الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اختفاء التواصل الاجتماعى 2/2

اختفاء التواصل الاجتماعى 2/2

بعد انتهاء عمل جميع تطبيقات التواصل الاجتماعى نتيجة أحكام قضائية وتصفية الشركات القائمة عليها لم يعد لدى من وسيلة للتواصل إلا الاتصال التليفونى المباشر والرسائل النصية القديمة, وهو ما أعادنى إلى ذكريات نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين أى قبل ظهور تلك الشبكات.



شعرت بالحاجة إلى المزيد من التواصل مع الأصدقاء ولكن للأسف لم أجد أرقامًا تليفونية مسجلة على هاتفى, وهو ما دفعنى لمحاولة تذكر من هؤلاء الأصدقاء, كان صديقًا مشتركًا مع آخرين من الأصدقاء الذين احتفظ بأرقام تليفوناتهم, وهو ما دفعنى إلى الاتصال بهم واحدًا تلو الآخر, وخلال تلك الفترة أتتنى العديد من الاتصالات التليفونية من أصدقاء آخرين ربما فكروا بنفس الأسلوب لكى يتمكنوا من استكمال بيانات قائمة الأصدقاء بمن ينقصهم، وهو أمر قد استغرق عددًا كبيرًا من الساعات بين مكالمات مطولة استمعت فيها إلى العديد من القصص المأساوية ومن الشكوى مما حدث سواء على المستوى الشخصى أو على المستوى المهنى, فعدد لا بأس به من الأصدقاء كان يستخدم شبكات التواصل الاجتماعى كذراع تسويقية وأداة لبيع بعض السلع والخدمات.

بعد هذه المهمة الشاقة لم أستطع الوصول إلا لعدد محدود جدًا من أرقام التليفونات مقارنة بالعدد الأصلى للأصدقاء الذين ربما لن أستطيع التواصل معهم مرة أخرى. بعد إتمام المهمة حاولت الاتصال بهم ومحاولة الترتيب لكيفية التواصل مرة أخرى وللأسف لم نجد إلا أن نلتقى معًا فى مقهى أو مطعم أو فى النادى أو أى مكان عام, وهو ما قمت على مدار يومين بتحقيقه بعد عدد كبير جدًا من الاتصالات التليفونية, ولكن عندما أتى الميعاد المحدد لم أجد أكثر من 20% من الأصدقاء حاضرًا فيما غاب الآخرون بلا عذر أو اتصال.

فى هذا اللقاء لم نتحدث كثيرًا، ربما لأننا لا نعرف بعضنا البعض على المستوى الشخصى المباشر كما كانت علاقاتنا الافتراضية لسنوات قبل هذا، بل الأعجب أن هيئة الكثير منهم لم تكن كما كنت أتخيل، سرى نفس هذا الاختلاف على أصواتهم وأسلوبهم وملابسهم وثقافاتهم و أخلاقهم أيضًا وهو ما دفعنى إلى انتهاز فرصة أنهم قد بدأوا فى الأحاديث الثنائية لأترك المكان عازمًا على عدم تكرار التجربة.

فى المساء جلست وحيدًا أتصفح بعض المواقع الإلكترونية والأخبار العاجلة، منتظرًا إلغاء تلك الأحكام، استمريت أتابع ذلك يوميًا لمدة أسبوع قبل أن أجد خبرًا عاجلًا عن إحدى الشركات الجديدة التى تعلن عن اعتزامها تطوير تطبيق جديد للتواصل الاجتماعى وتطلب عشرة آلاف جنيه كجدية حجز، فالتطبيق الجديد لن يكون مجانيًا ولن يستطيع استيعاب كل هذه الأعداد وأن الشركة المطورة ستقوم بعمل قرعة لاختيار المستخدمين ومن لن يحالفه الحظ لن يستطيع استرداد مبلغ الحجز، قبل أن أفكر وجدت خبرًا جديدًا عن إغلاق باب التقدم بعد وصول أعداد المتقدمين إلى 3 مليارات شخص فى غضون 6 ساعات.

حاولت أن أبحث عن أى صديق ذي منصب عله يستطيع تزكيتى لتسجيل بياناتى ودفع المبلغ المطلوب، ما هى إلا دقائق حيث وجدتنى أستيقظ مرة أخرى, فكان أول ما فعلته أن أمسكت بهاتفى مرة أخرى وياللسعادة، لقد وجدت إشعارات جديدة ورسائل من الأصدقاء فتمتمت قائلًا: «خير اللهم اجعله خير».