الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كليات «وش القفص»

كليات «وش القفص»

على مدى عقود طويلة تربينا نحن جيل الثمانينيات والتسعينيات على ثقافة العنصرية فى الكليات، وتصنيفها لقسمين لا ثالث لهما، كل منهما يحمل معنى متناقضًا، قمة وقاع، صفوة وعامة الشعب، «وش القفص» و«قعره»، «بونبون» و»علقم»، أما كليات التصنيف الأول فلا يمكن أن يدخلها سوى أصحاب المجاميع العالية، الذين حصلوا على 90% فيما فوق، وفى روايات أخرى أو فترات زمنية متقدمة كان 95% فيما فوق، أما من يحصل على 101% فيما فوق فهو عبقرى ومبدع  وأسطورة، لا مثيل له فى الشطارة ولا شبيه له فى الصدارة، يراه المجتمع فلتة من فلتات الزمن، على طريقة الطالبة  النجيبة «نجيبة متولى الخولي» فى فيلم «الثلاثة يشتغلونها».



وبالنسبة لكليات التصنيف الثانى فهى لأى شخص، لم يفلح ولم ينجح فى أن يحصل على مجموع عال، وبالطبع لم يذاكر، ولم يحفظ المقررات الدراسية صمًا، ولم يأكل الكتب أكلًا، وضيع وقته ربما فى ممارسة الرياضة أو تعلم مهارة جديدة، المهم أنه التحق بكلية عادية وبالطبع سيكون فيما بعد إنسانًا عاديًا ضمن ملايين البشر العاديين.

للأسف، هذه الثقافة منتشرة فى عقول ملايين من أولياء الأمور الذين يزرعون أفكارًا غريبة ومريبة فى عقلية أبنائهم، يروونها بالشخط والزعيق من أجل المذاكرة، ويسقونها بإجبارهم على الحفظ والصم لا على الفهم والتفكير، فنجد أجيالًا تكبر حاملة بداخلها الثقافة ذاتها والأفكار العقيمة  نفسها لتمارسها مع أبنائها لتستمر تلك الدائرة المفرغة، إلى أن جاء نظام الثانوية العامة الجديد الذى أقره الدكتور طارق شوقى وزير التعليم السابق، الذى نجح وبجدارة فى إنهاء تلك الأفكار البالية، والقضاء على هذه القناعات المزيفة، ليثبت أن ثقافة كليات القمة والقاع مجرد «فنكوش» لا أصل له ولا صحة، بدليل أن كلية الإعلام الحد الأدنى لها هذا العام 77% وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية82% والألسن80%، رغم أنها طيلة أعوام سابقة كانت تأخذ فوق الـ92%، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أننا من نخلق هذا التصنيف فى عقولنا وبالتبعية عقول أبنائنا، لكن جميع الكليات بكل تخصصاتها تكمل بعضها البعض، فنحتاج إلى بشر فى كل هذه التخصصات حتى تدور عجلة التنمية وينمو المجتمع ويستفاد من عقول أبنائه، سواء كانوا مهندسين أو مدرسين أو عمالًا أو محاسبين أو غيرهم، فكلنا التحقنا بكليات «وش القفص» طالما قادرون على الإنتاج والإبداع فى حياتنا العملية حتى لو كانت دراستنا فى معهد وليس كلية.