الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رئيس الوزراء خلال المؤتمر الاقتصادى: الخسائر نتيجة عدم الاستقرار السياسى والأعمال الإرهابية على مدار السنوات الماضية قدرت بـ 477 مليار دولار

فى مستهل فعاليات اليوم الأول للمؤتمر، وخلال الجلسة الافتتاحية، قدم د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، عرضًا تحت عنوان (الاقتصاد المصرى فى أربعين عامًا.. وماذا بعد؟) استهله بكلمة أوضح فيها أن هذا المؤتمر يأتى فى خضم أزمة عالمية، لم تشهدها دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن المتابع للتطورات العالمية الراهنة، يرى أن كل حكومات الدول المتقدمة، والقوية اقتصاديًا، وكذلك البلدان الناشئة، تصارع للنجاة وضمان استقرار بلادها، ومصر ليست بمنأى عن هذه الظروف، حيث صُنفت من جانب كل المؤسسات الدولية كواحدة من الدول التى كانت أكثر تأثرًا بهذه الأزمة العالمية الكبرى.



ولفت إلى أنه انطلاقًا من إدراك القيادة السياسية لأهمية أن نضع معًا خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصرى يشارك فى وضعها إلى جانب الحكومة، الخبراء والمتخصصون ومجتمع رجال الأعمال والأحزاب السياسية، جاء تكليف الرئيس للحكومة بتنظيم هذا المؤتمر لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصرى، والخروج بخارطة طريق واضحة لهذا الاقتصاد خلال الفترة القادمة، منوهًا إلى أن هذه الخارطة لابد أن تشمل جزءين: الأول التعافى من الأزمة العالمية قصيرة الأجل، والثانى صياغة حلول لبعض المشاكل المزمنة لدينا تتطلب التحرك على المديين المتوسط وطويل الأجل.

وأشار إلى أن الحكومة، منذ بداية الأزمة ومن قبل حدوثها، تحرص على متابعة ما يُكتب عن مصر فى الداخل والخارج، وكذا رصد مواقع التواصل الاجتماعي، للتعرف على آراء المصريين، والاستماع إلى وجهات نظر الخبراء عبر البرامج الحوارية، موضحًا أن بعض هذه الآراء اتضح أنه غير مبنى على معرفة دقيقة لواقع وأحوال الاقتصاد المصري، ولا تستند إلى الأرقام الحقيقية التى تعكس واقع هذا الاقتصاد، بحيث يتردد على مواقع التواصل الاجتماعى أن مصر مثلًا تواجه أسوأ أزمة قد تمر بها، مع رصد تخوف من الشباب والمواطنين حرصًا من جانبهم على بلدهم.

ولفت إلى أنه لهذا السبب حرصت الحكومة خلال هذه الجلسة الافتتاحية، على عرض تحليل واستقراء لوضع الاقتصاد المصرى على مدار الأربعين عامًا الماضية، إدراكًا من جانبها، أنه من أجل التحرك بخارطة طريق نحو المستقبل، فمن المهم أن نعرف كيف كنا؟ وأين نحن الآن؟ كى نبنى حلولا للمستقبل مبنية على قاعدة بيانات حقيقية، وواقع نعرفه، وتحديات نتوافق عليها جميعًا، مضيفًا أنه برصد الـ 40 عامًا الماضية، وجدنا أن هذا المؤتمر الاقتصادى الذى دعا إليه الرئيس السيسى، هو المؤتمر الاقتصادى الرابع على مدار تلك الأعوام، لافتًا إلى وجوب تحليل مخرجات هذه المؤتمرات الاقتصادية، لتشريح وضع الاقتصاد المصري، ومعرفة أين وصلنا بعد كل مؤتمر، لكى نضمن الخروج من المؤتمر الحالى بتوصيات واقعية، نثق جميعًا أنها قابلة للتنفيذ.

وأكد «مدبولى»، أهمية تحليل مخرجات مؤتمرين من المؤتمرات الأربعة، باعتبارهما مهمين جدًا لمصر، الأول هو «المؤتمر الاقتصادى الكبير» عام 1982، والثانى «مؤتمر مصر المستقبل» عام 2015، مشيرًا إلى أن سر اختيار هذين المؤتمرين، أن كليهما تم عقده بينما مصر فى خضم ظروف استثنائية جدًا، ففى مؤتمر عام 1982 كانت مصر تشهد فترات ما بعد الحرب ونصر أكتوبر، بينما الدولة المصرية تواجه اقتصادا مُثقلا بمشكلات هائلة فى هذه الفترة، حيث حدثت توجهات اقتصادية معينة على رأسها سياسة الانفتاح الاقتصادي، كما وقعت بعض الأزمات السياسية التى انتهت باغتيال الرئيس الراحل السادات وتولى الرئيس الراحل مبارك زمام الأمر.

