الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

مرآة الحب ليست عمياء

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



أنا سيدى الفاضل جندى مجند أؤدى خدمتى الوطنية بالقاهرة، وأنتمى لإحدى قرى الصعيد، أبلغ من العمر ٢٥ عامًا، وحاصل على مؤهل عالٍ،، والدى يعمل بمجال تجارة الماشية وبيع وشراء الأراضي، كما يمتلك الكثير من العقارات، ثروة كبيرة من شأنها تأمين مستقبل أسرتنا، المكونة من ٤ أشقاء يعملون معه، وشقيقتين إحداهما متزوجة، أنا أصغرهم جميعًا، بعضهم حاصل على مؤهل متوسط والبعض الآخر لم ينل حظه من التعليم، قصتى تفاصيلها غريبة ومحزنة، لكننى أثق فى قدرتكم على فك ألغازها،، منذ الصغر كان والدى يدللنى ويقربنى منه، وكنت طفلًا بريئًا بحق، لا أعرف وجود للحقد أو الضغينة، ولم تتولد الكراهية فى قلبى لحظة تجاه أحد، تركيبتى عاشقة للعطاء، وهذه طبيعة استمرت معى حتى وقتنا هذا، والحمدلله، أمى أيضًا من فرط تعلقها بى كانت تعاملنى وكأننى ابنها الوحيد.. بدأتُ العمل مع والدى وأنا ابن العاشرة، وعندما وصلتُ للثامنة عشرة، وكعادة معظم أبناء الصعيد فضلتُ الاستقلال فى أى شيء، وبأى مكان، لأن هذا السلوك بالنسبة لنا يعد بمثابة أحد صكوك الرجولة، وتحمل المسئولية. سافرتُ إلى القاهرة ومنها إلى إحدى المدن الجديدة، عملت بمجال المعمار كمساعد لبنَّاء ثم بنَّاء - هى انطلاقتى الأولى - وفى كل أجازة متباعدة وقصيرة أساعد والدى ماديًّا رغم عدم حاجته لذلك، ساهمتُ فى تجهيز شقيقتى الكبرى للزواج، طلب منى أحد أشقائى مبلغًا ليبدأ مشروعًا ولم أبخل، والدتى كانت لها رغبة فى الاشتراك «بجمعية شهرية»، من أجل شقيقتى الصغرى وزواجها مستقبلًا، لم أتردد فى الموافقة وسرعة التلبية، ووفرتُ المطلوب شهريًّا،، كنت سعيدًا باستنزاف طاقتى ومجهودي، من أجل إسعاد الجميع، فهم يعتبروننى ابنهم الطموح الذى يعمل وحده خارج نطاق المحافظة، ويجلب أموالًا لهم حق فيها، دائمًا كنت أقنع نفسى بمشروعية تواكلهم غير المبرر عليَّ - رغم ثروة أبى الطائلة!،،، شقيقى الذى يكبرنى مباشرة أحب فتاة، كنت على يقين بسوء سلوكها وسمعتها، وأراد أن يتزوجها، أكدتُ له بدلائل دامغة أنا وابن عمى أنها لا تناسبه، وعليه أن يبتعد عنها - لكنه كرهنى بشدة بعد إرغام والدى له على تركها، أثناء أجازتى أُصبتُ فى حادث سير واحتجت لزيارة أحد المستشفيات بمدينتنا، هناك تعرفتُ على فتاة تعانى هى الأخرى من انزلاق غضروفي، حضرتْ بصحبة والدتها من قرية مجاورة لإجراء بعض الفحوصات، فتعلق قلبى بها، جمالها وتهذبها وطيبتها كانت صفات جذابة، تتبعت سيرتها بقريتها فشهد الجميع على حسن أخلاقها وتربيتها، يتيمة الأب منذ طفولتها، وأسرتها تنتمى لعائلة كبيرة،، عرضتُ على والدى أمر ارتباطى بها، لكن أشقائى تدخلوا بقوة لمنع زواجي، بداعى أننى لازلتُ صغيرًا، نسوا تمامًا مواقفى معهم وتعاهدوا على إتعاسي، اتصلت بشقيقتى الكبرى وهى الأقرب لقلبى أشكو لها همي، لكنها صدمتنى وطالبتنى بنسيان تلك الفتاة - بل وتأجيل فكرة الزواج، لبقاء شقيقَيَّ الأكبر منى سنًا دون ارتباط، وهم لن يتركوني أنفذ رغبتي، واعترفتْ بأنهم يغارون مني، بسببب تفضيل أبى وأمى لى منذ الطفولة، وبالفعل