القدوة والمثُل الأعلى
فى زمن سابق كان أحد أكثر أسئلة الكبار عند مقابلة أى طفل تدور حول وظيفة المستقبل التى يحلم بها، بالطبع لم تكن الإجابات التقليدية تخرج عن نطاق الطيار والضابط والدكتور والمهندس إلا قليلًا.
لم يكن الصغار فى أحيان كثيرة يعرفون ما هى وظيفة كلٍ من هؤلاء تحديدًا حيث إن جانب التقليد وتكرار ما سمعوه من أصدقاء لهم فى نفس الموقف كان منتشرًا أيضا وبالرغم من ذلك إلا أن الأطفال كانوا يشعرون بأنها وظائف مهمة ومرموقة، أما بعض الأطفال الذين لم يستطيعوا الإجابة عن هذا السؤال فإن الكبار كانوا يقومون بعرض عدد من تلك الوظائف عليهم مع شرح مبسط لنوعية العمل وأهميته ولا يتركون الطفل إلا بعد أن يقرر الوظيفة التى يرغب فى العمل بها.
بالطبع فإن كثيرًا من تلك الأمانى لم يتحقق وذلك لأسباب عدة منها زيادة الوعى والإدراك ووجود مجالات أخرى قد يراها الطفل أكثر مناسبة أو لأسباب تتعلق بمجموعه فى الثانوية العامة وخلافه.
سؤال آخر فى غاية الأهمية عن “المثل الأعلى” فيتفنن الأطفال فى الإجابة بداية من ذكر الأب أو شخص مشهور كلاعب كرة قدم أو ممثل أو القادة والزعماء وصولًا إلى الأنبياء والرسل، بالطبع أيضا لم يصل الكثيرون منهم إلى مرتبة المثل الأعلى ولكن السؤال كان مهمًا وضروريًا.
لا أعرف ما هو الوضع حاليًا وهل ما تزال تلك الأسئلة تطرح على الصغار وهل مازال الصغار يشعرون بنفس الحيرة التى شعرنا بها أم أن لديهم إجابات مقنعة وهو أمر أتصور أنه إن كان موجودًا فإن مصدر تلك الإجابات لن يكون الكبار ولا أقرانهم من الصغار بقدر ما سيكون قادمًا من العالم الافتراضى الفسيح.
ولا يخفى على أحد أهمية إعادة استحضار تلك الأسئلة مرة أخرى لما لها من أثر كبير فى سلوكيات الطفل مع إضافة جزء إرشادى لتوضيح كيف يمكن له أن يصل إلى مبتاغه وأن يعرف أن الأمر ليس هينًا أو سهلًا بل يتطلب الكثير من التخطيط والعمل الجاد للوصول إليه ببساطة لأن الإجابات الحالية ليست على نفس المستوى الذى كنا نتوق إليه فى سنوات طفولتنا الأولى.