وأضاف أنه فيما يخص مؤتمر عام 2015، فقد كانت الدولة كذلك قد انتهت للتو من أزمات سياسية شديدة العنف على مدار الأعوام من عام 2011 إلى 2013، مع موجة إرهاب لم تشهدها مصر من قبل، وكانت الدولة فى هذا التوقيت قد بدأت أولى خطوات الاستقرار السياسي، ولذا كانت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى لهذا المؤتمر، لكى يناقش أوضاع الاقتصاد المصرى وكيف ننمو به.

واستعرض مدبولى كيف كانت مصر فى توقيت عقد هذين المؤتمرين، وما المخرجات التى تم التوصل اليها من خلالهما، حيث عرض جانبًا من الصور التى تم الحصول عليها من أرشيف جريدة الأهرام، والتى تعكس أزمات كانت تواجه عدة قطاعات فى الدولة خاصة الخدمية خلال الفترة من عام 1978 إلى عام 1981، منها صور لوضع منظومة النقل الجماعي، والسكة الحديد، والمستشفيات، والمدارس، والمرافق، وطوابير الجمعيات الاستهلاكية، ووضع الصرف الصحى فى الشوارع الراقية والبسيطة والذى كان يواجه مشكلات فى كليهما، لافتًا إلى أن مصر دولة شابة، أكثر من 60% من شبابها أعمارهم 40 سنة أو أقل، ولذا فالعديد من الأزمات التى عاشتها مصر فى خضم سنوات المؤتمر الاقتصادى عام 1982 لم يعاصرها الكثير من الشباب.

وأوضح أن كل هذه الأوضاع دعت الرئيس الراحل مبارك إلى طلب عقد مؤتمر اقتصادى كبير، ودعوة للحوار وإبداء الرأى، وشهد المؤتمر مشاركة 40 خبيرًا اقتصاديًا، بينهم شخصيات عظيمة أثرت فى تاريخ مصر وتولت مناصب قيادية، والذين تواجدوا فى هذا التوقيت وشاركوا فى المؤتمر، كخبراء اقتصاديين، حيث عقد المؤتمر على مدار 3 أيام من 12 إلى 14 فبراير 1982، وكان العنوان الرئيسى: «الخبراء يضعون روشتة لمشاكل مصر الاقتصادية»، وهدفه كان مناقشة الوضع الراهن للمشكلة، ووسائل تصحيح المسار الاقتصادي، ووضع استراتيجية للتنمية للمرحلة المقبلة، منوهًا إلى أن هذا المؤتمر له وثائق شديدة الأهمية تحلل الاقتصاد المصرى بالتفصيل، وحددت 10 تحديات رئيسية تواجهها مصر والاقتصاد المصري، ويجب استعراضها لمعرفة التحديات المستمرة معنا حتى الآن. 

وأشار إلى أن المشكلة الأولى التى تناولها مؤتمر عام 1982، كانت قضية «الانفجار السكاني»، وكان العنوان حينها أن زيادة السكان بالمعدل الحالى وقتها، ستبتلع كل الموارد وخطط التنمية، وأنه لا يمكن رفع مستوى معيشة الأسرة إلا بالتنظيم، لافتًا إلى أن عدد سكانها وقتها كان 44 مليون نسمة، بينما بلغ اليوم بعد مرور 40 سنة كاملة، إلى 104 ملايين نسمة، بزيادة 60 مليونًا.

وانتقل مدبولى إلى ملف آخر وهو الدعم، وسعر الصرف المتقلب، لافتًا إلى أن المؤتمر الاقتصادى طالب وقتها بحرية التعامل بالنقد الأجنبي، فى الوقت الذى كانت كل مخصصات الدعم لا تتجاوز المليار ونصف مليار جنيه.

