الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عادة سنوية لا تنقطع

«البيوت الكبيرة» لـعائلات الصعيد تحتضن ليالى القرآن فى سهرات رمضان

مصر دولة صدّرت المُقرئين إلى جميع بلدان العالم، يصدحون بأصواتهم بالقرآن الكريم، هم سفراء كتاب الله من مصر، لذا فإنه ليس من الغريب أن تشهد ليالى القرآن منصوبة فى كل مكان على أرض المحروسة فى رمضان، وخاصة الصعيد الذى يعشق أهله السهرات الرمضانية.



من قديم الزمن، اعتاد أهل الصعيد وخاصة من محافظات أسيوط وسوهاج على إقامة السهرات الرمضانية خلال الشهر المٌعظم، حيث يحضر كبار القرّاء إلى دواوير العائلات، ويجدون فى استقبالهم آذانًا صاغية وقلوب خاشعة يملأها الحب لكتاب الله.

لا تقتصر هذه المظاهر الاحتفالية فى شهر رمضان على دواوير كبار العائلات فقط، بل تمتد حتى إلى المنازل التى يحرص أصحابها على أن تتعطر أجواؤها بكلمات الله البينات.

وكعادة كل عام مع قرب الشهر الكريم يبدأ شباب العائلة فى تنظيف وتجهيز مندرة العائلة وترتيب ما يسمى (الدكك) والمقصود منها مقاعد جلوس الضيوف ولا يخلو الأمر من تعليق الفوانيس الكبير على مداخل المندرة وكذلك زينة رمضان وتنظيف ورش المنطقة المحيطة بالمندرة احتفاء واستعدادا لقدوم الشهر الفضيل.

أقيمت صلاة العشاء وصلى الشباب والرجال والشيوخ من أفراد العائلة وبعد صلاة العشاء والتراويح تكون قبلة الكثيرين منهم مندرة العائلة الكبيرة الجميع يتجه نحوها وفى انتظارهم ذلك الشيخ الجليل قارئ القران الذى تعاقد معه أو اتفق معه كبار رجال العائلة أن يحيى تلك الليالى الثلاثون الرمضانية.

تُفتح المنادر وتُضاء الأنوار هنا وهناك، وتُعلق السماعات ويصطف الناس حتى منتصف الليل ليستمعوا إلى القرآن الكريم بصوت أشهر القراء.

يتم تجهيز المشروبات الرمضانية المختلفة والحلويات الرمضانية لمن يقومون بزيارة المندرة من العائلات والضيوف من خارج العائلة أيضا.

يروى لنا الشيخ هانى ثابت أبوعين من قرية النواورة بمركز البدارى- قارئ يقيم سهرة رمضان بدوار عائلة العيون- تفاصيل تلك الليالى القرآنية قائلًا: «يأتى جميع الأحباب والأهل يوميًا بعد صلاة التراويح ويجلس الشيخ لقراءة القرآن ويحضر الأهل والجيران من هنا وهناك للجلوس والاستماع إلى المقرئ حيث يتناولون القهوة وواجب الضيافة والحلوى حتى منتصف الليل». 

وفى قرية العقال البحرى لم يختلف الأمر كثيرًا حيث تُقام فيها السهرات الرمضانية القرآنية، ويؤكد الشيخ وليد القاضى قارئ بدوار عائلة العلالمة أن قرية العقال تضم عددا كبيرا من المشاهير فى قراءة القرآن الكريم ومن هذه العائلات عائلة العلالمة إذ ينظمون السهرة الرمضانية سنويًا والتى توارثوها منذ أعوام عديدة.

يأتى الشيخ وليد القاضى يوميًا بعد صلاة التراويح ويجلس فى الدوار لقراءة القرآن فى حضور لفيف من أهالى وشباب القرية الذين يجلسون حوله ويستمعون إليه.

وفى القرية النواورة هناك عائلة فواز حيث يقيمون السهرة الرمضانية سنويا ويحييها الشيخ سيد حيالله ابن القرية، وتتخللها أحيانا بعض الفقرات الدينية الأخرى مثل السيرة النبوية العطرة أو الأحاديث وكذا تناول الأطعمة الخفيفة مثل الحلويات أو الفاكهة وتناول القهوة والبلح.

وفى قرية العتمانية تقيم عائلة العقايلة أيضا السهرات الرمضانية، وأوضح الشيخ محمد أن إقامة السهرة الرمضانية يأتى بعد صلاة التراويح لقراءة القرآن حتى الساعة الواحدة ليلًا بحضور العديد من الشباب والرجال لسماع القرآن وتناول المشروبات.

وفى مدينة البدارى تقيم عائلة النواصر أيضا هذه الليالي الذين توارثوها كعادة من الأجداد، وأصبحت عادة سنوية لا تنقطع، حيث لتقى الأحباب والأهل مع تقديم واجب الضيافة والحرص على إقامتها بصورة دورية بدوار العائلة. 

وفى قرية المدمر بمركز طما محافظة سوهاج نجد السهرة الرمضانية بدوار عائلة العيسوية حيث يقول العمدة عماد الجيلانى أحد رموز العائلة: نقوم بعمل السهرة الرمضانية سنويا خلال الشهر الكريم حيث يأتى شيخ العائلة بعد صلاة التراويح ويلتف حوله الرجال والشباب فى مندرة المنزل لسماع القرآن.