
سامح فايز
فى تمثيلية ركيكة على السيطرة
الإخوان الإرهابية تحاول العودة للمشهد بصراع دراماتيكى
انتهى سريعًا أخطر زلزال ضرب تنظيم الإخوان الإرهابى عبر تاريخه، ففى أقل من 24 ساعة استطاع إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد السيطرة على مجريات الأمور، بعد صراع على السيطرة بينه ومجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم.
انتهاء سريع لافت للانتباه، مؤشر على صراع تكتيكى، سمح به المرشد السرى للتنظيم، حتى يظهر للعالم أن هناك صراعًا قائمًا بين مجموعة عنيفة ترفض أى مبادرات للصلح، وأخرى تسعى لتقديم تنازلات مقابل الإفراج عن المعتقلين، والعودة مرة أخرى للمشهد، ثم بعد 24 ساعة ينتصر الجناح الداعم للسلمية، الذى يتصدره الشباب الراغب فى التصالح!
مؤشرات اتضحت بشدة من لقاء تليفزيونى أجراه مساء الجمعة، 15 أكتوبر، القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير، على قناة (الحوار) الإخوانية، من (لندن)، قال فيه:»الأزمة انتهت»، هكذا بكل بساطة، بعد أقل من 24 ساعة، على أخطر أزمة ضربت الجماعة حرفيًا، والمفترض أن نصدق الآن تلك التمثيلية الدراماتيكية، دون أن نسأل، لماذا سمح المرشد السرى، والكفيل الأجنبى، بتمرير الأزمة من البداية؟ وهى أزمة حقيقية، عاصفة، على من يسيطر، ويتحكم فى خزائن الجماعة. ثم فى أقل من 24 ساعة، يقرر الكفيل الأجنبى أن الهدف من الأزمة قد تم، وكفى ذلك القدر من لفت انتباه الميديا العالمية، وحبس أنفاس السياسة العالمية، فى انتظار نتيجة زلزال الإخوان!
بدأ إبراهيم منير حديثه التليفزيونى أمس الأول بالتأكيد على أنه نائب المرشد، والقائم بأعمال المرشد، ومسئول مجلس شورى الإخوان، وكان ذلك التأكيد الفضائى كفيلًا بضبط الأوضاع؛ ففى نفس اللحظة قررت القناة الرسمية لجماعة الإخوان على تطبيق (تليجرام) حذف البيانات التى نشرتها دعما لمجموعة حسين، وهى مسألة تثير الدهشة والريبة أيضا، لأن القناة الرسمية للجماعة على (تليجرام) التزمت جانب القائم بأعمال المرشد طول فترة ممتدة من الأزمات، بدأت بعد 2015، وصولا إلى ما قبل أزمة مجموعة محمود حسين، ما يشير إلى علاقة وثيقة بالقائمين عليها بمنير، ما يثير الشكوك فى موقفها من دعم حسين، شكوك أكدها ذلك التراجع السريع من حذف البيانات الرافضة لمنير، ثم نشر تفاصيل لقائه على قناة الحوار.
المؤشر اللافت الآخر وقد تحدثنا عنه بشكل تفصيلى فى مقال نشر على صفحات روزاليوسف صباح الجمعة 15 أكتوبر، هو الإيهام أن هناك أجنحة متصارعة داخل التنظيم، أحدها سلمى وآخر يميل للعنف، ما كان يعرف قبل عام 2011 بالصقور والحمائم، أو الجانب الإصلاحى والجانب القطبى، علمًا بأن محمود حسين وإبراهيم منير ومن قبلهم محمود عزت ومحمد بديع جميعهم محسوبون على الجانب القطبى فى التنظيم، جندهم المرشد الخامس للتنظيم مصطفى مشهور، أحد الرعيل الأول المؤسس للتنظيم السرى المسلح فى الجماعة، فى النصف الأول من الخمسينيات من القرن الماضى، والذى أحيا التنظيم السرى مرة أخرى بعد خروج الإخوان من السجون فى السبعينيات من القرن الماضى بالتالى أصبح الحديث عن قطبى وإصلاحى حديثًا يثير الرغبة فى الضحك، أو أنهم افترضوا فى أنفسهم الذكاء الشديد ، وفينا ذاكرة السمك التى ستنسى أعداء الأمس سريعا!
أشار إبراهيم منير(القطبي) فى حديثه على قناة الحوار إلى أن الفترة الماضية كانت قاسية على الجميع، قال:»لأول مرة، على الأقل بالنسبة للمصريين، تحدث هجرة خارج الوطن بهذه الصورة». مشيرًا إلى هجرة سابقة لأعضاء تنظيم الإخوان فى سوريا وفى العراق، أبرزها فى سوريا بعد المحنة التى أطلقوا عليها اسم (مجزرة حماة)، واصفين الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد، وأخيه رفعت الأسد، بالجزارين، غير أن التنظيم لا يذكر فى أدبياته الصورة كاملة، ولا يقول لأتباعه إن موقف النظام السورى كان مجرد رد فعل على مجزرة ارتكبها تنظيم (الطليعة المقاتلة)، الجناح المسلح لتنظيم إخوان سوريا، الذى أسسه مروان حديدى (القطبى)، بعد أن دبر التنظيم مجزرة راح ضحيتها 300 طالب فى الكلية الحربية هناك، ضباط عزل من السلاح، كانوا متجمعين فى قاعة للدرس داخل الكلية، اكتفى الإخوان بإغلاق الأبواب، ثم أعملوا فيهم أسلحتهم، وعندما تحرك حافظ الأسد للثأر من قتلة أبناء الجيش السورى، احتمى الإخوان فى مدن حماة وحلب، المدن الأكثر سيطرة ووجودًا للإخوان، ونشأت حرب أهلية استمرت ثلاث سنوات، قبل أن يستطيع الرئيس السورى فرض سيطرة الدولة مرة أخرى على حماة وحلب!
نفس المسألة كررها التنظيم مرة أخرى، لم يذكر لماذا حدثت تلك الهجرات الجماعية للتنظيم، الهجرات الأكبر فى تاريخ إخوان مصر، لم يذكر القائم بأعمال المرشد اعتصام رابعة العدوية المسلح، ولا تنظيمات، حسم، لواء الثورة، أجناد مصر، أنصار الشريعة، أنصار بيت المقدس، المرابطون. تلك التنظيمات التى أعملت القتل الدموى فى المصريين على مدار سنوات، منذ عام 2014، وحتى 2019.