السبت 23 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحوال القبيلة الرقمية

أحوال القبيلة الرقمية

 قام أحد أفراد القبيلة بالوقوف أمام 100 شخص من أصدقائه وخطب فيهم خطبة عصماء، توقع أن تصل خطبته اليهم جميعا وأن يتفاعلون معها تفاعلا واضحا ولكن فى الحقيقه لم تصل الخطبة إلا إلى 30 شخصا فقط من الجمع المحتشد. لم تصل الى أول ثلاثين شخصا، نتيجة انخفاض صوته مثلا بل العجيب انها وصلت إلى 30 شخصا بصورة عشوائية. عدد من ال٣٠ شخصا حاول الرد ولكنه وجد فمه مغلقا رغما عنه فيما تمكن حوالى خمسة أفراد فقط من الكلام والتعبير. انتظر الصديق قليلا ثم تركهم ومضى لا يلوى على شىء، هل يبدو ما سبق أمرا غريبا؟ الاجابة المباشرة نعم كان يجب أن يصل صوته إلى المائة شخص وأن يتفاعل معه من يريد أن يتفاعل فبالرغم من أن ما أثاره لم يكن مهما للجميع لكن على الأقل نصفهم سيهتم و نصف المهتمين سيتحدث أى أنه توقع أن يحاوره ٢٥ فردا ولكن الواقع حمل له خمس محاورات فقط. المشهد السابق هو ما يحدث فى شبكات التواصل الاجتماعى حاليا عندما تقوم بوضع أحد المنشورات فإنك تتوقع أن يصل إلى كل الاصدقاء الموجودين لديك فى قائمة الأصدقاء والمتابعين وهذا أمر بديهى ولكنه للأسف غير حقيقى، خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعى تمنع وصول منشوراتك إلى عدد كبير من هؤلاء أحيانا. ثم فى وقت آخر تتيح وصول منشورك الى عدد أكبر. أعرف بعض الأصدقاء يصاب بحالة من حالات الحزن وربما الغضب من عدم وجود تفاعل مناسب مع ما يقوله خاصة اذا كان ما يكتبه أمرا يراه مهما، المثال السابق يحدث دائما ربما لاحظه البعض فى منشورات بعض الساسة والشخصيات العامة مثلما حدث عندما قام الرئيس الأمريكى السابق دونالد بنشر عدد من التغريدات على مجموعة من حساباته الموثقة على شبكات التواصل الاجتماعي. ونراه عندما يقوم أحد المعارضين. بنشر منشور له على تلك الشبكات أيضا. المشكله الثانية مرتبطة. بمدى مسئولية. صاحب الحساب عن كل مايجرى على حسابه على تلك الشبكات، فلقد طالعتنا. شركة ميتا صاحبة تطبيق الفيسبوك منذ عدة أسابيع. بأمر فى غاية الغرابة، حيث فوجئ عدد كبير من المستخدمين بأنهم مشتركون بالفعل فى عدد كبير من الصفحات الدعائية وهم على يقين أنهم لم يقوموا بالاشتراك على الاطلاق هذا ما جعلهم يظنون أن ما حدث لهم كان بسبب اختراق الحساب الخاص بهم والحقيقة أن الأمر لم يكن كذلك أيضا حيث إن الأمر ببساطة هو أن تطبيق الفيسبوك سمح بدمج عدد من الصفحات واستنساخ عدد آخر بأسماء مختلفة وبنفس عدد المشتركين اي وأـنه ببساطة يكفيك أن تشترك فى صفحة واحدة فقط لتجد نفسك بعد دقائق مشتركا فى عشرات الصفحات الإضافية، الإشكالية الأولى الخاصة بعدم حيادية وصول المنشورات إلى كل المتابعين والإشكالية الثانية الخاصة بالاشتراك فى صفحات رغما عن إرادة صاحب الحساب يجعلان مسئولية المستخدم عن حسابه وما يجرى من خلاله هى مسئولية منقوصة، فهل يعتبر ما سبق أمرا طبيعيا، وهل هذا هو ما يتوقعه المستخدمون أو كانوا يتوقعونه أصلا عندما بدأوا فى التعامل والتفاعل من خلال تلك الشبكات. الحقيقة لا، والحقيقة الأخرى أن هذا ليس هو الأمر الوحيد غير طبيعى فعندما تقوم بوضع منشور، يراه القائمون على هذه الطبقات. منشورا غير مناسب ويضعون لكلمة - غير مناسب - هذه عدد من التعريفات المطاطة منها أنها خطابات تحض على الكراهية والعنف أو تؤذى معتقدات مجموعة معينة من الناس أو طائفة أو ديانة فيكون الرد والإجراء أن يتم حذف هذا المنشور و يتم منع صاحبه من التفاعل لمدة قد تصل إلى شهر وربما أكثر. وهنا نجد سؤالا جديدا يفرض نفسه عن مدى مناسبة عقوبة الحظر لمدة معينة وهل هذا النوع من العقوبات مستحدث فى شرع القائمين على تلك الشبكات وهل هى عقوبة مناسبة و مقبولة و متفق عليها؟ هذه أمور أراها تحتاج إلى مراجعة من الشركة ومراجعة من القائمين على التشريعات الرقمية حول العالم، فاذا كنت غير مسئول عما أقول بصورة كاملة ولا يصل صوتى الى كل الاصدقاء الذين اعتقدت أن صوتى يجب أن يصل إليهم فاننى غير مسئول مسئولية كاملة عما يحدث فى هذا التطبيق، خاصه أن أغلب الحسابات غير موثقة أى أنه يمكن لأى شخص ببساطة أن يحتال بوضع صورة شخصية لى فى حساب شخصى جديد مدعيا أننى صاحب الحساب ثم يقوم بالتفاعل مع الأصدقاء ويكون علىَّ أن أثبت أن هذا الحساب لا يمت لى بصلة. اعتقد أن مثل تلك الممارسات تحتاج إلى نقاش و ربما مطالبة لإدارة الفيسبوك لكى تقوم بتوثيق كل الحسابات وإعادة توصيف ما هو مسموح به وما هو غير ذلك بصورة أكثر دقة و تحديدا.