكلى وذلك لأن المسن المكتئب يهمل طعامه وشرابه والاكتئاب فى هذة السن بالذات يسبب ألامًا شديدة يشعر بها المريض فى أى مكان فى جسده، فيصرخ المسن أحيانًا كالطفل ويحتار المحيطون به فى كيفية مساعدته. تزداد شكواه وآلامه أكثر ولا شىء يهدىء منها وتتعاظم آلام المسن النفسيةعندما يتعرض للنبذ أو الإهمال ممن حوله فهو فى حاجة دائما للاهتمام والحب وأن يستشعر أهمية لوجوده وأن له دور يؤديه.

وهذا لا يتأتى إلا بسد الفجوات والحاجات المعرفية المستحدثة لديهم حتى يستطيعوا المضى قدما فى منظومة التطور الرقمى جنبا إلى جنب مع أبناء عالم الشبكات العنكبوتية والثورة الرقمية واستيعاب هذا التقدم التكنولوجى المتسارع حتى يندمجوا فى المجتمع ويصلوا لصيغة تفاعلية مع كل ما يدور من حولهم.. وهم يستحقون كل ما يتطلبه هذا الأمر من الإدارات السياسية والجهات المعنية.. إنهم درة تاج كل المجتمعات.. أليس كذلك!