الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الطريق الصعب

الطريق الصعب

أيما كانت وجهتك عندما تعتزم الخروج من منزلك ، وأيما كانت الصورة الكلية التى تسيطر على عقلك عن المجتمع الذى تعيش فيه؛ والتى كثيرًا ما تتأثر بما تعتنقه من عقيدة ؛ وثقافة ؛ وصورة ذهنية؛  فضلًا عن حالتك المزاجية والنفسية؛ ومدى تأثرك بالعقل الجمعى؛ وما تأمله بوجه عام عن المجتمع؛ وما تحمله من مقومات فطرية للدفاع عن نفسك ضد أى سلوك تحتسبه صورة من صور التعدى على ذاتك... فإنك فى كل الأحوال ستنظر للمجتمع من نافذتك الخاصة ،لأن الإنسان غالبًا ما يعيش محصورًا داخل صندوق أفكاره، فهو أسير لأوهام ومخاوف وعواطف تُخلق تدريجيًا ثم تنمو وتترسخ بداخله، هذه الأفكار هى القاعدة التى تنطلق منها سلوكه، فالسلوك هو المنتج النهائى لعملية عقلية بالغة التعقيد وهو سر اختلاف تعاملنا مع بعضنا البعض.



وما سبق مدخل لتساؤل مهم!، إذا كان المجتمع قد تشبع فى الآونة الأخيرة  بسلوكيات سلبية دخيلة عليه خرجت من نطاق الخفاء إلى الجهر والتباهى، فما الوسيلة المُثلى لتقويم هذه السلوكيات السلبية؟  الذى باتت مصدر أرق وامتعاض الكثير،  وخاصة أن البعض منا سقط فى تيه الخلط بين الصواب والخطأ وأصبح حكمه على الكثير من الأمور يكتنفها الالتباس أو الارتباك، والبعض الآخر آلف الخطأ متقبلًا والصواب عاصيًا،.. هل سنصبح فى ليلة وضحاها وقد تغيير كل شىء؛ وقد سادت القيم المصرية الأصيلة؛ وبات كل ما يناقضها منبوذا مذمومًا بيننا.. الإجابة بكل بساطة أن ذلك يعد ضربًا من ضروب الخيال.. فتغيير السلوك فى مجتمع ما لا يأتى أمرًا أو فرضًا أو فى ليلة وضحاها، ولكن هذه الخطوة تتطلب تأهيل المجتمع كله لتحقيق هذا الخطوة ، لأن السلوك ما هو إلا ناتج قوة داخلية فى الفرد نفسه وقوة خارجية للبيئة التى يعيش فيها.. فهذا التأهيل يتطلب طرق كل أبواب أنشطة المجتمع ، ففى نطاق الأسرة؛ ينبغى أن يَرسخ لدى الآباء والأمهات بأنهم المسئولون عن تنشئة وتعديل سلوك أبنائهم باعتبارهم نبتة إذا أحسنوا رعايتها ترعرعت فتصير شجرة مثمرة، وإذا لم يحسنوا رعايتها تصير شجرة شائكة، ومن ثم ينبغى مراقبة مشكلاتهم الانفعالية والسلوكية والوقوف على دوافعها حتى يتمكنوا من تعديلها، وذلك من خلال التواصل معهم ومع أقرانهم ومعلميهم، وتنمية سلوكهم العقلى القائم على التفكير والتخيل والتأمل، وكذا سلوكهم الاجتماعى القائم على التعاون والإيثار، وسلوكهم الخلقى القائم على الأمانة والصدق والإخلاص والتسامح؛ ونبذ الاستكبار والتعالى والتآمر على الآخرين والعجلة والتسرع والعناد والتهكم والسخرية ؛ واحترام العقائد والثقافات المختلفة ،وفى مجال الثقافة -التى تعد عاملًا أساسيًا وحيويًا لبناء وتنمية المجتمع - يجب أن نعزز فى المقام الأول هويتنا الثقافية؛ وننطلق للاطلاع على ثقافات الآخرين من خلال احترم رؤاهم واختلافهم، وفى مجال الفن يجب أن تقدم النماذج الجانح سلوكها على أنها نماذج مذمومة لا ينبغى اقتفاء أثرها أو حذو حذوها، وعلى خلاف ذلك تُقدم النماذج المأثورة على أنها محمودة جليلة، فالإنسان كثيرًا ما يكتسب سلوكه بطريقة لا شعورية من خلال اتصاله بالدراما، فتصدر منه سلوكيات لا يرى سببًا للقيام بها ولا يدرك أنه استقاها من الدراما، وفى مجال التعليم يجب أن نرتقى بالمتفوقين -عالمًا كان أو متعلمًا - بأن نعلى من شأنهم مرتبةً ومنزلةً وسناءً وتوقيرًا، كما ينبغى أن نسمو بالقيم المجتمعية والعادات والتقاليد الحميدة بطرق كل الأبواب التى بها يتحقق هذا الغرض.