الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مسلسل «الاختيار» ينير الطريق للمصريين ويكشف المتلاعبين بالعقول

مسلسل «الاختيار» ينير الطريق للمصريين ويكشف المتلاعبين بالعقول

يستمر مسلسل الاختيار فى إدهاش الجميع بما يفجره من أسرار غابت عن معظمنا  فى السنوات التى أعقبت عام 2011، وما عاشته مصر من فوضى مدروسة على الطريقة الأمريكية، قبل أن يثور الشعب فى 30 يونيو، من أبرز تلك التسجيلات ما شاهدناه جميعا فى الحلقة 16 من المسلسل، وحديث كاشف عن تعامل بعض القوى المدنية مع الإخوان سرًا بحثا عن مكاسب شخصية، مستغلين تصديق الشارع المصرى لتلك الأسماء للأسف الشديد! فى التسجيل المذاع فى نهاية الحلقة من الاختيار يتحدث محمد مرسى ومرشد الإخوان محمد بديع عن أيمن نور والتذلل للجماعة، تذلل مهين من سياسى ظن البعض لسنوات أنه مؤمن بفكرته العلمانية المدنية فى حكم الدولة، ثم ظهر بعد يونيو 2013 حقيقة الأمر، والذى أصبح موثقا بفيديو للإخوان يسردون فيه الواقع الخطير الذى عاشته مصر!



.. تمسح لم يقف عند حدود أيمن نور فقط، لكنه امتد إلى قوى مدنية أخرى، أو هكذا ادعت، ذكر منها محمد مرسى بالاسم الأستاذ إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة الشروق، والتى يصدر عنها جريدة وموقع الشروق ويتبعها أيضا دار الشروق ومكتبات الشروق ومطابع الشروق!

يتعجب مرسى فى التسجيل كيف يتمسح إبراهيم المعلم للإخوان ثم يسمح بنشر كاريكاتير ساخر عنهم فى يناير 2012 لرسام الكاريكاتير عمرو سليم، لم يغفر مرسى سقطة إبراهيم المعلم البسيطة جدا فى جريدة سخرت جميع قدراتها لخدمة جماعة الإخوان، واستهزأ مرسى فى التسجيل من تصرفات إبراهيم المعلم الدائم، قائلا: “يقعد يتصل بيا ويقولى أنتم بابا وأنتم ماما وأنتم أنور وجدى”.!

يؤكد الجزء الثالث من مسلسل الاختيار على حقيقة ليست سرا غير أنها كانت بعيدة عن البعض بفعل فاعل، أن مصر كانت تسير فى طريق الحرب الأهلية، يقودها إلى ذلك الطريق مجموعات من أصحاب المصالح والمنتفعين، المتذللين للإخوان، مسألة قد تنطبق على أيمن نور، لكن فيما يخص إبراهيم المعلم، هل كان صاحب مصلحة وفقط مع الإخوان؟ الإجابة بالتأكيد ليست كذلك، بل هو صاحب نفس القضية التى يروج لها الإخوان!

نظرة سريعة على جريدة الشروق وموقفها الصارخ ضد ثورة 30 يونيو، وضد رغبة الشعب المصرى، توضح سر حديث مرسى وبديع بذلك الغضب عن إبراهيم المعلم، فقد فتحت الجريدة صفحاتها لنشر مقالات عمرو حمزاوى، وسيف عبدالفتاح، ومصطفى النجار، وباسم يوسف، ومحمد المنشاوى، وعلاء الأسوانى، وفهمى هويدى، ونشر الأخير مقال بعنوان صافرات الحزن اليومى، إبريل 2014، مدافعا فيه عن جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها!

فهمى هويدى نفسه نطق باسمه مرشد الإخوان محمد بديع ضمن التسجيل لكنه تراجع سريعا ولم يكمل، ربما حفاظا على أحد الأصوات المهمة المدافعة عن الإخوان والإسلام السياسى!

غضب مرسى يحمل فى طياته عتاب الصديق أو المحب، المفترض أن إبراهيم المعلم ابن القيادى الإخوانى محمد المعلم، فهو ليس غريبا على الجماعة، وهو أيضا الناشر الحصرى لكتب قادة الإخوان والتطرف، مثل سيد قطب، ومحمد قطب، ويوسف القرضاوى.

