الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وفاء الكلب

وفاء الكلب

يتذكر كبار السن فى منطقة المرج مشهدًا متكررًا فى أيام طفولتهم الأولى أن تتوقف سيارة سوداء ثم ينفتح الزجاج الخلفى منها وتطل منه يد اللواء أركان حرب محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر العربية بعد ثورة ٢٣ يوليو لعام ١٩٥٢.



يتذكرون أيضا كيف أن جزءًا من وجه هذا القائد العظيم كانت تظهر أيضا وبابتسامة جميلة يبدأ فى إلقاء الطعام لمجموعة من الكلاب التى قطعا تعرف السيارة وتميز راكبها وتنتظر مروره المحدد بتوقيتات معينة.

لم تكن تلك هى علاقته الوحيدة بالكلاب بل إنه على العكس فمنذ أن وضع تحت الإقامة الجبرية فى منزل زينب الوكيل بمنطقة المرج فى الرابع عشر من نوفمبر عام ١٩٥٤ وحتى تم الإفراج عنه فى عام ١٩٧١ فإن تربية الكلاب والقطط كانت هوايته المفضلة بالإضافة إلى القراءة وكتابة المذكرات.

استمر هذا الوضع حتى وفاته عام ١٩٨٤ وهنا يجب أن أتقدم بتحية واجبة إلى القيادة السياسية للدولة المصرية فى التكريمات الأخيرة وإطلاق اسمه على أكبر قاعدة عسكرية غرب البلاد.

عودة إلى قصة الكلاب والتى عندما مات أحدهم أصر اللواء نجيب على دفنه فى حديقة المنزل مع شاهد القبر مكتوب عليه «هنا يرقد أعز أصدقائى».

والحقيقة أن الجميع يعرف ويشعر بأن اللواء نجيب وجد فى الكلاب الوفاء الذى افتقده كما أنه كان يقول: إن للكلاب القدرة على التخلص من الشراسة بخلاف البشر الأمر الذى جسده فى صورة التقطها لكلبة لديه تقوم بإرضاع قطة صغيرة فقدت أمها.

ودون الدخول فى تفاصيل حول ما إذا كان لعاب الكلب طاهر وما هى الحالات المسموح فيها بتربيته أو الحديث عن فوبيا الكلاب وعقرها للمارة وما تسببه من أمراض إلا أن صفة الوفاء تكفى على كل هذا وتجعل الكلب محليًا إلى صاحبة أكثر من البشر من حوله.

حالة اللواء محمد نجيب ليست حالة فريدة فالعلاقة بين الإنسان والكلب هى علاقة سامية سموًا كبيرًا ربما أكثر من العديد من العلاقات بين البشر بعضهم البعض وبغض النظر عن استخدام لفظ كلب فى السباب فإن قراءة التاريخ تظهر كيف كانت الحضارات القديمة مثل الفرعونية واليونانية والصينية تنظر إلى الكلب وتقدره وهو ما يدعونا إلى إعادة النظر فى رؤيتنا للكلب ولا أزيد أن قلت إننا يجب أن نتعلم منه الوفاء الذى فقدناه إلا قليلا.