انقلبتْ علاقتى بالجميع رأسًا على عقب، والدى قاطعنى وطلب منى مغادرة المنزل إذا لم أتركها - لكننى تمسكتُ بها وخرجتُ ذليلًا مطرودًا تسبقنى دموعي، أتممت خطبتى فى غياب عائلتى الذين رفضوا الحضور، وقدمتُ لها «شبكة» متواضعة بما تبقى معى من مدخرات نجتْ من استغلالهم، أنكر كل من أخى وأمى مساعداتى لهما، ورفضا معاملتى بالمثل وإعانتى ماديًّا لبداية حياة جديدة، مع الإنسانة التى اختارها قلبي.. تركتُ قريتنا واتجهتُ للعمل مع نفس المقاول الذى أعرفه بالقاهرة، حتى كلل الله مجهودى بالنجاح بعد عام، ودبرتُ نفقات زواجي، تزوجتُ بأقل الإمكانيات التى ارتضت بها زوجتي، وبشقة استأجرتُها بمدينتنا فى الصعيد، رفض أهلى التواجد بزفافى وأعلنوا أننى ميت فى نظرهم،، بعد عدة أشهر من زواجي، اقنعتنى حماتى بضرورة أداء الخدمة العسكرية التى تهربتُ منها، حتى أصبحتُ على أعتاب الرابعة والعشرين من عمري، ولكى لا يكون أمامى عائق للعمل بأى جهه، والآن الحمدلله بقى أمامى ٦ أشهر على انتهاء خدمتى - لكننى أعانى أستاذ أحمد من صراع لا ينتهي، واضطهاد ليس له مثيل من أبى وأمى وأشقائي، حولوا حياتى لجحيم،،، البداية كانت من اتصال زوجتى بوالدى ومحاولتها تقريب وجهات النظر - لكنه رد عليها بوابل من الشتائم التى لا يقبلها أرذل الخلق، تحملتْه ولم تخبرنى بما حدث، إلا بعد نجاح محاولتها الثانية وإقناعه بزيارتنا، كانت سعادتنا لا توصف، أعدت زوجتى وليمة كبيرة احتفاءً بحماها، اختلى هو بى لتناول الغداء، ثم فاجأنى برغبته فى تخلصى من شريكة حياتي، مقابل مليون جنيه، سألتُه لماذا كل هذا الكره للمسكينة!؟ وهى التى برهنتْ على أصالتها باسترضائك أكثر من مرة، ولم تيأس فى محاولاتها لإذابة جبل الجليد بينها وبينكم، تحملتنى ووقفت بجانبى كثيرًا، فقال: «تعمل أكتر من كدا، مش مريضة وعندها غضروف، وما خفى كان أعظم، أكيد هى الكسبانة» أخبرتُه بأننى أيضًا لن أستطيع العمل فى مجال المعمار مرة أخرى، بسبب حادثتى الأخيرة، وهذا أمر الله - لكنه لم يقتنع، وتركنى غاضبًا،، سافرتُ إلى وحدتى لتأدية ما تبقى من خدمتى الوطنية، وبعد عدة أيام اتصلتْ بى زوجتي، تبكى بشدة وتشتكى من أرقامًا كثيرة لا تعرف أصحابها، يهينوها على زواجها مني، وأخبرتنى بشرائها خط تليفون جديد.. لم تكن تلك الحادثة هى الأخيرة، بل لاحظنا كثرة الخلافات بيننا على أتفه الأسباب، وحدوث تكرار لموانع شرعية تخص زوجتي، يستحيل معها إقامة علاقة حميمية، علمًا بأنها لم تكمل حملها الأول بعد الشهر الخامس، والأطباء لا يعرفون سبب علمى مؤكد، اتجهنا لأحد الشيوخ المشهود لهم بالقدرة على اكتشاف السحر وإبطاله، وأقر بأن هناك سحرًا  يرتكز على نشر الهم والمرض وجعل الفشل هو مصير أى حمل، ولم يفصح عن الشخص المؤذى لنا، لكنه لمَّح بأنه من أقاربى ويريد تدميري،، تلك الكلمات جعلتنى أفكر فى حمل أى سلاح، وإنهاء حياة كل أفراد أسرتي، فهم يستحقون الموت مرات ومرات، لكن زوجتى الأصيلة قبلت قدميَّ، وأخبرتنى بأنها لن تسامحنى وربما تنتحر، إذا تهورتُ بهذه الطريقة، وأكدتْ بأن فرج الله قريب وعلينا بالصبر، لا أعرف حقًا ماذا أفعل لحمايتها، وحماية نفسي، ولا نريد إلا العيش فى أمان وسلام، فماذا أفعل!؟

