الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ثلاث رؤى إخراجية على مسرح مركز الإبداع الفنى

هاملت و3 عيون

بدأت الأسبوع الماضى أول عروض مركز الإبداع الفنى خلال شهر رمضان «هاملت و3 عيون»؛ قرر المخرج عصام السيد فى ورشة الإخراج تدريب ثلاث مخرجين حديثى العهد على قراءة «هاملت» وتجزئته فى ثلاث رؤى إخراجية؛ لما تحمله هذه المسرحية من دراما ثرية تحتمل التأويل والتفكيك إلى أكثر من وجهة نظر؛ أو بعيون ثلاث مخرجين كل منهم رأه وعالجه حسب قراءته للنص المسرحى الأشهر؛ كيف رأت كل عين «هاملت» بمنظورها الخاص؟!..فى عرض مسرحى واحد لا تزيد مدته على خمسين دقيقة يتنقل العرض بين رؤى المخرجين الثلاث.



 

هاملت شكسبير

قدم الرؤية الأولى المخرج محمد كسبان.. تناول كسبان نص «هاملت» فى قالبه الكلاسيكى المعهود بنفس أحداث القصة الشهيرة التى تتضمن صراع هاملت مع أمه وعمه بعد رؤيته لشبح أبيه الذى يطالبه بالثأر لمقتله؛ يعلم هاملت من هذا الشبح متكرر الظهور بأن أمه وعمه تآمرا معا لقتل أبيه حتى يستولى عمه على العرش ويتزوج من أمه ثم مأساة حبيبته أوفيليا وتعرضها للجنون على يديه؛ لم تتغير أحداث المسرحية فى عرض كسبان بل تناولها كما وردت وتعارف عليها الجميع لكن بتكثيف غير مخل للنص الأصلي؛ يحسب له القدرة على اختزال مسرحية طويلة؛ قد يقدمها كبار المخرجين فى مدة لا تقل عن ساعتين؛ لكنه استطاع تقديمها فى زمن لا يزيد على 25 دقيقة؛ كانت من عنده البداية بحيث يتعرف الجمهور على تفاصيل القصة ثم تبدأ بعدها الرؤى الجديدة والمغايرة للنص الأصلي؛ يؤخذ على العرض فقط أزمة الإيقاع الهابط؛ وعدم تدريب بعض الممثلين بشكل كاف على لعب بعض الشخصيات؛ مما أوقعه فى فخ الملل أحيانا رغم أنه ليس عرض طويل قياسًا بالعروض المسرحية؛ كما لم تكتمل حالة المعايشة للبعض مع شخصيات المسرحية بدت وكأنها مجرد بروفة للعرض المسرحى؛ شارك فى بطولة هذه الرؤية زياد زعتر؛ محمد حافظ؛ رحاب عصام؛ خالد إبراهيم؛ ايميل تلميذ؛ ميريت لويس؛ عمرو باهي.

«الجوقة»

