الثلاثاء 26 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حالة «شيرين عبد الوهاب»

حالة «شيرين عبد الوهاب»

عجيبًا الشأن هُمّا الاثنان : المغنية «شيرين» والمَثَل الذى يقول: (تخرج من حفرة وتقع فى دُحديرة)، وعلى عكس ما روى وهلّل الجميع، كانت حفلتها الأخيرة بقرطاج/تونس أكثر دحديرة عمقًا تقع فيها المغنية ،التى ما عادت تغنى منذ (آه يا ليل)، وقد غنت الجماهير بدلًا منها، ولخصت حفلتها تلك كل عثرات الطريق، التى علقت بقدميها وحنجرتها منذ أن استمرأت، وغلّبت عفويتها الفجة على تطور تجربتها الغنائية.



جملة اعتراضية لكنها مؤسِسَة للحالة ولحالات الكثير من المشاهير:

(منذ أن قتل الباباراتزى الأميرة ديانا عام 1997، وقد صار الباباراتزى حالة وجودية مطلوبة ومرغوبة للكثيرات اللواتى اعتبرنه وهجًا وصخبًا بديلًا لخفوت الموهبة أوإهمالها عمدًا).

كان من الصعب أن تعيش - فنيًا - مغنية كـ»شيرين عبدالوهاب اكتسبت شعبية جارفة منذ أول أغنياتها، أن تعيش على أسرار حياتها ،وقصصها العاطفية، وزواجها ،وطلاقها تاركة تنمية وتطوير، وتجويد مشوار غنائى، مشوار كان يجب أن يكون واعدًا ،ومؤثرًا، وعريضًا، وشديد التأثير. 

كان من الصعب على مغنية مثل شيرين عبد الوهاب أن تستبدل القراءة والاطلاع والدراسة ومجاورة ومصاحبة الكتاب، والأدباء ذوى الثقل الثقافى والمعرفى، أن تستبدلها بتلك اللغة الشعبية الدارجة، والجارحة، والفجة فى مجملها فى حواراتها التليفزيونية، وفى مجمل تجلياتها الفنية على المسرح، كان عليها أن تحصى كم الأخطاء الإنسانية التى تفوهت بها أمام الجماهير، وأن (تعمل لنفسها قفلة ووقفة) وتسأل نفسها: هيّ عايزة من نفسها إيه؟

فى حفل قرطاج/ تونس نشّرَت شيرين ولم تُطرب، تحديدًا حين غنت لأن كلثوم، وغنى الجمهور بأذن سليمة بدلاً منها، كانت صعبانة على نفسها وعلى الناس كلهم؟ وبكت كثيرًا، ليه؟ لأنها فشلت فى زواجها الثالث! طيب وإيه يعنى؟ 

ألم يأتها خبر “داليدا” التى انتحرت فى كبرياء إثر قصة حب فاشلة لم تشرك فيها جمهورها الفرنسى الكبير، ظلت “داليدا” تغنى وتبدع وتصعد بشهرتها السموات السبع و تجتاز القارات الست، وتتخير أحلى الكلمات والألحان والملابس والإكسسوارات وأرقى الحوارات التليفزيونية، وأروع حضور وشموخ على المسرح وفى السينما، وحين لم تستطع أن تحتمل ثقل قلبها ودعت العالم دون استئذان.

هذا ليس مطلبًا لانتحار المحبين حين يخفقوا أويتعثروا فى قصص جارحة، لكنه مَثَل ودليل ودرس كان يجب على شيرين عبد الوهاب أن تتوقف أمامه طويلًا، وأن تعرف أن شادية ووردة وهدى سلطان وفايزة وليلى مراد ونجاة جميعهن انفصلن عن أزواجهن ولم تصل أى منهن لحالة الجنون والتشتت والانشطار، وأكملت كل مغنية تجربتها ومشوارها العظيم وتركت إرثا لا يمحوه زمن أو زوج انفصل ورحل، أما حالة السيدة “نجاة”فهى المثال والمثل الأروع ،المثل الذى يطرح على شيرين سؤالًا : هل تعرفين شيئًا - سرًا ما غير الغناء - عن نجاة؟

 كان على “شيرين “ أن تتذكر أن “حسام” ليس هوالزوج الأول ولا الطليق الأول ولا الحبيب الأول ولا الحزن ولا الخذلان الأول! وأنها قد سارت فى درب الخسارات من قبل.

ما كان يجب على شيرين أن تنساق لآلة الباباراتزى ولا إلى مقدمى البرامج التليفزيونية الذين من أجل التريند قد ورطوها وأجهزوا عليها بسكين تِلِم بارد جرحها وجرح محبيها ، عليها أن تتعلم متى تقترب من الإعلام ومتى تبتعد وأن (تذاكر) جيدًا عما ستقول. 

ثمة حالة إخفاق أخرى مشابهة ساقها القدر لشيرين أثناء لوعتها وعذاباتها - العادية جدًا على فكرة- لكى تستبطن ذاك الذى فشلت فى اقتناصه من دروس وتجارب ومحن، وهى حالة طلاق “أيتن عامر” التى ابتلعت جراحها رفضت أن تفصح عن أسباب إخفاقها العاطفى والزوجى وخرجت فى أبهى صورة لتغنى وتمضى عقود مسلسلات وتتحدث فى البرامج الفنية كأن شيئًا لم يكن، والأهم كانت فى الأيام التى أعقبت طلاقها تتحدث بوعى وباتزان وبخفة ظل وبطلة حلوة حتى استراب وتشكك الجميع أن طلاقها مجرد شائعة مع أنه حقيقة واقعة.

ثمة أسرار يجب أن تخفيها “شيرين عبد الوهاب” عن جماهيرها العريضة أولها صلعتها وثانيها لسانها. 

ثمة أشياء خاصة يجب أن تتحلى بها شيرين عبد الوهاب لو تكررت معها هذهِ الحالة مرة أخرى، أولها وأهمها هوالصمت، وثمة أشياء عامة يجب أن تدركها وتستدركها وهى القراءات والمعارف الخاصة بالأدب والفنون والعلوم الإنسانية، تلك الأشياء العظيمة التى تصنع للفنان شكله وتجربته وتاريخه.