السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سرعة الإلكترون وتفكير الحلزون

سرعة الإلكترون وتفكير الحلزون

فى لقاء تليفزيونى للكاتب الكبير محمود السعدنى تحدث فى بدايته عن اختلاف هذا العصر-تسعينيات القرن الماضى- عن العصور السابقة فى عناصر كثيرة أهمها السرعة التى يتسم بها هذا العصر، ضاربًا مثلًا بواقعة حدثت له فى الإسماعيلية عندما ذهب لشراء قماش من أحد التجار فى حدود العاشرة صباحًا حيث يوضح كيف بدأ التاجر حديثه بضرورة تناول طعام الإفطار ثم شرب الشاى وغيرها من المأكولات وهوما حدث بالفعل ثم استمر هذا الأمر حتى تناول قهوة ثم شاى بالعنبر ثم وصلا إلى وقت الغاء حيث تناولا السمك الشهى وبعد ذلك بدأ فى عرض ما لديه من قماش، ثم ينتقل إلى واقعة أخرى فى رحلة من الإسماعيلية إلى القاهرة مع هذا التاجر ومعهما الفنان زكريا الحجاوى حيث سأل المذيع-مدحت شلبى- عن تقديره للزمن المستغرق ،لتلك الرحلة وعندما أتته الإجابة بأن أطول زمن لتلك الرحلة قد يستغرق ثلاث أو أربع ساعات وهنا جاءت إجابة الأستاذ محمود السعدنى الصادمة بأن الرحلة استغرقت شهرًا.



بالطبع مقارنة التسعينيات التى تم اعتبارها عصر السرعة بالعقد الثالث من الألفية الثالثة هى مقارنة مضحكة وغير عادلة، ربما لا يمكن مقارنة عصر المعلومات بما قبلها على الإطلاق وخاصة بعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعى والتى بدأت فى عام 2004 ولكن لم تمتد شهرتها فى مصر إلا بعد ارتباطها بأحداث يناير 2011 وهوما دفع الجميع للاشتراك فيها بلا استثناء تقريبا ولكن ماذا فعل هذا الطوفان المعلوماتى المندفع بسرعة الضوء إلى العقول والأذهان؟.

ينظر البعض إلى عصر المعلومات نظرة متفائلة تماما حيث يراه زاخرًا بمصادر المعلومات والمعارف والأخبار والقدرة على التواصل مع الأشخاص والمؤسسات والحكومات على مدار الساعة وحول العالم مما يزيد من جودة الحياة وكفاءة إنسان العصر مقارنة بإنسان ما قبل عصر المعلومات الذى لم يكن متاحًا له الاطلاع على كل تلك المصادر أو التواصل السريع مع الأشخاص والمؤسسات أو ربما كان ممنوعًا عليه القيام بذلك.

على الجانب الآخر يرى البعض أن هذا الانفتاح المعلوماتى والإخبارى قد أصاب إنسان هذا العصر بانهيار عصبى وقيمى وأخلاقى ومفاهيمى وأفقده الكثير من المشاعر الإنسانية وحوله إلى وعاء كبير أو صغير يمتلئ حتى حافته كل يوم بمعلومات مهمة وتافهة وأخبار حقيقية وزائفة والكثير من التفاهة واللغو وعلى صاحب الوعاء أن يلقى كل ما فيه سريعا تمهيدًا لإعادة ملء الوعاء بمعلومات وأحداث اليوم التالى وعليه فإن الوعاء وصاحبه لا يستفيدان تقريبا من عمليات الملء والتفريغ حيث إن هذه الوعاء لا تلتصق به الحكمة أبدا. وبين هذا وذاك نجد درجات مختلفة من التصور والفهم والأساليب للتعامل مع هذا العصر المتلاطم.