الأربعاء 9 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الشتاء برىء من الاكتئاب.. اسألوا أشعة الشمس

ما السر وراء اكتئاب الشتاء؟ ولماذا يصيب البعض ولا يصيب  الآخر؟، من مؤهل أكثر لاكتئاب الشتاء؟، ولماذا يصيب النساء أكثر؟، وهل فعلا الشتاء مسئول عن زيادة الشهية والنهم فى الطعام، أم أن الشتاء برىء من زيادة الوزن براءة الذئب من دم ابن يعقوب؟ بل على  النقيض يعد الشتاء فصل خسارة الوزن والحرق العالى؟ وكيف يمكننا  مواجهة  اكتئاب الشتاء وتحويل الشتاء لفصل البهجة والجمال والإنجاز؟ 



تقول دكتورة منى حمدي، استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسرى، إنه بعيدًا عن تصنيف حالة اعتلال المزاج بالشتاء كأحد الاضطرابات العاطفية الموسمية، وبعيدًا عن المبالغة فى خطورته وتعدد مسمياته ما بين اكتئاب الشتاء أو اضطراب الشتاء العاطفى أو الاكتئاب الموسمى ورغم خطأ وعدم دقة تلك المسميات لتلك الحالة الطارئة الوقتية والتى تسمى بكآبة الشتاء  winter blues والتى تتسم باعتلال المزاج وتستمر فقط فى فصل الشتاء لفترة محدودة مما لا يجعلها ترقى لمصطلح الاكتئاب كمرض له مواصفات وأعراض معينة ومدة حتى يطلق عليه اكتئاب، فإن السر وراء كآبة الشتاء هو الشمس ومفتاح اللغز هو الضوء فغياب ضوء الشمس أو تغيمه بالشتاء وكذلك انخفاض طاقة وحرارة وضوء الشمس الواصل للإنسان يؤثر على كمية النواقل العصبية المسئولة عن اعتدال المزاج والتى يلعب ضوء الشمس وفيتامين D الذى تحفزه أشعة الشمس دورًا كبيرًا وأساسيًا فيه، ثم يأتى قتامة لون السماء واصطباغها فى أغلب الأيام باللون الرمادى وغياب اللون السماوى الأزرق ذى الأثر على مزاج ونفسية الإنسان وكفاءة عمل الجهاز العصبى الهرمونى سر آخر.

 وأوضحت أن هناك بعض الفئات مؤهلين لكآبة الشتاء عن غيرهم، وهم ذوو الموروث الجينى للاكتئاب وأصحاب الشخصية الحدية ومن يمتلكون ساعة بيولوجية معكوسة، فالأشخاص الذين ينامون بالنهار ويستيقظون بالليل، فساعة الجسم المعطلة  وعكس الساعة البيولوجية الطبيعية  تلعب أيضًا دورًا إذا كانت غير متزامنة مع ضوء النهار، ما يؤدى إلى متلازمة الخمول  والإجهاد والكآبة بالشتاء لانحصار ساعات النهار وطول ساعات الليل والظلام وغياب الضوء المحفز لهرمونات اعتدال المزاج، كما يميل لكآبة الشتاء ذوى النمط اليومى الفارغ الذى يخلو يومهم من العمل والًنجاز والرياضة ويقتصر على البقاء بالمنزل والبقاء تحت الأغطية دون نشاط مبررين بأنه بسبب البرد رغم أنه ثبت علميا أن البرودة الشديدة تصيب الجسم الخامل الساكن بينما الحركة والنشاط تعمل على تدفئة الجسم.

ولفتت د.منى إلى أن أبناء العشرينات والمراهقين مؤهلين أكثر لكآبة الشتاء بسبب الاضطرابات الهرمونية والمزاجية المصاحبة لهذه المرحلة العمرية وكذلك بسبب إقبالهم الشديد على الوجبات السريعة والاكلات السريعة والسناك غير الصحى التى تكاد تمثل ٨٠ إلى ٩٠ % من غذائهم فى هذه الأجيال، فقد أثبتت الدراسات أن استهلاك المراهقين لهذه النوعية من الطعام غير الصحى يزيد من فرص إصابتهم بالاكتئاب بصفة عامة وكآبة الشتاء بصفة خاصة فمستويات الصوديوم العالية وانخفاض البوتاسيوم فى طعامهم وكميات المواد الحافظة والدهون المهدرجة والنشويات التى تم معاملتها بالقلى فى الزيت كل هذا يزيد نسبة الإصابة  يالاكتئاب رغم المتعة والسعادة التى تحفزها النشويات والمقليات الموجودة بالوجبات والسناك السريع، وما يصاحب ذلك من افتقار النظام الغذائى للخضروات والفاكهة والفيتامينات والمعادن اللازمة للجسم وعلى رأسهم فيتامين d والبوتاسيوم  الذى يسبب نقصهم الاكتئاب. 

