استشارى صحة نفسية: لا تستهينوا بسلوكيات وتصرفات أطفالكم
خلوا بالكم من عيالكم

مروة فتحى
التربية عملية مستمرة ومتجددة، لا تتوقف أو تنتهى، فكل سلوك يقوم به الأم أو الأب هو نموذج عملى يحتذى به الطفل ويتأثر به طوال حياته، فمثلًا لن يأتى وقت معين نجد الأب يقول للأولاد سنعطيكم حصة تربية، هيا أربيكم تعالوا !، هذا لا يحدث أبدًا، كل تصرف هو تربية ، فالتربية عملية تستمر آناء الليل وأطراف النهار، إلا أن هناك العديد من الأسر التى تقع فى أخطاء أثناء عملية التربية، سواء بالانشغال عن الأبناء وتقويم سلوكهم أو الاهتمام الزائد والتدليل الزائد وفى الحالتين فإن الإفراط فى الشيء ينقلب إلى الضد ويأتى بنتائج عكسية على الأبناء.
من جانبها، استهلت دكتورة أميمة عبدالله استشارى الصحة النفسية، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”، لافتة إلى أننا بحاجة إلى وقفة مع النفس لنعيد ترتيب أولاوياتنا فى الحياة، ومن أول هذه الأولويات هى تربية أبنائنا فلذات أكبادنا تربية صحيحة وعلى أسس سليمة، لاسيما أن كثيرين يعتقدون أن التربية هى توفير المأكل والملبس والدروس واشتراك النادى وتوفير العيشة الرغدة فقط، وأغفلوا الجانب التربوى الذى يشمل زرع القيم وتعديل السلوك وتعليم مبادئ الدين من خلال تعليمهم الحلال والحرام ما الصح والخطأ واحترام الكبير وحق الجار... إلى آخره حتى نفرز للمجتمع جيلًا قويًا قادرًا على خدمة وطنه ومتمسكًا بدينه وعادات وتقاليد المجتمع الذى يعيش فيه.
وأوضحت أنه لكى تكون التربية على أسس سليمة لابد أن نضع فى الحسبان جوانب عدة مثل الجانب النفسى والدينى والأخلاقى وأن نأخذ فى الاعتبار أن أى سلوك يصدر منا كآباء اليوم سوف نراه من أبنائنا فى الغد، بمعنى أنه يجب مراعاة تصرفاتنا وألفاظنا فى التعامل داخل الأسرة وخارجها بأن نعلم أبناءنا معنى الانتماء للأسرة ثم المجتمع وحب الوطن وأن نتحرى الصدق وعدم النميمة والتنمر على الآخرين والمحافظة على العبادات وحب الخير للغير والتعاون وتحمل المسئولية وشكر الله على كل النعم التى من حولنا والرضا والصبر على تحمل مصاعب الحياة، ويجب مراعاة شعور الآخرين, وذلك بعدم التباهى بالنعم أمام غير القادر، ومن المهم أيضًا أن نعود أبناءنا على الصراحة ونصاحبهم حتى نعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة كى لا يلجأوا لأصدقاء السوء أو للعالم الافتراضى ويحدث بعد ذلك مالا يحمد عقباه من تشوهات معرفية وسلوكيات عدائية وتغير فى نمط حياة أبنائنا ونعود ونسأل أنفسنا ما السبب وراء ذلك كله؟؟
وأضافت استشارى الصحة النفسية أن نظريات علم النفس أثبتت أن أول خمس سنوات من حياة أى طفل تشكل جزءًا كبيرًا جدًا من شخصيته حتى يصبح رجلًا مسئولًا عن أسرة وأن من 50 : 75% من ذكاء الطفل يتكون فى عمر أربع سنوات، وهذا يتطلب منا ألا نستهين بذكاء الطفل فى هذه المرحلة العمرية بأن نتصرف بحساب وتعقل.
وأضافت د.أميمة: إنه يجب البحث عن أسباب أى تصرف غريب يصدر من الابن كتأخره خارج المنزل على غير العادة أو عدم الاهتمام بمظهره ونظافته الشخصية أو عزله عن الأسرة والأصدقاء أو تغير فى عاداته الغذائية أو فقد الشغف فى الأشياء التى كان يحبها ويقبل عليها أو صدور أى رد عنيف وعصبية على غير عادته، مشيرة إلى أن أى تصرف من هذه التصرفات يستوجب منا كآباء الوقوف على الأسباب التى أدت إلى ذلك ويجب ألا نسفه من أى كلمة ينطقها أو يكتبها الابن تدل على يأسه من الحياة لأن من الوارد جدًا أن يكون هذا الابن يمر بأعراض اكتئاب أو أى اضطراب نفسى يؤدى به إلى الهلاك إن لم نهتم بالبحث عن الأسباب التى أدت لذلك.
وقالت: إن الصحة النفسية لها نفس أهمية الصحة الجسدية، لذلك يجب الاهتمام باحتياجات أبنائنا النفسية بقدر احتياجات الصحة الجسدية إن لم يكن أكثر.