الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حوار مع صديقى الذكى

حوار مع صديقى الذكى

صدر كتاب مهم للكاتب الكبير والمبدع الراحل الأستاذ راجى عنايت بعنوان «حوار مع صديقى الذكى» عام 1990 وهو تجميع لسلسلة من المقالات المهمة التى توالى نشرها بمجلة المصور فى وقت لاحق، وفى مقدمة الكتاب المعنونة «إلى الأصدقاء الأذكياء», يشير الكاتب الكبير إلى أن العديد من التساؤلات قد أتت إليه عن ماهية هذا الصديق الذكى وهل يقصد شخصًا بعينه، وهنا أتت إجابته القاطعة بأن الشخص الذكى المقصود ليس شخصًا بعينه, لكنه اختار تلك الصفة- الذكاء- ليصف بها من يجب أن يحاوره حول المستقبل وقضاياه المختلفة.



يشير فى مقدمة الكتاب أيضًا إلى ضرورة الربط بين النظرة العامة والواقع اليومى فى مصر وكيفية الاستفادة من مؤشرات التحول العالمى فيما ينفع مصر وإلى ضرورة إقامة حوار يستهدف رسم ملامح رؤية استراتيجية للمستقبل، كان هذا قبل 26 عامًا من إصدارالدولة لرؤية مصر 2030. 

ومع الانتقال إلى فصول الكتاب نجد تأكيدًا أوليًا أن المستقبل ليس هو المدينة الفاضلة لكنه يجب أن يكون أفضل من الحاضر من خلال إصدار تلك الرؤية والعمل عليها، ويتم العمل على إصدار تلك الرؤية من خلال الحوار لا من خلال الهجوم المتبادل أو الجدل, كما أن أحد أهم عناصر نجاح تلك الاستراتيجية هو وجود “حلم قومى” يلتف الجميع حوله ويحاولون تحقيقه.

يتطرق الكتاب بعد ذلك إلى الإجابة عن بعض الأسئلة المهمة- فى هذا الوقت- مثل ما هو النظام الاقتصادى الأمثل, هل الرأسمالية أم الاشتراكية، وهنا يشير إلى أن العالم وقت كتابة المقالات قد أصبح على أعتاب عصر ما بعد الصناعة –عصر المعلومات- وعليه فإنه يجب على العالم أن يجد صيغة توافقية أخرى للعمل من خلالها واعتمادها كنظام اقتصادى جديد حيث يوضع المنتج الرئيسى لكل عصر، فالمحاصيل الزراعية هى المنتج الأساسى لعصر الزراعة,  كما أن المنتجات هى المنتج الرئيسى للعصر الصناعى, وعليه فإن المنتج الرئيسى لعصر المعلومات هو البيانات والمعلومات والمعرفة والحكمة.

ينتقل الكاتب بخفة ورشاقة إلى مناقشة قضايا أخرى مرتبطة بالخط الرئيسى للكتاب مثل الحلول التى يطلق عليها لفظ “إسلامية”, كما ينتقل إلى وضع يده على ما أسماه “آفة المخططين والمفكرين” وكذا أيضًا توصيف عصر المعلومات بأنه عصرالاختيارات الواسعة، يناقش أيضًا صفات القائد الذكى وغيرها من القضايا غاية الأهمية.

القسم الثانى من الكتاب يناقش فيه موضوعات الخطة والتخطيط والحلم القومى, كما يتعرض لأساليب التعليم فى المستقبل وديمقراطية التمثيل النيابى وكيفية إدارة المؤسسات فى المستقبل, و يختتم كتابه بالحديث عن الناس والمستقبل وكيف يتحدثون عنه وكيف يمكن للخبراء أن يخبروهم عنه, كما يتحدث عن التكنولوجيا والثقافة والتراث, ويختتم كتابه بالحديث عن مستقبل المرأة مستعرضًا موقفها خلال ما قبل وخلال المجتمع الزراعى ثم خلال المجتمع الصناعى وصولًا إلى مجتمع المعلومات والمعرفة.

الكتاب جدير بالاقتناء والقراءة المتأنية ببساطة لأنه يوضح ما كان عليه الوضع وما يجب عمله فى المستقبل, وأعتقد أنه بعد مرور كل تلك السنوات مازال الكتاب يحمل العديد من الرسائل للمستقبل الذى ننشده جميعًا.