وتحدث رئيس الوزراء عن علاج عجز الموازنة التى كانت تشهد عجزا شديدا، وكانت توصيات المؤتمر حينها تستهدف الإصلاح المالي، وأنه لابد من حل عجز الموازنة وتدبير النقد الأجنبي، وكانت نسبة الدين الخارجى للناتج المحلى الإجمالى فى هذا الوقت تتجاوز نسبة الـ 100%، وشرح مدبولى مصطلح الناتج المحلى الإجمالى حتى يتفهم المواطن البسيط هذا المفهوم، قائلا: يعبر هذا المصطلح عن جملة ما ينتجه الاقتصاد فى عام، مستكملا حديثه بالإشارة إلى أن الدين الخارجى حينها أكبر من حجم الاقتصاد ككل.

 ثم انتقل إلى نقطة أخرى أثيرت فى هذا المؤتمر تحت عنوان: هل يمكن التصنيع للتصدير؟ شارحًا الوضع آنذاك بأن قيمة العجز فى الميزان التجارى (الفرق بين الصادرات والواردات) تبلغ 2.5 مليار جنيه، وكان الحديث عن الحاجة إلى دعم قطاع الصناعة، حيث كان نصيب هذا القطاع من الناتج المحلى الإجمالى منخفضا، وأن الآراء اتجهت إلى ضرورة العمل على زيادته.

وحول «تغيير النمط الاستهلاكي» تحدث رئيس الوزراء عن سياسة الانفتاح الاقتصادى التى كان المقصود منها هو زيادة جذب الاستثمارات، وأن يدخل القطاع الخاص إلى قطاعات إنتاجية، لكن نتيجة الظروف التى كانت تمر بها الدولة تحول نمط الانفتاح إلى نمط استهلاكي، وبالطبع كان التركيز على استيراد السلع الاستهلاكية وسلع رفاهية، ولم يكن هناك تركيز على القطاعات الإنتاجية، وبالتالى كانت الخطورة التى أشار إليها المؤتمر أن الاستهلاك القومى تزايد ثلاث مرات بمعدل نمو سنوى 20%.

وفيما يخص التضخم، أوضح مدبولى أن حجم التضخم فى ذلك الوقت كان قد وصل إلى 20% فى العام 1980-1981، كما ظهرت الحاجة لتوفير فرص العمل لاستيعاب الزيادة السكانية التى تدخل إلى سوق العمل سنويا، حيث كان المطلوب حينها توفير 400 ألف فرصة سنويا مقارنة بالوقت الحالى الذى يتطلب ما يزيد على مليون فرصة عمل سنويا لاستيعاب شبابنا، وكان هناك حلم فى تلك الآونة أن تصل الاستثمارات الكلية (وهى جملة استثمارات الحكومة مع القطاع الخاص) إلى 6 مليارات جنيه لكى يتم توفير 400 ألف فرصة عمل، وكان هذا هو المستهدف فى المؤتمر الاقتصادى وقتها.

وانتقل إلى ملف آخر تناوله المؤتمر الاقتصادى وهو القطاع العام ودور القطاع الخاص، مشيرا إلى أن القطاع العام الذى أصبح فيما بعد قطاع الأعمال العام يتبعه 372 شركة تعانى من مشكلات عديدة، وأن هناك ضرورة لتقوية دور القطاع الخاص لكى يقوم بدور أكبر فى الاقتصاد، منوهًا بأن المؤتمر خرج بالعديد من التوصيات وكانت جميعها أفكارًا جيدة، إلا أنه بعد 18 يوما فقط من انتهاء هذا المؤتمر، سطر الأديب العالمى نجيب محفوظ مقالا فى جريدة الأهرام تحت عنوان (من الجاني؟) قال فيه «إن أمهات الأفكار التى انبثقت من المؤتمر لم تكن جديدة.. ولا أقول ذلك تهوينا من عمل المؤتمر؛ فقد شخص الداء فأحسن تشخيصا واقترح شتى العلاجات.. وأتساءل إذا كان الداء معروفًا.. فكيف تُرك دون علاج؟»..

وعقب د. مصطفى مدبولى على ذلك بالإشارة إلى أنه يمكننا تشخيص الداء ويمكننا كذلك اقتراح الدواء، ولكن يظل التحدى فى قدرتنا على تنفيذ هذا العلاج.. هل الدولة لديها الإرادة والقدرة على تنفيذ هذا العلاج أم لا، ويرى رئيس الوزراء أن الكاتب كان ينتقد ضمنيا الأوضاع السابقة، مفترضا أننا إذا اقتبسنا هذه المقولة لأديبنا لنطبقها على مخرجات المؤتمر الاقتصادى 1982، وكيف استجابت الحكومات المتعاقبة فى الفترة 1982 – 2011 لمحاولة معالجة الخلل القائم حينذاك فى الدولة المصرية، ولذا فقد قمنا باختيار 10 مؤشرات رئيسية.

