
هند سلامة
فى المهرجان القومى للمسرح.. تنافس مربك.. وجوائز ممنوعة!
هل التنافس مطلوب والغيرة الفنية مشروعة؟!.. بالتأكيد إن لم يوجد التنافس والغيرة لن ترتقى الحركة الفنية أو تتطور بتطور آليات الزمن، لكن من المؤسف أن يتحول هذا التنافس إلى ترك أثر بالظلم والإحباط والكراهية، تتكرر كل عام أزمة متواصلة لا تنتهى رغم تغير وتبدل أعضاء لجان التحكيم على المهرجان القومى للمسرح، إلا أن هذه اللجان أجمعت على اختلاف أعضائها على تصعيد وإبراز الأقل دائمًا وهو ما يحدث حالة من الإرباك لبعض المبدعين فهناك حالة من الخلل فى معايير التذوق الفنى وتحديد قيم الجمال.
هذا العام ربما صعدت اللجنة أو التفتت إلى بعض التجارب الشبابية ومنحتها نوعًا من التقدير، لكن هناك تجارب أخرى كانت على استحقاق بالفوز أو التصعيد لم تنل حتى شرف الذكر فى ترشيحات التحكيم وكأنها لم تشارك من الأساس، وهذا ما يدعو إلى التساؤل ما هى الأسس والمعايير التى تستند إليها لجان التحكيم لمنح أو منع جوائز المهرجان عن أعمال مسرحية بعينها، هذه المعايير المختلة أحيانًا فى تقدير بعض الأعمال الفنية وصناعها بشكل متكرر وعلى مدار سنوات متتالية قد تحدث وتسبب نوعًا من التراجع الفنى بالصناعة المسرحية، عندما تدعم وتصعد اللجان الأقل جودة وتنتصر للأضعف لن تفيق الحركة المسرحية أو تتطور وتتنوع وتجادل وتختلف كما حدث خلال تلك الأيام.
ففى هذه السنوات حدثت حالة من الطفرة الفنية إلى حد كبير فى الأشكال المسرحية المطروحة، وأصبح لكل مبدع فلسفته ومدرسته الخاصة فى تقديم شكل مسرحى جديد ومتطور، وعندما يدخل هؤلاء حلبة التسابق بالمهرجان القومى للمسرح، قد يفاجأ بعضهم بازدراء ما حاول أن يقدم ويطور، هذا لا يعنى أن المسرحيين يقدمون أعمالهم لمجرد الحصول على جوائز والتنافس عليها, فالمسرح فى الأصل فن جماهيرى, ومن ثم لابد أن يهتم المبدع فى المقام الأول بجمهوره المستهدف من هذا العرض أو ذاك، لكن إذا نظرنا بشكل أكثر عدلًا وإنصافًا لابد أن يلقى هذا المبدع أيضًا نوعًا من التقدير على إبداعه الذى بذل جهدًا لتطويره وإخراجه فى صورته النهائية لإمتاع جمهور المسرح أو جمهور المهرجان.
هناك معايير فنية متعارف عليها رسخت فى أذهاننا لتحديد وتمييز الجيد من الضعيف, وبناء على هذه المعايير يضع عادة البعض توقعاته لفوز أعمال بعينها، هذه المعايير الفنية والجمالية ثابتة بالمسرح أو السينما أو أى وسيط فني آخر، لذلك هناك بعض الأشياء قد يكون من الصعب الاختلاف حولها بشكل كبير وكأن الجائزة تعرف صاحبها استنادًا لهذه المعايير، لكننا نفاجأ أن الجوائز تاهت عن أصحابها ومستحقيها، وكأن اللجان لها معايير وتحليل نظرى شديد التصلب والغرابة فى منح بعض الجوائز إلى غير مستحقيها لأسباب تخص اللجنة وحدها، لذلك تتكرر الأزمات كل عام دون حل يذكر ونعود للحلقة المفرغة من دائرة التساؤلات والدهشة التى لا تنتهى، يعود الإحباط ويصبح المهرجان وسيلة لبث مشاعر الاحتقان والكراهية بجوائزه الممنوعة بدلًا من التنافس المثمر للتحفيز على إنتاج إبداع مختلف!