الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

الجمال فى الجوهر لا المظهر

تحية طيبة لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل زوجة مع إيقاف التنفيذ رغم تمتعى بدرجة كبيرة من الجمال وروح مفعمة بالحياة، لازلت أدفع ثمن ثقتى المبالغ فيها أو غرورى الذى سيطر تمامًا على كيانى بأهم مرحلة فى حياة أى بنت، فترة ما بين المراهقة والشباب، تقدم لى أثناء دراستى وبعد تخرجى فى كلية التربية الكثير من الرجال منهم معيدون لكننى رفضتهم جميعا - لا لشيء غير الانتشاء برفضي، كنت أشعر فى كل مرة أقهر فيها رجلًا مرموقًا ومقنعًا بأننى ملكة متوجة لم تجد من يناسبها بعد، تطمح فى عريس من كوكب آخر لا يعرفه إلا هى فقط، حتى استقرار والدى المادى ووجاهته وحبه الشديد لى لم تكن دوافع كافية لأخذ نصائحه فى الاعتبار بالتركيز على زوج أبدأ معه حياتى فى سن مبكرة عن اقتناع، ربما ساهم أيضًا رحيل والدتى السريع عن دنيانا فى افتقادى لدور الأم وعدم قدرتى على تعديل بوصلة تفكيرى الغريب، بالإضافة لسفر شقيقى الوحيد الأكبر منى سنًا والقريب من قلبى إلى إحدى الدول العربية للعمل - كل ما سبق جعلنى سيدة قرارى وقناعاتى المشوشة. عدة سنوات بعد رحيل أمى وأنا لا أصدق أننى على أعتاب الثلاثين وبأن هناك خطأً كبيرًا تسببت فيه لنفسى وبمحض إرادتي، مما دفعنى للموافقة فى النهاية على زوجى الحالى رغم فارق المستوى التعليمى بيننا، هو حاصل على مؤهل متوسط، يمتلك مع أشقائه سلسلة مشهورة من المحال التجارية بالقاهرة، تزوجته فى حفل أسطورى كما خططتُ واشترطتُ أن يكون حفل الزفاف بأحد الفنادق الكبرى وفى حضور كبار المطربين، مرت ٩ سنوات بعد زواجنا أثمرت عن ثلاثة أبناء بالمرحلة الابتدائية، طباع زوجى كانت غريبة منذ الأسبوع الأول من الزواج، دائم الشك فى الجميع، يعشق انتقاد القريب قبل الغريب بل يسجل كل المكالمات الهاتفية ليسمعها مرارًا وتكرارًا ثم يسألنى عن انطباعاتى، يقوم بتحليل كل ردود أفعال البشر، يضحك مستهزءًا تارة وساخطًا تارة أخرى، ظل الوضع كما هو لسنوات وأنا أنصحه بالعدول عن طبعه السىء وغير الأمين، حتى اكتشفتُ أن هناك خللًا ما يجتاحه نفسيًّا، فى أحد الأيام صدمت بضبطه دون أن يشعر وهو يراجع إحدى مكالماته معى، كان يتحدث مع نفسه بصوت هامس مسموع وكأننى أمامه وهو يعاتبني، تظاهرت بعدم ملاحظتى للأمر خوفًا من بطشه أو أى رد فعل عشوائى، دخلت غرفتى وبكيت بشدة على حظى بعد أن توفى أبى ولم يعد لى أحد فى هذه الدنيا، ثم صممت على التماسك من أجل أبنائى وعدم التخلى عن زوجي، لكن بعد عدة أيام كانت الصدمة الكبرى وهى اختفاؤه، خرج لشراء بضاعة لمحالهم التجارية ولم يعد، أبلغ أشقاؤه الشرطة وتم الوصول للسيارة بإحدى محافظات القاهرة الكبرى التى كانت ضمن خطة سيره لكنه لم يعُد منذ ٧ سنوات حتى فقدنا الأمل فى عودته، فى بداية غيابه الطويل أخبرت أخى بما حدث فقرر أن يساعدنى كل شهر بمبلغ لا يعلم به أشقاء زوجي، وهُم لم يجدوا أمامهم مفرًا من التكفل بى وبأبناء شقيقهم، مشكلتى أستاذ أحمد هى تعلق قلبى بأحد الأشخاص يعمل مدرسًا، الرجل لاحظ أننى أذهب لاستلام ابنى بعد انتهاء كل درس بإحدى مجموعات التقوية عنده، ويبدو على وجهى علامات الحزن، سألنى إذا كان ابنى يتيمًا كى يعفيه من الأجر لكننى أخبرته بأن هناك بعض الخلافات مع أبيه ولم أذكر له الحقيقة، بمرور الوقت وبعد عدة أشهر سألنى مجددًا عن حل الخلافات بينى وبين زوجى فأخبرته بكل شىء لأننى وجدته إنسانًا طيبًا ومشهودًا له بالأخلاق الحميدة وفعل الخير، اعتبرته مثل أخى، ثم كانت المفاجأة أنه عرض عليَّ الزواج بعد حصولى على الطلاق غيابيًا لأن هذا حقى، هو متزوج لكنه معجب بصبرى وكذلك بشخصى، حدث موقف لا استطيع تفسيره وهو أنه انفعل علىَّ فى أحد الأيام وطلب منى أن أحسن تربية ابنى لأن سلوكه بمكان تلقى الدروس سىء ويحتاج لتقويم، شعرت حينها بأنه يريد أن يقطع علاقته بى على طريقته الخاصة، ثم عاد بعدها واتصل بى معتذرًا ومؤكدًا بأنه لازال فى انتظار ردى على أمر زواجه منى، لا أعرف ماذا أفعل هل أوافق بعد الغياب الطويل لزوجى وأنا أحتاج أن أعيش حياة طبيعية مع رجل يتكفلنى ويحتوينى، أم أكمل حياتى وحيدة مع أطفالى على أمل عودة زوجى التى تتضاءل يومًا بعد يوم!؟