ثم انتقل د. مدبولى للمؤشر الثانى وهو الناتج المحلى الإجمالي، حيث كان المؤتمر يرى أن الناتج المحلى لا يفى بالاحتياجات المتزايدة للمواطنين، ما يتطلب إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام والخاص وزيادة معدلات الإنتاج، حيث كان هناك ضرورة أن ينمو الإنتاج والاقتصاد الوطنى بمعدلات أسرع ليتوافق مع الزيادة السكانية، إلا أنه نتيجة للظروف التى مرت بها الدولة وعدم توفير الاستثمارات الكافية لينمو اقتصادنا كانت النتيجة أن متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى على مدار 20 سنة 4.4%، رغم أن بعض السنوات حدث بها طفرات وصل فيها المعدل إلى 7.5% و7.2%، إلا أن المتوسط على مدار الـ 20 سنة يبلغ 4.4%، وبالمقارنة مع الدول المثيلة التى يُطلق عليها الدول متوسطة الدخل، وجدنا أن تلك الدول فى نفس الفترة كانت تنمو بمتوسط 5%، بما يعنى أن مصر كانت أقل من تلك الدول فى معدل النمو.

 ثم انتقل رئيس الوزراء إلى المؤشر الثالث وهو ما ذكره المؤتمر الاقتصادى 82 عن تلبية وإشباع احتياجات المواطنين، التى تعد الهدف النهائى للجهد التنموي، مشيرا إلى أن أية مشروعات تستهدف تلبية وتوفير الخدمات للمواطنين، كما أن تقدم المجتمع ـ اقتصاديًا واجتماعيًا ـ دائمًا ما يُقاس بمدى القدرة على إشباع هذه الحاجات، ونتيجة للظروف الاقتصادية وضعف الاستثمارات فى تلك الفترة، كان متوسط نصيب الفرد من الناتج، على مدار 20 سنة، تبلغ نحو 1360 دولارًا، بينما فى الدول المثيلة كان يمثل حوالى 1800 دولار.

وفيما يتعلق بالمؤشر الرابع، أشار مدبولى إلى أن مؤتمر 82 أكد عجز القطاعات الاقتصادية عن توفير فرص عمل كافية لامتصاص الزيادة السكانية فى سوق العمل، نتيجة أن الدولة لم تستطع توفير نصف مليون فرصة عمل جديدة سنويًا كما كان مُستهدفا؛ نتيجة الظروف الاقتصادية والنمو السكانى الهائل، وبالتالى كان متوسط معدل البطالة وصل إلى نحو 9.6 أو 10% خلال تلك الفترة، فى الوقت الذى بلغ فيه متوسط البطالة فى الدول المشابهة لظروفنا اقتصاديًا حوالى 4.9%.

أما فيما يخص المؤشر الخامس، فأوضح رئيس الوزراء أن حجم الاستثمارات الكلية التى كانت تنفقها الدولة المصرية فى عام 1991 كانت تبلع 8.9 مليار دولار، وفى 2011 بلغت 40 مليارا، لكن بالمقارنة مع الدول المشابهة مثل: تركيا وإندونيسيا وسنغافورة، وماليزيا، وفنزويلا، والأرجنتين، وجنوب إفريقيا، سنجد أن هناك فجوة واضحة بين مصر وتلك الدول، مشيرا إلى أنه نتيجة تلك الظروف استمرت الأوضاع التى رصدها مؤتمر 1982 بصورة أو بأخرى حتى عام 2011، من حيث مشكلات خدمة الصرف الصحى التى لم تكن تتجاوز نسبة 45%، وفى الريف كانت 12%، بالإضافة إلى مشكلة التكدس المروري، وانقطاع الكهرباء، وأسطوانات البوتاجاز، ونقص الخبز والوقود، وظاهرة العشوائيات التى استفحلت فى تلك الفترة.

