الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل الإبداع فى خطر؟

هل الإبداع فى خطر؟

خلال الأيام القليلة الماضية تعرضنا لحالتين من حالات سرقة أعمال فنية لفنانين أجانب ونسبها إلى فنانين مصريين، وبدون الدخول فى تفاصيل ما حدث وأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية للإبداع الإنسانى بصفة عامة والأطر التشريعية والتنظيمية والاتفاقات الدولية التى تنظم هذا الأمر إلا أننا يجب أن نشير إلى أن هذا الأمر ليس بجديد، فسرقة إبداع الآخرين قضية تعرضنا لها منذ سنوات بعيدة، ربما لم يكن العالم منفتحا على بعضه البعض أمام الجماهير مثلما كان مفتوحا أمام قلة استطاعت أخذ تلك الإبداعات ونسبها إلى نفسها، الأمثلة كثيرة منها عدد لا بأس به من الألحان الموسيقية والأفلام السينمائية وعدد من الكتب والمؤلفات  أيضا، الأشكالية أن من فعل ذلك فى الماضى كانت شخصيات شهيرة لديها موهبة حقيقية ولكن ربما لم تكن بنفس التدفق الذى أوحت به كثرة الأعمال التى قاموا بتقديمها، أتذكر أن بعد اكتشاف بعض من تلك الوقائع أن انبرى عدد من جمهور تلك الشخصيات ما بين الإنكار التام أو محاولات تجميل الأمر ووصفه بأنه مجرد «اقتباس»، ولا أستطيع أن انكر أيضا أن بعضا من تلك الأعمال المسروقة كانت بالفعل أفضل بكثير من الأعمال الأصلية ولكن هذا لا يبرر بأى حال من الأحوال أن ما حدث هو جريمة يعاقب عليها القانون.



تلك الوقائع ليست مرتبطة بالفنون فقط بل تتعداها إلى سرقة الأبحاث العلمية وبراءات الاختراع والابتكارات والأجهزة والآلات وغيرها، إحدى الدول الكبرى بدأت من خلال نقل إبداعات الغير واعادة إنتاجه كما هو من خلال الهندسة العكسية وغيرها من أساليب التفكيك والتشريح ولكن كان هذا مجرد جزء صغير فى مشوار كبير انتقلت بعده إلى مرحلة تطوير ما هو قائم وصولا إلى مرحلة انتاج ابداعات خاصة بها.

عودة إلى الإبداعات الفنية فعلى سبيل المثال فى فنون الرسم والتصوير والتى استمرت بالأساليب التقليدية- لوحة وألوان أو تصوير ضوئى وفوتوغرافى- ثم انتقلت إلى مجال جديد يسمى بالفنون الرقمية والتى يتم الاستعاضة فيها عن الأدوات التقليدية باستخدام برمجيات على الحواسب الآلية تسمح للمبدع بإنتاج فنون رقمية بالكامل وهو ما أثار جدلا واسعا بين انصار المدرسة التقليدية والمدرسة الحديثة.

الإشكالية أصبحت أكثر تعقيدا-وأقل إبداعا- بعد دخول تقنيات الذكاء الاصطناعى على الخط فعلى سبيل المثال قامت شركة جوجل بتطوير تطبيق يعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعى يسمى Imagen  يقوم فيه المستخدم بكتابة ما يريد أن يراه فى الصورة أو اللوحة، حيث يقوم التطبيق من خلال قاعدة بيانات عملاقة تحتوى على ملايين من اللوحات والصور بإنتاج الصورة الجديدة فى ثوان معدودة.

وللأسف فإن التطبيق لا يزال غير متاح للعامة  لكن يمكن البحث عنه بهذا الاسم ليرى المستخدم عددا كبيرا من الأمثلة مثل أن تطلب منه صورة لكلب يقود دراجة ويرتدى نظارة شمس فى ميدان التايمز فى نيويورك أو صورة لحيوان الراكون يرتدى خوذة فضاء وينظر من الشباك ليلا.

وعلى الرغم من أن النتيجة النهائية مبهرة إلا أن هذا يلقى بظلاله على مستقبل الإبداع البشرى كما يثير قضايا مرتبطة بحقوق الملكية الفكرية للآلة.