السبت 5 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع

عازفُ الناى

الأعمال للفنانة: أسماء النواوى



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 

عازفُ الناى

 

خاطرة

 

كتبتها- مروة المرنح - البحيرة

 

هناك فى هذا الفراغِ الفسيح،

يقفُ الشريد،

غريبًا وحيدًا،

ممسكًا الناى الخشبي،

يملأُ الفراغَ من حوله،

يعزفُ ألحاناً صامتة،

تسرى بلا انقطاع،

فى كُلِ اتجاه،

وإلى كُلِ الأنحاء،

بلا توقف،

ولا يتوقف هو،

شريدةٌ ألحانُه،

تائهةً... مترددة، مِثلِه تماماً…

تسعى بلا هدف،

لا يسمعه سوى الفراغ،

ولا يَسِعَه غيره،

تذهب وتجيء…

وتعود إليه مرة أخرى،

ألحانٌ وحيدةٌ كوِحدةِ عازِفها الشريد...، 

وهناك،

تحيا فتاةٌ أعالى جبلٍ بعيد…

شريدةٌ كشرودِ عازِفِ الناي،

تستمعُ لألحانِه القادمة من بعيد،

تسرى إليها كل يومٍ وليلة،

تنتظرها فى لهفةٍ وترقب.…

تجدها مصاحبةً لقهوة الصباح،

مع رائحةِ الندى المتساقطِ على أوراقِ الشجر،

وفى المساء تمر بهدوءٍ وانسياب،

وتجيبُ عليها بحوارِ صمتها المتواترِ الأحداث…

تحملُها الألحانُ،

على بِساطِها لتعود إليه،

محملةً بصمتٍ مليءٍ بحديثٍ فيه الكثير والكثير…

تذهب كل يومٍ وليلة،

ما بين عازِفُ الناى وفتاةُ الجبالِ البعيدة، 

تقول هي: ما بالُ ألحانِك تائهةَ الطريق؟ 

ويقول هو: ما بالُ صمتُك محملٌ بالكثير؟

 تقول: كثيرٌ من قليلى يرتدى عباءةَ صمت ويسرى مع تيه ألحانك…

ويقول: وكثيرُ ألحانى يحملُ إليكِ تيه أشجاني…

- ألحانُك كبحرٍ هائجٍ فى ليلةٍ عاصفة قادمة من شمالٍ باردٍ بعيد…

- صمتُكِ حديثٍ دافئٍ يسرى إلى كدفءِ نورِ الشمسِ فى أولِ الصباح…

- تقول: كلانا بعيدٌ عن الآخر…

- يقول: بل كلانا قريبٌ من الآخر…

- تتساءلُ بعجب: كيف ولم أراك ولم تراني؟

- فيجيب: إنه لقاءٌ بين روحى و روحُكِ على بِساطِ ألحاني…

- فتخبره: نايُك هو صوتُ أنفاسُ الصباحِ مع ندى زهورِ الخريف…

- فيقول هو: وصمتُكِ هو حديثٍ هادئٍ على شاطئِ بحرِ الربيع…

واختتمت قولها: يا صاحب الناى الشريد،

تبقى وحيداً لابتعادك عن الزيفِ والخداع،

هجر الناسُ ألحانَك،

فأصبحت وحيداً بينهم.…

مُكتفياً بنايك الحزين…

إلا إنه مازال يشدو بما فى مكنونِ روحِه الثائرة،

عن تيه قلبٍ،

وشرودِ الطريق....