إمضاء أ. ص

 

عزيزى أ. ص تحية طيبة وبعد…

يقولون عن مرآة الحب إنها عمياء - لكنها ليست كذلك فى رأيى - بل هى مرآة تخص صاحبها، يرى فيها المحب بقلبه ما لا يراه الناس بأعينهم.. لذا أنت متزوج الآن من تلك الفتاة، التى أختارها قلبك بعناية فائقة، بعدما استحقتْ حبك وتمسكك بها، وقدمتَ مشاعر صادقة أصابتْ الهدف بدقة - مع كل ما سبق، دعنى ألومك فقط على تحقيق أمنيتك بالتحدى الصريح لأعز الناس، وهو والدك،، وتعجل الزواج دون الحرص على تكرار محاولاتك لإقناعه، فكما تعلم أن أخذ الحق حرفة.. وكنتُ أتمنى أن تصبر قليلًا، حتى تتحسس كل الطرق المؤدية لموافقته، بحكمة تحسب لك، والإجابة عن أسئلته العالقة أولًا، بتدمير هواجسه تجاه صحة محبوبتك، والتأكيد على حقيقة أن الطب الحديث تغلب على مشكلات كثيرة بسهولة، مما جعلها تتعافى بإرادة الله، ولا داعى للقلق بهذا الشأن - وإذا كان بعض أشقائك كما أشرت، لهم تأثير سلبى فى رفض والدك وتصميمه على تركك لها - فأين هم من يستطيعون تقديم دور إيجابي فى إقناعه، لماذا لم تبحث عنهم فى أقاربك، مثل خالك أو عمك أو صديق والدك المقرب؟، لأن كل أب يتمنى أن يرى من أبنائه حرصهم وتهافتهم على استرضائه - حتى وإن تمسك برأية فى بعض الأمور، لمجرد الانتشاء بتقديرهم له،، وربما يرى البعض بأن الآباء ليسوا فى حاجة ماسة لإثبات هذا التوجه الفطرى عند أبنائهم، بإخضاعهم جبريًّا - إلا أنه ومما لا يدع مجالًا للشك فإن الفوارق المختلفة فى التركيبة النفسية والاجتماعية بين البشر، والتى أوجدتها طبيعة النشأة والجينات المتوارثة والموروثات الثقافية، قد تدفع شريحة منهم إلى التمادى غير المبرر، والتعقيد النسبى لبعض الأمور، لكن يبقى الأب هو الأب تغلبه روح المسئولية تجاه أبنائه.. وإذا نظرنا للجزء المليء من الكوب الذى بين يديك، سنجده يتمثل فى الزوجة الصالحة التى حاولت قدر استطاعتها إعادة البسمة إليك، ولم شمل أسرتك، لكن ربما تزيد الأمور تعقيدًا إذا استمرت هى فى محاولاتها اليائسة، وغير المقبولة من جانبهم، مما يقلل من قدرها فى نظرهم، على عكس ما يجب أن يكون،،، لذا أنصحك بضرورة إبعادها وابتعادك قليلًا عن دائرة الصراع مع والدك وأشقائك،، حاول البحث عن عمل وحياة جديدة بعد انتهاء خدمتك العسكرية، فى محافظة أخرى غير محافظتك، ركز على بناء مستقبلك دون النظر للماضى الأليم، لأنك أصبحت تمتلك حاضرًا واعدًا، مع شريكة حياة تبذل كل ما بوسعها لإسعادك، فلا تيأس،،، ولا تتبع طريق الشيطان، واعلم بأن المنجمين كذبوا ولو صدفوا، عليكم بطرق أبواب العلم فقط والأخذ بالأسباب، حتى تشفى زوجتك بأمر الله، ويتحقق لكما المراد بحدوث الحمل ثم الإنجاب، لا تكن فى معزل تام عن أهلك، تابع أخبارهم من بعيد عسى الله أن يمن عليك قريبًا بإلانة قلوبهم، يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة هود - بسم الله الرحمن الرحيم { إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّى عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } صدق الله العظيم، فثق بأن الله لن يخذلك وستعود المياه لمجاريها بينكم جميعًا فى القريب العاجل،، وفى النهاية أوجه نصيحة لكل أب مسئول - بألَّا يقف حجر عثرة فى طريق أبنائه، ولا يصنع أمواجًا من التفرقة والضغينة بينهم - بل وزِّع منحتك فى الاحتواء والحنان بالعدل بينهم. 

دمت سعيدًأ وموفقًأ دائمًا أ. ص