وأكدت استشارى الصحة النفسية أن المرأة كذلك معرضة للاكتئاب بصفة عامة وكآبة الشتاء بصفة خاصة اكثر من الرجال بسبب التقلّبات الهرمونيّة الملازمة للمرأة اثناء الدورة الشهرية، والحمل، والولادة أو الإجهاض، أو العقم أو انقطاع الطمث، إذ يميل جسم المرأة لإفراز هرمون التوتر (الكورتيزول) لمواجهة التقلبات الهرمونية وخفض الضغط النفسى مما يدخلها فى حالة اعتلال مزاج وكآبة وحزن بعكس جسم الرّجل، حيث تكبح الاندورجينات هرمون التوتر فلا يصاب بالاكتئاب ولا بالكآبة الموسمية. كما أن الضغوط الحياتية والاجتماعية وتعدد المهام مع تدفق الكورتيزول هرمون التوتر والاجهاد والذبذبة فى مستويات هرمون الأنوثة الاستروجين، والطبيعة العاطفية لدى المرأة ورهافة مشاعرها وقابليتها للانجراح كل هذا يؤهلها للاصابة بالاكتئاب أكثر من الرجال وخاصة ان كان لديها الاستعداد الجينى وسمات الشخصية الحدية.

  وأوضحت أنه يظهر هنا اضطراب نهم الطعام أو اضطراب الأكل العاطفى فى محاولة للمصاب بكآبة الشتاء لمقاومة المزاج السيئ وانخفاض الطاقة حيث يعمل الطعام كبديل محفز لهرمونات السعادة فنجد الجميع يقبل فى الشتاء على الأكلات النشوية والسكرية لما لها من تأثير سريع وفورى فى تحفيز إفراز السيرتونين والدوبامين هرمونى السعادة وبزوال  تأثيرهم المؤقت يعاود لطلب المزيد من دفقات الدوبامين وشعور التلذذ والمتعة الذى يخفض الكآبة ويظل يدور فى نفس الدورة لمقاومة الاكتئاب فالأكل عرض من أعراض كآبة الشتاء وليس بسبب الرغبة فى التدفئة، الشتاء لا يزيد الشهية لكن الشهية تعمل كمضاد الاكتئاب دون وعى.  

وقالت إنه يكون قصر النهار وطول الليل فرصة ليوم أقصر بلا سهر وأكل ليلى لكن لمن يسير يومه بشكل طبيعى لإنسان يستيقظ مبكرًا يستقبل ضوء الشمس ليفعل العلاج بالضوء، كأحد أهم علاجات الاكتئاب ويذهب لعمله ينجز فيفرز دومباين هرمون الإنجاز والمكافأة، ويقابل بشر يتواصل اجتماعيا وإنسانيا وهو أحد مضادات الاكتئاب ويمارس الرياضة وهى محفزة هرمونات السعادة ومنشطة الدورة الدموية وبالتالى التدفئة، وكذلك يتعامل مع الطبيعة، لافتة إلى أن كل هذه علاجات طبيعية للاكتئاب العام والكآبة الموسمية والأهم التغذية الصحية السليمة وخاصة أطعمة  السعادة الموز والشيكولاتة الداكنة والمكسرات والأسماك والبحريات والفواكة الحمضية كالبرتقال واليوسفى وفواكة الشتاء التى خصصها الله للشتاء لطبيعتها المعالجة لمصاحبات الشتاء من برد وخمول وكآبة وترك الطعام غير الصحى والدهون غير الصحية والأكل بكميات مناسبة فلا إفراط ولا تفريط.