 ثم تحدث رئيس الوزراء عن المؤشر السادس المتمثل فى ثبات وتيرة الاستثمارات الموجهة للقطاع الصناعي، موضحا أن المشكلة الحقيقية لهذا القطاع أن الاستثمارات الموجهة إليه ظلت لفترة طويلة للغاية، وتحديدًا حتى عام 2011، لا تزيد على 6 مليارات جنيه سنويًا، وحدثت قفزة حقيقية فى السنوات القليلة الماضية حينما بدأ القطاع الخاص يشارك ببعض المشروعات فى عملية الصناعة جنبًا إلى جنبٍ مع الدولة، ولكن بصفة عامة تراجع نصيب قطاع الصناعة من الاستثمارات المنفذة فى تلك الفترة من 22% إلى 10% خلال هذه الفترة. وحول تفاقم مشكلة الإسكان المتمثلة فى المؤشر السابع، أشار رئيس الوزراء إلى أن مؤتمر 1982 نوّه إلى أن سبب تفاقم هذه المشكلة يرجع إلى أن الإسكان الشعبى لم يحظ بنصيبه من الاهتمام، وبالتالى تبنت الدولة بعض البرامج للإسكان القومي، ولكن رغم ذلك ظل حجم الإسكان المنتج لا يكفى لتلبية الاحتياجات، وهو ما أدى إلى استمرار مشكلة المناطق غير الآمنة والعشوائية غير المخططة، والتى أصبحت تمثل ما بين 50 إلى 60% فى المدن، بالإضافة إلى إشكالية التعدى على الأراضى الزراعية التى فقدت الدولة نتيجتها عشرات الآلاف من الأفدنة.

وفيما يخص خطة الاستصلاح الزراعي، أوضح مدبولى أن المؤشر الثامن كان يتحدد فى هذا العنصر، حيث أشار مؤتمر 1982 إلى أن الإنتاج القومى فى الزراعة يعجز عن توفير الاحتياجات، وبالتالى ستحتاج مصر إلى خطة استصلاح لا تقل سنويًا عن 150 ألف فدان، وأوضح مدبولى أن الدولة قامت بجهد كبير فى هذا الوقت، لكن لم تستطع استصلاح سوى 77 ألف فدان فقط كمتوسط. 

وتمثل المؤشر التاسع فى الخدمات الاجتماعية ( التعليم – الصحة)، وفى هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى أن المؤتمر الاقتصادى 82 نوه إلى ارتفاع معدلات الأمية بسبب عدم كفاية حجم الإنفاق المخصص للتعليم، وفيما يتعلق بالخدمات الصحية المحددة فى هذا المؤشر نقل عن تقرير منظمة الصحة العالمية، الصادر عام 2015، أن مصر لديها أعلى معدل من الإصابة بفيروس «سي»، حيث يقدر أن 14.7% من السكان يحملون الفيروس، بالإضافة إلى ما يصل إلى 10 آلاف إصابة جديدة تحدث كل عام.

كما أوضح أن الظروف الاقتصادية فى مصر كانت تفرض على الحكومات تبنى «الحلول الشبيهة بالمسكنات»؛ وذلك بسبب طبيعة المجتمع التى غالبًا ما تكون غير متقبلة لبعض الحلول الصعبة والجذرية، وذكر مثالا على ذلك بالإجراء الذى اتخذته الدولة لإعادة هيكلة الدعم فى عام 1971، ورد فعل المواطنين فى ذلك الوقت الذى جعل أمن الدولة والحفاظ على مقدراتها أولوية، مستدركا بقوله: «هل هذا كاف لإنقاذ الدولة وبنائها؟».

وفى هذا الصدد، أوضح د. مصطفى مدبولى أن الخسائر المصرية نتيجة عدم الاستقرار السياسى والأعمال الإرهابية التى شهدتها مصر على مدار السنوات الماضية قدرت بنحو 477 مليار دولار، ووصلت خسائر قطاع السياحة إلى 32%، ووصل متوسط معدل البطالة إلى 13%، كما تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى 2.2%، ويشير ذلك إلى انخفاض المؤشرات الاقتصادية بصورة كبيرة نتيجة الظروف التى مرت بها مصر، على صعيد ارتفاع عجز الموازنة، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي، وغيرهما. 

وفى السياق نفسه، أوضح رئيس الوزراء أن مصر، خلال الفترة بين فبراير 2011 إلى مايو 2013، انخفض تصنيفها الائتمانى 6 مرات.