إمضاء و. ث

 

عزيزتى و. ث تحية طيبة وبعد…

الجمال هو منحة إلهية يتمتع بها أصحابه، نراه فى ابتسامة رضا وقناعة تغلف وجوه الفقراء، فى العفو عند المقدرة، فى عطاء بلا حدود يقدمه النبلاء، نراه فى أرواح كبلتها الهموم لكنها تنجو بمفتاح الصبر والثقة فى الله، كل تلك الصور المضيئة هى الوجه الحقيقى للجمال المُشْبِع لمن يراه، أما جمال الشكل فهو مجرد تفاصيل لا تغنى ولا تثمن. وعن نفس المفهوم يرى الفيلسوف اليونانى الشهير «سقراط» - بأن الجمال هو ما يحقق النفع والغاية الأخلاقية العليا،، كما يؤكد على رؤيته بتساؤل عبقرى قائلا: ألا يمكن أن ينطوى هذا الجمال الساحر على نفس تناسبه جمالًا وخيرًا!؟، فى النهاية نستطيع أن نقول بأن جمال قسمات الوجه لا يُبهر إلا إذا غلفته روح فضفاضة.. وأنت كما أشرتِ فى رسالتك ذهب كل اهتمامك مثل كثيرات إلى المظهر لا الجوهر، بدليل رفضك لأى رجل تقدم لخطبتك من أجل الانتشاء بتفردك الوهمى - فضاعت عليكِ العديد من الفرص المناسبة للفوز برجل يتوافق مع التطلعات المنطقية لأى بنت، كلامى هنا ليس المقصود به تأنيب ضميرك بل توجيه بناتنا المقبلات على الزواج ولفت نظرهن إلى القيمة الحقيقية للجمال التى من المفترض أن يُظهرنها للناس دون تكلف أو مغالاة، أما نصيحتى لكِ فهى ضرورة النظر إلى الأمام ونيل حريتك بالحصول على الطلاق للتضرر من غياب زوجك مدة طويلة وعدم الاستدلال على مكان تواجده، وتلك الخطوة لابد أن تخبرى بها شقيقك قبل الشروع فيها كى يعرف بأن كفالتك وكفالة أبنائك ستنتقل إليه كليًّا مع توقع تملص أشقاء زوجك من مسئوليتهم تجاه أبناء أخيهم، أنصحكِ أيضًا بالبحث عن عمل يرفع معنوياتك ويعينك على تربية أبنائك فى ظل ضغوط الحياة وأعبائها، واعلمى بأنه ربما تضعف طاقة أخيكِ وقدراته مع الوقت مما قد يعيقه عن القيام بواجبه تجاهك بشكل كامل. أما بالنسبة لمدرس ابنك فهو متزوج ومستقر وله أبناء - لذا لا أنصحكِ بالولوج فى حياته كزوجة ثانية وأنت لا تضمنين رد فعل أم أولاده وعدم قبولها مشاركتك لها فيه،، من جهة أخرى لا أحد يعرف على وجه اليقين سبب رغبته فى الارتباط بكِ وهو لم يشتكِ من زوجته - هل هذا تعاطف مع ظروف غياب زوجك التى لا ذنب لكِ فيها - أم أنه مجرد إعجاب وتعاطف عابر!؟، أحبذ لك عدم التسرع فى الزواج والاختيار بحكمة وإعمال العقل، اطلبى من الله بنية مخلصة أن يعوضك خيرًا عما فاتك وبمشيئته ورحمته وعدله سيكون القادم أفضل بمزيد من الصبر وقوة الإرادة. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا و. ث