متحف الموت

لا يتوقف الأمريكان عن الخروج بتقاليع جديدة ومبتكرة كل يوم، بداية تعرفنا على النمط الامريكى فى الحياة والتسويق والفن وغيرها أصابنا بالكثير من الدهشة من أمور كثيرة رصدها كل من قام بالسفر الى هناك ونقلها البعض وكتبها البعض الآخر فى مقالات أو كتب، كل هذا جعلنا نطلق على هذا المجتمع أنه مجتمع التقاليع بلا منازع، وفى الحقيقة أن مستوى الدهشة تضاءل مع الوقت، ربما بفعل المزيد من الانفتاح وربما أيضا بفعل ارتفاع نسبة تشرب وسيطرة هذا النمط على دول العالم المختلفة.

كنا نسمع عن سلع وخدمات يتم تقديمها مجانا للجمهور، مثل بعض الصحف وأدلة الاعلانات مثلا- و هو ما وصل الينا بعد ذلك بسنوات- أو التخفيضات الكبيرة فى مواسم الاعياد أو وجود ساعة سعيدة Happy Hour يتم خفض الاسعار فيها للزبائن الموجودين بالمتاجر أو عروض محال الطعام لتأكل كما يحلو لك Eat As Much As You Can أو إمكانية إعادة ملء أكواب الشراب عدد لا نهائى من المرات Re-Fill وغيرها من وسائل الجذب المختلفة.

عرفنا أيضا المسابقات والمهرجانات والمعارض والمزادات الغريبة، كأن تجد أحدهم قد اشترى غلافا لعلبة من البسكويت أكلها أحد افراد فريق البيتلز خلال إحدى الحفلات وألقى بها الى الجمهور.

من خصائص هذا الشعب ايضا الاهتمام بالحجم والارتفاع وهو ما يظهر جليا فى البنايات ووجبات الغذاء وغيرها، كما أن خصائص هذا الشعب الذى تحول الى الاهتمام بالإثارة والتشويق بدرجة كبيرة جعلته لا يهتم كثيرا بلعبة كرة القدم –اللعبة الشعبية الاولى فى العالم كله-لأن احتمالية أن يقضى الجمهور 90 دقيقة- وأحيانا 120 دقيقة- بدون إحراز أى أهداف على الاطلاق وهو أمر غير مستساغ لديهم وهو ما دفعهم للاهتمام بلعبات أخرى أكثر إثارة مثل كرة السلة وكرة القدم الامريكية.

من التقاليع الحديثة والتى بدأت بمعرض وفكرة بسيطة عام 1995 هو إنشاء متحف اطلق عليه «متحف الموت» Museum of Death تم افتتاح فرع جديد له فى نيواورلينز عام 2014 على مساحة 12 الف متر مربع بغرض أن يجعل الناس سعداء لأنهم مازالوا أحياء. يحتوى المتحف على عدد كبير من وسائل الموت أو الاعدام كالكرسى الكهربائى كما يحتوى على عدد من الاكفان والحيوانات المحنطة، كما يحتوى على عدد كبير من صور الحوادث والقتل والدهس وصور لجثث مشوهة من داخل المشرحة كما تحتوى على بعض الجماجم وعدد من الخطابات المتبادلة بين عدد من القتلة المحترفين وبين ضحاياهم وعدد كبير من متعلقات حالة انتحار جماعى حدث فى كاليفورنيا عام 1997 توفى فيها 39 شخصا وعرفت باسم بوابة الجنة.

بالطبع لا تزال للثقافة الامريكية خصوصية تختلف كثيرا عن ثقافتنا فى الشرق لكن فكرة وجود متاحف نوعية مختلفة عن فكرة المتاحف التقليدية العالقة والمستقرة فى الاذهان والتفكير لا تزال فكرة أراها جديدة بالمزيد من الدراسة خصوصا فى ظل التنوع الكبير الذى نشهده على كافة الاصعدة وعلى مر العصور.