جاءت على النقيض الرؤية الثانية بعنوان «الجوقة»؛ اشتعل فيها الإيقاع؛ حيث انتقل مخرج العرض إسلام الشاعر بسلاسة وخفة ظل من الرؤية الكلاسيكية إلى رؤيته الكوميدية؛ قدم هاملت من خلال «الجوقة» أو فرقة التمثيل التى يأتى بها هاملت فى النص الأصلى لتقديم مسرحية مفتعلة أمام الملكة والدته جرترود والملك عمه كلوديوس؛ حتى يكشف من خلالها لعبتهما معا بالتآمر على قتل أبيه تقوم فرقة التمثيل بتمثيل ما حدث فى الواقع من خلال شخصيات خيالية بالمسرحية؛ وبالتالى عندما يتعرض الإثنان لحالة من الفزع والتوتر يرى هاملت أنه استطاع أن يثبت عليهما الجريمة بحكمة ودهاء؛ فى عرض «الجوقة» قرر المخرج أن يطرح ثلاث اقتراحات أو وجهات نظر لاحتمال مقتل والد هاملت؛ الاحتمال الأول المؤامرة بين الملك والملكة وهو ما يقرران تغييره عن طريق تهديد الجوقة بالإعدام إذا لم تلجأ الفرقة إلى استخدام حيلة أخرى واقتراح احتمال آخر تبرئهما فيه؛ بينما يستخدم هاملت أيضا سلاح تهديده للفرقة وينذرهم بعقاب أشد إذا استمعوا لهما؛ وبالتالى تقع الفرقة فى حيرة بين محاولة ارضاء الطرفين إلى أن تقرر الإرتجال وفى مشهد الإرتجال يقترح الفريق أنه ربما يكون هذا الأب قد انتحر ولم يقتله أحد؛ فى قالب كوميدى مكثف واستثنائى قدم المخرج رؤيته الفنية بسلاسة ويسر وحصر الصراع الطويل فى «هاملت» داخل هذا المشهد بين الملك والملكة والفرقة المسرحية التى تتعدد قراءة هاملت من خلالها فى حيرته للوصول إلى حقيقة مقتل أبيه؛ رؤية مميزة على مستوى التناول الكوميدى والطرح المسرحى فى تقديم وجهات نظر مختلفة بمسرحية «هاملت» من خلال الفرقة التى استعان بها هو لإثبات حقيقة مقتل أبيه؛ وتفرد الممثلون فى عمل جماعى بتقديم هذه الرؤية الكوميدية بمهارة واتقان شديد شارك فى بطولة «الجوقة» رامى عبد المقصود؛ محمود الفرماوي؛ رحاب عصام؛ محمد حسن؛ محمد حافظ؛ نهلة كمال؛ إعداد وإخراج إسلام الشاعر.

«صولا كافيه»

الرؤية الثالثة بعنوان «صولا كافيه» بنفس السلاسة خرج علينا المخرج محمد مجدى للخروج من فكرة «الجوقة» إلى رؤيته الجديدة والتى كانت مسرحية «هاملت» على هامشها؛ بمعنى أن المخرج لم يتطرق إلى قصة «هاملت» من الأساس، بل كانت مجرد إطار لتقديم رؤيته الفنية من خلال معاناة شاب جامعى غير قادر على استكمال قصة حبه مع الفتاة التى رأى فيها أنها تشبه أوفيليا حبيبة هاملت فى براءتها وعفويتها؛ وفى مراحل محاولة اعترافه بحبه لها يبدأ محمد مجدى فى استخدام شخصية هاملت كإطار لمعاناته معها وهى بالفعل تأتى لمقابلته بالكافيه حتى يدرس معها مسرحية «هاملت» وتدخل فى نقاش حولها؛ كانت أيضا رؤية شبه ساخرة لتناول هاملت بشكل مختلف ربما محاولة لعمل نوع من المقابلة بين معاناة هاملت ومعاناة شاب معاصر عذبه خياله بحيرة هاملت فى حبه للفتاة التى اعتبرها أوفيليا فى خياله بينما كانت هى على موعد مع حب آخر؛ لعب الممثلون أدوارهم فى سلاسة ويسر دون إخلال بحالة التكثيف فى تقديم النص؛ شارك فى بطولة هذه الرؤية محمد مجدى كامبا؛ نهلة كمال؛ ومحمد مجدى مخرج ومعد الرؤية نفسه؛ «هاملت وثلاث عيون» مشروع ورشة الإخراج تحت إشراف المخرج عصام السيد تصميم إضاءة محمود طنطاوى.

تأسست ورشة الإخراج على تدريب مجموعة من المخرجين الشباب على فكرة اختيار النص وكيفية إخراجه على الورق أولا ثم تقديمه على خشبة المسرح أمام الجمهور ومن ضمن المهارات التى يكتسبها طلاب هذه الورشة كيفية تكثيف النص وتقديمه بوجهات نظر مختلفة دون الإخلال بقصته الأصلية مراعاة للمتلقى فى تقديم أبعاد وتفاصيل القصة المسرحية؛ ومن المنتظر تقديم رؤى أخرى لأربعة مخرجين آخرين على حد قول المخرج والمشرف على الورشة عصام السيد.