الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
 الشيطان يعظ

الشيطان يعظ

رواية أديب مصر العالمى نجيب محفوظ والصادرة لأول مرة عام 1979 والتى تدور فى عالم الفتوات حيث الصراع بين الدينارى وشطة، وبغض النظر عن روعة الرواية والفيلم السينمائى أيضا إلا أن عنوان كل من الرواية والفيلم – الشيطان يعظ- هو مصطلح فى غاية العبقرية وإن كان غريبا بعض الشىء فى وقتها إلا أننا نستطيع الآن أن نكتشف عشرات من الشياطين الذين يقومون بالوعظ والإرشاد بصورة يومية وفى المجالات المختلفة.



من تلك الأمثلة ما نتعرض له يوميا أو عدة مرات فى اليوم الواحد من مستخدمين عاديين لشبكات التواصل الاجتماعى أو بعض الشخصيات الشهيرة التى تقدم جرعات مكثفة من المواعظ والحكم الحياتية وكذا أيضا الآيات الدينية محاولين ركوب التريند واظهار انفسهم بمظهر الناصح الأمين العالم ببواطن الأمور والمستحوذ الوحيد على حكم الحياة وما بعد الموت أيضا.

كم من مرة قمت بزيارة الملف الشخصى لأحد منهم فوجدته يعج بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والحكم الرائعة فتتخيل أن هذا الشخص هو ملاك يمشى على الأرض وأن العالم كله قد تكاتف واتحد ضده وهو فى حقيقة الأمر أسوأ من الشيطان الرجيم، أمثلة ذلك لا تعد ولا تحصى منها ما يقوم به بعض المستخدمين من زيارة للملف الشخصى لقاتل أو مغتصب للأطفال فلا تجد لديه الا الحديث المستمر عن الحف والخير والجمال، أعرف أن هذا المثل شديد الفجاجة ولكن قس على هذا درجات مختلفة من اظهار الملائكية ودرجات مختلفة من الشيطنة والانحلال.

ولأن الشىء بالشىء يذكر فإن بعض المواقع الإخبارية نشرت تصريحا لمارك زوكربيرج مؤسس شركة ميتا صحاجبة أشهر تطبيقات للتواصل الاجتماعى-فيسبوك وانستجرام ووات ساب وماسنجر- والذى قام بنصح المستخدمين ووعظهم بضرورة الاقتصاد فى استخدام تلك التطبيقات، مشيرا إلى أن شركته تساعد فى تحديد الوقت من خلال بعض الاعدادات إلى تعطى إشارة كلما تجاوز وقت الاستخدام مدة ما يستطيع المستخدم تحديدها بنفسه، قام أيضا بوصف التصفح Scrolling بلا هدف بأنه ضار جدا بالصحة النفسية والعقلية وأن التقنين هو الحل الوحيد.

وعلى الرغم من اتفاقى أن الإغراق مدمر وأن الامتناع التام مستحيل فإن التقنين بالفعل هو الحل، اضاف مارك زوكربيرج إشارة إلى كيف يعمل تطبيق الفيسبوك فى اظهار المنشورات التى يتم عليها أكبر عدد من التفاعلات وعلامات الاعجاب حيث يقوم بإظهارها وتفضيلها عن باقى المنشورات التى حصلت على علامات اعجاب أقل، ذلك بصورة عامة وفى  أنواع علامات الاعجاب ما عدا علامة الغضب Angry Reaction  حيث أشار إلى أنها لا تدخل فى حساب مدى أهمية المنشور بل يتم تجاهلها بالكامل معللا ذلك بأن هذا يساهم فى الحض من خطاب الغضب ومن انتشار المنشورات الغاضبة على تلك الشبكات وعلى الرغم من وجاهة الفكرة إلا أن تساؤلا آخر يطرح نفسه «ما هى باقى القواعد التى يعمل بها هذا التطبيق ولا تزال سرا من أسرار القائمين عليه».