الأحد 12 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لله وللوطن

لله وللوطن

من نفق الأزمات الكبرى يلوح من بعيد الأمل فى غدٍ  يشرق فيه فجرٌ جديدٌ ،وتنبثق منه حياةٌ تحفها نسمات الاستقرار والسلام والوئام  الاجتماعى والتعافى الاقتصادى،  فبعد أكثر من  ثلاث سنوات تكبد فيها العالم ما يكفى،  وعانى فيها من ويلات الأوبئة وتفاقم الأزمات واندلاع الحروب، لم يزل يحلم  بيوم من تلك الأيام الخوالى رغم قلتها، يقينى أن عالمًا جديدًا  لم يتشكل بعد سوف يواجهنا بمصاعب أكبر وأخطر لم نعتد عليها ،ولم نعهدها بعد أن فرض علينا التطور التقنى الهائل ـالذى طال كل شىءـ أنماطًا  دخيلة من الحياة علت فيها القيم المادية، والرغبة فى التكسب السريع دون عناء، والارتكان إلى الكسل، والارتكاز إلى الأنانية والفردية، والارتهان إلى الخلود للراحة، وسيادة ثقافة البهرجة وهى معادلات غير متجانسة لا تحقق  تقدمًا على مستوى المجتمعات أو الأفراد.



ليس جديدًا القول بأن الاقتصاد هو محرك عجلة الحياة فى كل العصور، وهو سابق للأديان، وهو الحافز الرئيسى لتقدم وتطور  المجتمع الإنسانى الذى اعتمد فى بداياته على الاقتصاد الرعوى وصولًا إلى اقتصاد المعرفة والمعلوماتية ،الذى نعيشه واقعًا والذى أصبح العامل الأساسى المحدد للقوة الاقتصادية ،التى لم تعد فى الأرض وامتلاكها كما كان الحال فى الاقتصاد الزراعى، ولا فى رأس المال اللازم لإنتاج السلع كما هو الحال فى الاقتصاد الصناعى، وإنما أصبح المحدد للقوة الاقتصادية هو اقتصاد المعلومات والمعرفة المطلوبة لابتكار الجديد  لجعل الإنتاج أكثر فاعلية، ورغم أن لكل مجتمعٍ أولوياته،  ولكل اقتصاد خصائصه وتبايناته، لكن يظل دوران عجلة الإنتاج، وإعلاء ثقافة العمل، وترشيد الإنفاق هى القواسم المشتركة، والعناصر الأساسية فى تطور ورفعة المجتمعات وتقدم الأمم، وبدون ذلك ومع استمرار تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التى تعصف باقتصادات البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء ؛فسوف يكون لتراجع النشاط الاقتصادى تأثيرٌ بالغٌ على معدلات النمو خصوصًا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع ارتفاع هوامش أسعار الفائدة، وانخفاض تدفقات رءوس الأموال، وهبوط حجم الصادرات، وتباطؤ نمو الاستثمارات.

 يحسب للدولة المصرية عدم التهوين من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة والاستعداد المبكر لمواجهتها، واتخاذ الحكومة جميع الإجراءات الاحترازية للتخفيف من آثار الأزمة وتداعياتها على المواطن وتوفيرها الموارد المالية اللازمة ؛لتمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية من أجل الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادى، وفى الوقت نفسه توفير متطلبات التكافؤ والتكافل الاجتماعى وتحسين مستويات الدخل للفئات الفقيرة، ففى ظل الأزمة الحالية، رغم تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانكماش حركة التجارة الدولية وانخفاض عائدات التصدير وزيادة تكاليف الاستيراد، لم تكتف الدولة أو الحكومة بالإجراءات والتطمينات بل أخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى على عاتقه التحدث المباشر لتبصير المواطن وإحاطته بجميع المعلومات والحقائق حتى لا يقع فريسة للشائعات المغرضة التى تملأ ساحات التواصل الاجتماعى بأكاذيب جماعات الإخوان وأذنابها من عناصر احترفت الكذب دون دليل، وامتهنت التطاول على الرموز الوطنية بجرأة وفجاجة وفجور مبتذل استهجنه الشعب المصرى بكل فئاته.

 نعم يعانى الجميع ضغوطًا اقتصادية وحياتية تطبق على الأنفاس لكننا لسنا وحدنا فالعالم أجمع يعيش فى ظل خناق اقتصادى طال الجميع سواء بسواء ولكن ربما بنسب متفاوتة تنقص أو تزيد لا بأس، لكن الشعوب الحية هى التى لديها القدرة على مواجهة الصعوبات والإفلات من الأزمات ،والشعب المصرى هو الأقدر على تجاوز كل هذه التحديات، لقد فعلها أكثر من مرة، وتراكمات التاريخ المختزنة فى الذاكرة هى أكبر دليل على صلابة شعب لم تقهره الأزمات أو التحديات، شعب تزيده الأزمات صلابةً ومتانةً والتفافًا حول الدولة.