الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سكيزو-أب

سكيزو-أب

أعطتنا الأفلام السينمائية انطباعًا خاطئًا عن أحد أهم الأمراض العقلية –الشيزوفرينيا- أو السكيزوفرينيا والمعروفة بانفصام الشخصية، هذا الانطباع يتمثل فى أن للمريض أكثر من شخصية مستقلة مثلما كان الحال فى رائعة المخرج كمال الشيخ «بئر الحرمان» حيث تقوم سعاد حسنى بأداء دور فتاة مريضة تحمل شخصيتين مختلفتين تمامًا فهى فتاة محترمة ومهذبة ومخطوبة لشاب تحبه ويستعدان للزواج ولكنها تتحول ليلًا إلى فتاة مستهترة لاتتوانى فى اصطياد الرجال وممارسة الحب معهم وتعود بعد ذلك إلى منزلها وعندما تستيقظ من نومها فى الصباح لا تتذكر شيئًا ولكنها تشعر بصداع شديد.



وفى الحقيقة أن هذا المرض مختلف تمامًا عن مرض الفصام، فهو ببساطة عبارة عن ازدواج فى الشخصية Dissociative identity disorder بل يذهب الأطباء إلى أن الأمر قد يتعدى مجرد الازدواج إلى وجود مائة شخصية مختلفة هذا بالإضافة إلى شخصية المريض الأصلية Core Personality.

وفى الحقيقة فإن تفسير هذا الاضطراب مازال فى منطقة وسط بين الدين وبين الطب وهو صراع قد يحتاج إلى مقالات منفصلة ربما تكون قريبًا، أما فى عصر شبكات التواصل الاجتماعى فإن المسافة بين الشخصية الحقيقية والشخصية الرقمية Persona لا تزال محل نقاش وجدل، فجميعنا يلحظ بسهولة كم هى كبيرة تلك المسافة بين شخصيات البعض الحقيقية والشخصية التى يحاولون الإيحاء بها على موقع الفيسبوك مثلا.

الإشكالية الأخرى هو اختلاف تلك الشخصية المرسومة بين التطبيقات المختلفة على شبكة الإنترنت فعلى سبيل المثال قد تجد رجلًا أو سيدة توحى منشوراتهما على الفيسبوك بالورع والتقوى أو الأهمية والجدية والصرامة أو الظرف وخفة الدم ثم تنتقل إلى تطبيق انستجرام الخاص بالصور فتجد أمرًا مختلفًا تمامًا فنوعية الصور الموجودة على هذا التطبيق قد تصيبك بنوع من الدهشة لاختلافها الكبير عما هو معتاد على تطبيق الفيسبوك مثلًا ثم تنتقل إلى تطبيق آخر مثل تطبيق لينكيد إن LinkedIn فتجد الصفحة توحى بأن صاحبها هو أحد رجال الأعمال والإدارة المتميزين ولا توجد أى إشارة إلى ماسبق الإيحاء به على التطبيقين السابقين.

الانتقال إلى تطبيقات الدردشة Chat Applications تعطى انطباعات أخرى نتيجة أسلوب المحادثة فقد يتحفظ البعض على تطبيق الواتساب ظنًا منهم أنه أقل أمانًا من تطبيق التيليجرام مثلًا ثم ينتقل إلى أن يصبح شخصًا مختلفًا تمامًا –وربما بذيئًا-على تطبيق الفيس تايم FaceTime ظنًا منه أن هذا التطبيق هو أكثرهم أمانًا وخصوصية.

هذا بالإضافة إلى قيام البعض بعمل حسابات بأسماء مجهولة لكى يستطيعوا التجول عبر تلك المنصات والتصرف بأساليب مغايرة تمامًا لما يقومون بالإيحاء به من خلال حساباتهم الأصلية.

اختلاف الشخصيات عبر التطبيقات Dissociative Personality-Application Disorder وهو مصطلح لم أجده موجودًا حتى الآن إلا أنه فى تقديرى يحتاج إلى الاهتمام من قبل أطباء الأمراض النفسية والعقلية لأن ما نراه الآن ينبئ بكارثة محققة ستضرب الصحة النفسية والعقلية فى مقتل.