تخرج الإخوانى إبراهيم المعلم فى كلية الهندسة، جامعة القاهرة، سنة 1969، وهى الفترة التى شهدت سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على كليات الهندسة فى الجامعات المصرية، وبحسب دراسة للراحل أحمد عبد الله رزة بعنوان  الطلبة والسياسة فى مصر أبرز دور طلاب الإخوان الإرهابية فى كليات الهندسة، على رأسهم خيرت الشاطر رئيس اتحاد الطلبة بكلية الهندسة عام 1968!

اشتغل إبراهيم المعلم مع والده القيادى الإخوانى محمد المعلم بمهنة النشر منذ صغره، حيث شاركه فى جميع مراحل تطور “الشروق”، ونتيجة لذلك التواجد القوى للمهندس إبراهيم المعلم فى دار الشروق بمنشوراتها الإخوانية منع من السفر عام 1988، بعد تلقيه دعوة إلى زيارة الاتحاد السوفييتى، الرحلة التى تكفلت بنفقاتها الخارجية الروسية بعد نشره كتابا بعنوان (البيريسترويكا).

أحدث إبراهيم المعلم تحولا فى سياسات النشر بالدار عام 2006، مع توجه الدار إلى نشر الكتب الأدبية بكثافة، سواء شراء حقوق نشر أعمال الأديب العالمى نجيب محفوظ، أو توفيق الحكيم، وخيرى شلبى، وإبراهيم أصلان، وإصدار العديد من سلاسل الكتب التاريخية التى وثقت تاريخ مصر الحديث، واتجاه دار إسلامية لنشر تلك النوعية من الأعمال طرح العديد من التساؤلات فى تلك الفترة، لكن الإجابة عرفها الجميع تباعا، عندما تلاعبت دار الشروق فى متن أعمال نجيب محفوظ وبدلت بعض العناوين حتى تتوافق مع الصبغة الإسلامية للدار، ورفعت أسعار الروايات الى أثمان مبالغ فيها لا تتوافق مع سعر السوق وهو ما أثر على مبيعات أعمال نجيب محفوظ فى حين تبيع الدار كتابات جماعة الإخوان الإرهابية بأسعار زهيدة جدا! من جانب آخر احتكرت دار الشروق الأعمال الأدبية لأبرز قامات مصر الثقافية ثم اختفت تلك الأعمال عن المكتبات لسنوات، بعض كتابات إبراهيم أصلان والتى تملك حقوق نشرها حصرا دار الشروق لا توجد فى المكتبات منذ سنوات، وتغيب أعمال خيرى شلبى عن أرفف المكتبات، لصالح تصدير دار الشروق لأعمال وكتابات لا تعبر عن هوية مصر الثقافية ولا منتجها الأدبى الحقيقى!

لم يكتف إبراهيم المعلم بدار الشروق، بل أسس جريدة وموقع الشروق، وأفضنا فى الحديث عن دور مؤسسة الشروق الإعلامية فى تصدير رواية الإخوان عن المشهد السياسى المصري، فى تغييب كامل للأراء المدنية وتحجيم للأقلام الوطنية!

يظل السؤال الأهم، لماذا يصمت الجميع، تحديدا الشارع الثقافى المصرى عن حقيقة إبراهيم المعلم وتوجهاته المناصرة لجماعة الإخوان، والإجابة ببساطة فى الاحتكار، احتكار النشر والمكتبات والطباعة والورق، فمن يجرؤ على الحديث بالسلب ضد إبراهيم المعلم لن يجد له مكانا فى المشهد الثقافى بالتأكيد، فالرجل تحكم لسنوات فى صناعة الكتاب والنشر، غير أن ذلك الاحتكار اهتز مع ثورة يونيو، وبدأ فى التلاشى مؤخرا، تلاشى شاهدناه جميعا فى تسجيل مذاع فى مسلسل الاختيار يكشف الصورة كاملة، ويشير إلى من اختاروا الجماعة، ومن اختار الوطن!

اعتبر ما قدمه الجزء الثالث من مسلسل الاختيار عن تلاعب مؤسسة إعلامية بحجم الشروق فى وعى المصريين، فى أحلك الفترات التى عشناها، لصالح جماعة الإخوان، هو قضية الساعة بحق، وهى المعركة التى لا تقل أهمية عن معركة الجيش المصرى العسكرية مع الإرهاب فى سيناء، فمعلومة مضللة هى أول الطريق لخلق أرض خصبة لتجنيد أعضاء التنظيمات الإرهابية!